إسرائيل: الاعتراف الأخطر!

إسرائيل: الاعتراف الأخطر!

بعد العدوان الإسرائيلي الغاشم على الأراضي السورية، وتدمير بعض فرق الموت التي تقتل السوريين، اختلف كثير من المعارضين في تقييمهم لهذا العدوان الذي اعتبر البعض أنه عدوانٌ هدفه تدمير ما تبقى من الترسانة السورية، وذهب البعض باتجاه أن هذه الضربة تأتي في سياق مساندة الأسد الابن ضد قوات الجيش الحر أمام الرأي المحلي والعربي، وكان هناك من اعتبرها كسراَ لذراع النظام العسكرية بغية وقف قتل الشعب السوري، وهو جزء من التحرك الدولي الذي وضع خطوطه الحمراء أوباما حين تحدث عن الاحتمالات المفتوحة لحل الازمة السورية، إلا أن إسرائيل أعلنت أن هذه الضربة جاءت لمنع نقل صواريخ وأسلحة لحزب الله اللبناني وليست موجهة للنظام السوري، يعتبر هذا التصريح الاعتراف الأخطر على مدى أربعين عاماً من الصراع الوهمي، الذي أنهك فيه الشعب السوري من التسليح، إلى الخطب التاريخية .

ولعل أهم تداعيات هذه الضربة الإسرائيلية ما أعلن عنه عبر وسائل إعلام النظام، والإعلام الموالي له عن تأسيس مقاومة شعبية في الجولان، على غرار المقاومة اللبنانية - أي حزب الله- الذي دعم هذه المبادرة على لسان حسن نصر الله الأمين العام للحزب، الذي اعتبر أن تشكيل مثل هذه المقاومة في الجولان هدفه الوقوف في وجه العدو الاسرائيلي، والولايات المتحدة وعملائها في الداخل السوري، و لعل إعلان نصر الله أنه هنالك أسلحة نوعية سيستلمها الحزب من سورية وهي أنواع لم يحصل عليها من قبل، أعتقد أنها لرفع معنويات مقاتلي الحزب على خطوط القتال في القصير التي كسرت حدود الدولة العلوية- كما يراها النظام- من جهة، ومن جهة أخرى هي رسالة للمجتمع الدولي للتنبيه من خطورة الوضع على الجبهة السورية، للمسارعة في تأييد خفي لهذه المقاومة مما يدفع باتجاه قرار دولي أممي .

السؤال المشروع هنا: لماذا بعد أربعين عاماً من الهدوء التام على جبهة الجولان أقر تشكيل مقاومة شعبية، و بعد مرور أكثر من عامين على الثورة السورية ؟؟

نظام الأسد الابن يريد أن يؤسس حزب الله السوري كما فعل الأسد الأب في لبنان، والهدف هو أن يكون هذا الحزب، أو ما يسمى المقاومة الشعبية هي القوة ذات الولاء المطلق لنظام اكتشف أن الموالين له انفضوا عنه عند أول تهديد لمصالحهم الشخصية، فانسحب إلى الطائفة التي يعتبرها الدرع الحامي له، وهذا هو مفهوم اللجان الشعبية- أي الشبيحة- الذين استباحوا البلاد والعباد، فكما فعل حزب الله في يوم 7 ايار2007 واحتلال بيروت بمليشياته المسلحة، ستكون هذه المقاومة هي اليد الضاربة في مواجهة أي تحرك شعبي سوري .

أعتقد أن تداعيات المقاومة الشعبية في الجولان لن تختلف كثيرا عما فعله حزب الله في جنوب لبنان، ومن صناعة الأعداء الى تحرير محسوب بدقة عالية ..

عندما انتهت الحرب اللبنانية، وبدأ الصراع المزعوم بين حزب الله و جيش لبنان الجنوبي بقيادة "جورج لحد" آنذاك، كان هذا الصراع بمثابة إضفاء شرعية لميلشيات مسلحة هدفها حماية لبنان وتحييد الجيش اللبناني، واستطاع الحزب ببعض المناورات الحصول على هذه الشرعية التي تكرست بـ"قانا الأولى" والانسحاب الإسرائيلي المفاجئ من جنوب لبنان، ما عدا مزارع شبعا المختلف على ملكيتها إسرائيلياً بين سورية و لبنان، وأعتقد ان عدم الانسحاب من مزارع شبعا إنما هدفه بقاء هذا السلاح بين أيدي حزب الله لمخطط مدروس سيحدث في تموز 2006 من خلال حرب أعطت نصراً تكتيكياً للحزب على القوات الإسرائيلية، والهدف من هذه الحرب كلها هو القرار 1701، الذي يجعل منطقة جنوب لبنان حتى نهر الليطاني منزوعة السلاح حتى من الجيش اللبناني، عدا بعض الوحدات ذات التسليح الخفيف، ووضع قوات "يونيفيل" لفك الاشتباك، كل ذلك يجعل خط الجبهة بين لبنان و إسرائيل يتجاوز 25 كم في الأراضي اللبنانية- أي المساحة التي انسحبت منها القوات الاسرائيلية مع جيش لبنان الجنوبي أخذتها إسرائيل بحماية لبنانية من حزب الله، و قرار دولي أممي لوقف اي تحرك من باقي القوى اللبنانية- الهدف من ذلك هو التفاوض مع إسرائيل على ترسيم حدود خط النار تحت رعاية الأمم المتحدة و إبقائها منطقة نزاع مسلح، ولا أدلّ على ذلك من هدوء هذه الجبهة تماماً بعد نهاية حرب تموز 2006 .

أعتقد أن سيناريو المقاومة الشعبية في الجولان يريد أن يحاكي حزب الله، والهدف هو قرار دولي أممي مطابق للقرار ،1701 الهدف منه منع أي فصيل سوري من فكرة تحرير الجولان، لأن الدول الكبرى ترى أن لابد من السلام على هذه الجبهة، وإسرائيل لا تهمها كثيراً اتفاقية سلام مع سورية إن كان هذا القرار سيحميها من تداعيات أي حرب محتملة ضدها .

المقاومة الشعبية التي ينوي الأسد الابن تشكيلها هي مصلحة إسرائيلية أولاً وأخيراً، خصوصاً بعد أن وصل الجيش الحر إلى مشارف الجولان المحتل، ولم يجدِ إقرار إسرائيل لبناء جدار فاصل على طول الجبهة نفعاً، ولم يقلص من محاولات بعض فصائل الجيش الحر في التفكير في تحرير الجولان عسكرياً، بعد تحرير سورية من النظام الأسدي المجرم .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات