فرصة للانتقام أكثر

فرصة للانتقام أكثر

يقول المثل العربي القديم الجديد "ربّ ضارة نافعة"، ويقول المتنبي في إحدى قصائده: بذا قضت الأيام ما بين أهلها.. مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ

من هنا يمكننا فهم فائدة نظام أسد من معركة طوفان الأقصى التي فجرتها حركة حماس، والكتائب المقاتلة الأخرى في الأرض المحتلة وتحديداً غزة يوم السابع من أكتوبر /تشرين الأول، حيث أقدمت الفصائل الفلسطينية على مهاجمة حزام غزة بطريقة مبتكرة عبر طائرات شراعية، حيث استطاعت الوصول إلى عمق المستوطنات والفرق العسكرية الإسرائيلية ومفاجأة العدو الصهيوني في عقر تحصيناته، فقتلت وأسرت عدداً من جنوده إضافة إلى عدد من الرهائن المدنيين من مواطني الكيان المحتل.

وعلى إثر هذه العملية الهجومية المبتكرة والناجحة في الوقت ذاته، قامت الدنيا ولم تقعد، فقد جنّد الإعلام الغربي كل آلته الإعلامية لدعم إسرائيل وتبرير ردّها الهمجي الوحشي على سكان غزة المدنيين بهدف تهجيرهم تمهيداً لدخول غزة برياً والقضاء على حماس.

وفي هذا الوقت الذي انشغل العالم كله بغزة وما يحدث فيها من مجازر على يد إسرائيل، يقوم نظام أسد وحليفه المجرم الروسي باغتنام هذه الفرصة الذهبية بالنسبة إليهما، لقصف إدلب وجبل الزاوية المسيطر عليهما من قوى الجيش الوطني الحر والفصائل الأخرى المعارضة، ليقتلا يومياً العشرات ويدمّرا البيوت على رؤوس ساكنيها تماماً كما تفعل إسرائيل في غزة، إنما الفرق هو أن الإعلام كله يتابع أحداث غزة ساعة بساعة، وقد غفل عن غيرها، فاغتنم نظام الأسد هذه الفرصة لينتقم أكثر ويضرب دون رقيب المناطق الخارجة عن سيطرته.

وقد حدث في هذه الأيام أن قامت إسرائيل بقصف مطاري حلب ودمشق وأخرجهما عن الخدمة، فكان ردّ نظام أسد بأن قصف إدلب وجبل الزاوية وقتل العشرات، فهل حدث في التاريخ أن نظاماً حاكماً يُهاجَم من قوة خارجية عدوّة له وهو عاش حياته يعتاش على معاداته لها، فيكون رده على هذه القوة الخارجية بقتل العشرات من شعبه؟!

لقد استطاع نظام أسد اغتنام فرصة انشغال العالم بغزة وما يحدث فيها من جرائم إبادة جماعية على يد إسرائيل، فزاد من عدد هجماته وقصفه لإدلب إلى درجة أن ذلك القصف صار يحدث يومياً تقريباً، أضف إلى ذلك أنه أي نظام الأسد وقف عاجزاً أمام حراك السويداء الذي زادت وتيرته خلال فترة وجيزة وصار يهدد بانتقال عدواه إلى مناطق أخرى أكثر حساسية مثل منطقة الساحل معقله وحاضنته الشعبية لنظام أسد، الأمر الذي دفعه وبتوجيه من المحتل الإيراني لارتكاب مجزرة بحق أبناء طائفته من الضباط المتخرجين الجدد في الكلية الحربية، فقتل العشرات وجرح المئات منهم؛ ليصرف نظر الساحل عن التفكير بالخروج ضده، لكن ذلك تم كشفه من قبل أهل الساحل، ولم تنطلِ عليهم المؤامرة، فكان ذلك مطبّاً كبيراً أوقع النظام نفسه فيه، فجاءت أحداث غزة طوق نجاة له من حبلٍ راح يزيد الخناق عليه شيئاً فشيئاً، فتنفس الصعداء وانفرجت أساريره.  

ولعلنا لا نذهب بعيداً أن ما يحدث هو أمرٌ مبيّت ومتفق عليه مسبقاً، فقد صرّح أحد مسؤولي حماس بأنهم كانوا ينسقون مع إيران وحزب الله اللبناني في موضوع معركة طوفان الأقصى، وأن الاتفاق كان ينصّ على فتح كل الجبهات بمجرّد أن تطلق كتائب القسام الشرارة الأولى، وبذلك تكون المعركة معركة تحرير لا معركة تحريك، إلا أنهم فوجئوا "أي قيادات حماس" من صمت الجانب الإيراني ومعه حزب الله، وعدم دخولهم المعركة، ما جعل هذه القيادات تشعر بالخذلان، وأنها تعرّضت لمؤامرة بل لخيانة كبرى.

أقول لعلنا لا نذهب بعيداً إذا تصوّرنا أن ما يقوم به نظام أسد في إدلب في غفلة عن أنظار العالم المنشغل بغزة، هو متفق عليه مع قادة إيران وحلفائها؛ ذلك أن هذه الفرصة لا يمكن تعويضها إذا ما ضُيّعت، فالعالم مشغول بأحداث غزة، وعلينا ضرب المعارضة بيد من حديد في هذه الفترة دون رقيب أو محاسب، خاصة أن الإعلام سيكون مشغولاً بما يحدث في غزة. وما دام الدم السائل في غزة وفي إدلب سنّيّاً، فلا مشكلة، بل هو من دواعي سرور ملالي إيران وقادتها.

أخيراً وليس آخراً علينا ألا نغفل عن حقيقة مرة تجرّعناها نحن السوريين عبر اثنتي عشرة سنة، وهي أن نظام أسد لم يكن في يومٍ من الأيام نظام حكمٍ لدولة لها كيانها وموقعها بين الدول، بل كان وما زال عصابة تختبئ وراء مسمّى الدولة، ولذلك ليس غريباً ما فعلته من قبل وما تفعله الآن، فالمنطق الذي تنتهجه هو منطق عصابات المافيا، وليس منطق مؤسسات الدول الرسمية.     

التعليقات (2)

    ابو عادل

    ·منذ 5 أشهر أسبوعين
    استمرار دعم هذا الحيوان بشار الاسد من الجامعة العربية وانظمتها المتخاذله واستضافته بالقمم والاجتماعات هو استفزاز ومس مهين لمشاعر السوريين.

    اليسر

    ·منذ 5 أشهر أسبوعين
    هام الى من يرى ان النظام له قيمة او كرامة لدى اي مجتمع ورغم ظهور قرد الجبل في بعض المناسبات الا انه لظهار ان سورية بخير لكن ليس هذا الواقع... ونحن من خارج سوريه نرى ان كل رمشة عين لكل عربي ومسلم شريف يرى ان النظام متهالك وساقط من سنين ... الحدث الجديد ان بعض الذي يحاولون تلميع صورة النظام واتباعه يرسلون اعلانات بنقل جمهور قرود قاسيون مجانا مسافة الف كم تقريبا ليظهرو على الشاشة ان فريق القرود لديهم مشجعين وهذا منشور على صفحات فيسبوك
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات