هل تعود سوريا للحرب كما يريد بشار الأسد؟

هل تعود سوريا للحرب كما يريد بشار الأسد؟


عندما ارتفع منسوب الطوفان على امرأة النبي نوح التي صعدت الجبل ليقيها الغرق، اضطرت لاحقاً أن تدوس ظهر ابنها علّها تنجو من الغرق كما تقول الرواية، واليوم بشار الأسد يعيد فعلتها إنما بأسلوب آخر.

رواية النظام التي لا تٌقنع أصغر فكر تكتيكي أو عسكري يعلم خصوصيات وتفاصيل عمل وسائط الدفاع الجوي وعمل الطائرات، ومع ذلك أرادت وزارة دفاع الأسد أن تحشو برؤوسنا ورؤوس أتباعها أن تفجير الكلية الحربية الذي ذهب ضحيته مئات القتلى والإصابات، هو من صنع (الجماعات الإرهابية المدعومة من دول خارجية والإشارة لتركيا وقطر)، لكن هذا النظام البائس بتصريحاته وبياناته فشل هذه المرة بتصدير روايته المناقضة لأبسط العلوم العسكرية، وكان أول من فنّد كذب النظام ورفض روايته هم العلويون في الساحل بدلالة ما تناقلته صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي التي وجهت الاتهام مباشرة لإيران.

فكيف لطائرة (درون) أن تنتقل لأكثر من 100 كم من مناطق الساحل المحررة, أو إدلب وأريافها، أو أرياف حلب (حيث المجموعات الإرهابية كما تقول رواية النظام)، وتقطع كل تلك المسافة في منطقة تعج بوسائط ومنظومات الدفاع الجوي الروسية والأسدية، وتتجاوز كل محطات الكشف الرادارية ووسائط الاستطلاع والمراقبة اللاسلكية والإلكترونية، دون أن يتم التقاطها، ومع ذلك يريدنا نظام الأسد أن نصدق أن جبهة النصرة أو فصائل المعارضة تغلبت على كل تقنيات الكشف والتتبع والمراقبة الروسية ووصلت لساحة الكلية الحربية وارتكبت فعلتها.

غباء نظام الأسد يريدنا أن نصدق أيضاً أن المنطقة الوسطى في محيط حماه وحمص وعلى مقربة من منطقة مسؤولية قاعدة حميميم، قد تجاوزتها الطائرة المسيّرة (الشبح) التي قصفت الكلية الحربية دون أن تلحظها أو تكشفها وتقوم بإسقاطها أو التحذير منها، ثم يخرج علينا إعلام أسد لينقل بينات غبية أخرى موجهاً فيها الاتهامات لفصائل المعارضة ومتناسياً أن إسرائيل تقصفه بمعدل مرة بالأسبوع على الأقل وأحياناً أكثر، ومع ذلك يرفض توجيه الاتهام للطيران الإسرائيلي، أو حتى لتنظيم داعش.

بالتأكيد عملية الهجوم المميت على حفل تخرج ضباط الكلية الحربية في حمص لا علاقة فيه لإسرائيل ولا لتنظيم داعش ولا لـ قسد ولا لفصائل المعارضة ولا لتنظيم الجولاني حتى، بل هي مدبّرة ومخطّطة ومنفّذة من قبل استخبارات الأسد بالتعاون والتشارك الكامل مع ميليشيات الحرس الثوري الإيراني وذلك لعدة أسباب:

بداية يشعر نظام الأسد واستخباراته بالغضب الشديد والمخيف مما يحصل في جبل العرب، وعجزه أمام الحماية الخارجية التي يتمتع بها أفراد هذا الجبل الشامخ من جهات إقليمية ودولية، وهذا ما برز بوضوح من خلال الاتصالات السياسية الخارجية التي تلقّاها الشيخ حكمت الهجري، وخوف النظام مزدوج بما يحصل بساحات السويداء، إضافة لإمكانية أن يكرّر جبل العرب قيادته لثورة سورية كبرى كما حصل مع الفرنسيين على يد البطل سلطان باشا الأطرش، فهناك إمكانية انتقال عدوى الانتفاضة للساحل المتحفّز، أو لدمشق المترقّبة، وكذلك لحلب الجاثمة على برميل بارود قابل للاشتعال بأي لحظة، والساحل هو المرشّح الأكثر احتمالاً للحاق بحراك السويداء، خاصة بعد أن خرجت أصوات عدة من أبناء الساحل تُبرز غضبها من كذب النظام، وتخليه عن تقديم أبسط مقومات الحياة للناس، وتغييب الخدمات الأساسية التي تقدمها أبسط دول بالعالم اتجاه شعبها، إضافة لانتشار السرقات وشيوع عدم الاستقرار وفقدان الأمن في ربوع المناطق التي يحتلها نظام أسد.

أيضاً نظام الأسد فُجع بتوقف لجنة التواصل العربية المنبثقة عن القمة العربي الأخيرة في جدة بالمملكة العربية السعودية التي ربطت أي عودة للتواصل مع دمشق بمدى التجاوب بملفات أساسية طالب بها العرب نظام دمشق، وتخص تأمين البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، ووقف إنتاج وترويج وتهريب الكبتاغون، وإطلاق سراح المعتقلين، إضافة لحتمية تعامل نظام أسد بجدية بما يخص تطبيق القرار 2254 لتأمين حل سياسي يُرضي الشعب السوري، وبنصيحة إيرانية رفض بشار الأسد التجاوب مع الطلبات العربية واعتبرها على لسان وزير خارجيته فيصل المقداد أنها تمس السيادة الوطنية (كما قال)، وأيضاً أخبرت إيران بشار الأسد أن أي تجاوب وتنفيذ أي من مطالب العرب يعني وضع سوريا على سكة الحل السياسي الذي ستكون نهايته خلع الأسد وطرد إيران وميليشياتها وحزب الله من سوريا، وبالتالي ومع انصياع بشار الأسد للنصيحة الإيرانية، توقفت عملية التطبيع العربي، وتوقفت معها مليارات الدولارات التي كان يُعول عليها بإنقاذ اقتصاده المنهار بعد رفض كلٍّ من إيران وروسيا تقديم أي مساعدات مالية أو مواد إغاثية لنظام الأسد.

في الأسباب التي تدفع نظام أسد للقيام بتلك العملية الإجرامية في ساحة الكلية الحربية بحي الوعر غربي مدينة حمص، أن محكمة العدل الدولية في لاهاي هي على موعد بتاريخ (10_11) من الشهر الجاري لبدء محاكمة نظام الأسد بتهمة الإرهاب، وبقيامه بتلك العملية الإجرامية بحق الضباط الخريجين وأهاليهم (ومعظمهم من الساحل) أرادت استخبارات الأسد والحرس الثوري الإيراني إيصال رسالتين بوقت واحد:

الأولى للمجتمع الدولي وللجامعة العربية ولجنة التواصل العربية، بأن جيش الأسد وأمن الأسد منشغل تلك الفترة بمحاربة الإرهاب (المفترض أسدياً) وعليكم وقف محاكمة لاهاي، ووقف الطلبات العربية والالتفات لدعم نظام دمشق بحربه على الإرهاب (المفتعل أسدياً).

الثانية وهي رسالة مغمسة بدماء الضباط الخريجين وأهاليهم ومعظمهم من الساحل لتقول لهم: توقّفوا عن مطالباتكم بالخدمات وزيادة الرواتب وتحسين الظروف المعيشية وتعالوا لتمسكوا بأرجل كرسي السلطة الذي بدأ يهتز وقد يسقط بأي لحظة، وأن النظام منصرف لمحاربة الإرهاب المزعوم ولا وقت لديه لتحسين ظروف معيشية أو تقديم أي خدمات للناس.

جريمة الكلية الحربية في حمص تتشابه تماماً مع طريقة وأسلوب ودوافع الجريمة التي ارتكبها الحرس الثوري الإيراني بمشاركة استخبارات الأسد ضد أفراد مجموعة خلية الأزمة عام 2012 التي كانت بطريقها للتجاوب مع الطلبات العربية والغربية، فكان القرار بنسف خلية الأزمة والتخلص من معظم أفرادها حتى لو كان العماد أصف شوكت (صهر بشار الأسد) من بين من تمت تصفيته بالتفجير، لكن بعد إبلاغ البعض بضرورة التغيب مثل اللواء جميل حسن رئيس المخابرات الجوية واللواء ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة واللواء علي مملوك وغيرهم.

تفجير الكلية الحربية والجريمة التي ارتكبت تثبت وتؤكد مرة أخرى أن إجرام بشار الأسد لا حدود له، وأنه مستعد أن يقصف القرداحة ويدمر الساحل، بل ومستعد أن يقتل شقيقه اللواء ماهر الأسد مقابل البقاء بكرسي السلطة، وأن بشار الأسد اليوم وبنصائح إيرانية يريد إعادة جريان شلالات الدماء في سوريا، ويريد العودة لجعل سوريا ساحات حرب حتى لو تشرّد وقُتل من تبقى من شعب في مناطق النظام, وتلك هي حقائق يُدركها أصغر مواطن سوري لكنها لا تزال عصية على الفهم لدى من لم يُدركها أو لا يريد أن يُدركها من الأساس، فهل يتحرك أصحاب القرار لوقف هذا المجرم وفتح نافذة أمل لـ24 مليون سوري للعودة للحياة؟

التعليقات (2)

    مقال مأخوذ خيره

    ·منذ 6 أشهر أسبوعين
    المسيرات ضربت دول من موسكو الى لندن ولماذا النظام يقتل حاضنته لديه الف سبب وسبب ليدبر مايريد يالمحقق كونان رجعت لخلية الازمه ونسيت شيء لم تذكر الصين كمان

    ساخط سوري

    ·منذ 6 أشهر أسبوعين
    احفاد شخصية تنتج تحاليل من جورة الصرف الصحي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات