الائتلاف الوطني ودور الناشط الإعلامي!

الائتلاف الوطني ودور الناشط الإعلامي!
مع البدء بالترويج للضربة العسكرية الأمريكية للنظام السوري بعد استخدام النظام للسلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطتين بدمشق، المجزرة التي راح ضحيتها 1429 شهيداً، حسب الإحصاءات التي أعلن عنها جون كيري في مؤتمره الصحفي الذي أكد فيه أنه هنالك أدلة واضحة على استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري في الغوطتين، واعتبر كيري أن الأسد الابن هو مجرم حرب، وما قام به، ما هو إلا جريمة ضد الإنسانية يجب أن يعاقب عليها.

مع البدء بالترويج للهجوم العسكري ضد نظام الأسد، بدأت ردود الأفعال تتوالى بشكل محموم، ومن طرفي الصراع، سواء أكان على المستوى الإقليمي، أو على المستوى الدولي تدين الهجمة البربرية بالسلاح الكيماوي ضد مدنيين، معظمهم من الأطفال، وهم نيام. مما حدا بالجار اللدود تركيا أن تعلن أنها ستكون في أي تحالف يضرب القوة العسكرية للنظام السوري رداً على المجزرة، التي قالت عنها أنقرة أنها جريمة ضد الإنسانية، وترقى إلى جريمة حرب.

أما بريطانيا، التي كانت من أوائل مؤيدي الجيش الحر، ومن أهم مروجي فكرة تسليح المعارضة المسلحة- و طبعاً إعلامياً فقط- بسبب الخوف من وصول السلاح للأيدي الخاطئة، أدانت الهجوم الكيماوي، وأعلنت أنها ستكون ضمن معاقبي الأسد، إلا أن إحالة الملف إلى البرلمان البريطاني، الهدف منها هو تهرب الحكومة البريطانية من مسؤولياتها الأخلاقية، لأنها كانت على يقين برفض البرلمان .

فرنسا، صاحبة الصوت الأعلى في مسألة التحالف الدولي لمعاقبة نظام الأسد، أحالت أيضاً الموضوع إلى البرلمان الفرنسي للتشاور، رغم أن الدستور الفرنسي يعطي تفويضاً للرئيس الفرنسي بإعلان الحرب ضد أي دولة، بصفته القائد الأعلى للقوات الفرنسية، وذهب "هولاند" إلى أكثر من ذلك، أن فرنسا لن تدخل في الهجوم دون تحالف دولي، رغم أنها تدخلت في مالي بمفردها!

مؤيدو النظام السوري، كانت أصواتهم أقل حدة في تبرير الهجوم الكيماوي، التي اعتبرت روسيا أن الدول الغربية استبقت التحقيق الذي يقوم به الفريق الأممي الذي وصل عشية الهجوم الكيماوي على الغوطتين، ودخل إلى الغوطة بعد خمسة أيام من المجزرة، بعد محاولة بربرية من النظام لطمس أدلة المجزرة بقصف عنيف جداً على معضمية الشام وجوبر، إلا أن روسيا أعلنت أنها لن تدخل في حرب مع أي طرف.

اعتبرت إيران أن أي استخدام للسلاح الكيماوي مرفوض، مع التأكيد أن الإرهابيين والمتطرفين – حسب زعمهم – هم من أطلق هذه الصواريخ ذات الرؤوس الكيميائية، وأعلنت دعمها للنظام السوري، واعتبرت أن الهجوم على سورية سيحول المنطقة إلى برميل من البارود!

رغم كل هذه التجاذبات والتصريحات من دول القرار العالمي، أو دول إقليمية ذات مصلحة مباشرة في الهجوم العسكري ضد نظام الأسد، نرى الائتلاف لا يحرك ساكناً في موضوع إقناع الشعوب العالمية لتأييد حكوماتها التي قررت الضربة العسكرية، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، لتحصل على تفويض شعبي لهذا التحرك أو تحريك الرأي الشعبي، والضغط على الحكومات المترددة كما حصل في بريطانيا، ورفض البرلمان البريطاني فكرة التدخل العسكري عبر ضربات منتقاة ضد نظام الأسد، أو إيصال الصوت إلى الشعوب الغربية، لاستنكار موقف حكوماتها التي رفضت التدخل، مثل ألمانيا.

لعل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة و المعارضة كان أمام فكرتين أساسيتين..

- الأولى: أن المجتمع الدولي سيتحرك رغماً عن أنفه، لأن مثل هذه الجرائم لا يجب السكوت عنها، وبالتالي يجب معاقبة نظام الأسد على استخدامه للسلاح الكيماوي، رغم أن إعلانه عدداً من المدن السورية مدناً منكوبة لم يغير في المعادلة على الأرض، ولم يتعد أن يكون هذا الإعلان عن بيانات إدانة، و كأن المجازر تحدث في بلد آخر.

- أما الثانية : أن ما يقوم به الائتلاف من خطوات، وحشد دولي ضد نظام الأسد، لا يفيد في تغيير المعادلة، لأن أعضاء الائتلاف هم على يقين كامل أن الائتلاف ليس إلا صورة باهتة للتدخلات الإقليمية والدولية بغية تمرير مصالح هذه الدول، والحصول على اتفاقات متعددة على أكتاف الشعب السوري..

على الرغم من أن الائتلاف هو الجسد الأكبر للمعارضة السورية، إلا أن الخلافات بين كتله، وداخل هذا الجسد تجعله هشاً، ومشلول الحركة في تفادي أي انتقاد يوجه له، وخصوصاً في المواقف الكبرى، فنرى أن كل التصريحات المتناقضة داخل الائتلاف تصب في مصالح الدول الداعمة لكل كتلة، وهموم الشعب السوري هي آخر همهم، وكان آخرها كلمة لرئيس الائتلاف أحمد العاصي الجربا أمام مجلس الوزراء العرب، التي لم تزد حرفاً عما قاله الوزير السعودي سعود الفيصل، لدرجة أنها وصلت حدّ الغباء والتسطيح في طرح المأساة السورية، وكأنه وليد المعلم و لكن في الضفة الأخرى..

أما مؤيدو نظام الأسد الذين ينتشرون كخلايا نائمة في كل الدول الأوربية، استطاعوا أن يقنعوا الشعوب الغربية على أن التطرف هو من أوصل سورية إلى هذا الدمار والخراب، و أن ما يقوم به النظام هو جزء من الحرب على الإرهاب التي بدأت في افغانستان، ولم تنته في سورية.

وتشهد المدن الغربية والأمريكية مظاهرات مؤيدة للأسد، و لم نر أي فاعلية للائتلاف في حشد الرأي العالمي، ولم نشهد أي مظاهرة أو تشكيل رأي عام ضد نظام الأسد، أو استمالة الإعلام الغربي في نشر صور مجرزة الكيماوي، التي تعتبر أكبر وأخطر مجزرة في القرن 21 واكتفى بالبيانات البكائية!

مع كل هذا التحرك الدولي، واعتراض البعض، وموافقة البعض الآخر، يبقى الائتلاف خارج هذه المنظومة الدولية في تقرير أي شيء تجاه سورية، واكتفى أعضاء الائتلاف بتسريب بعض الأخبار كأي ناشط إعلامي يعمل لدى كتيبة من الجيش الحر، يأمر ببث خبر ربما المراد منه إضعاف هذا الناشط، والاستغناء عنه فور وصفه بالغباء السياسي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات