شخوص النظام حينما تعلن هيستيريا الأسد.. بثينة شعبان نموذجاً

تؤكد صفحات مؤيدة للنظام الأسد أن البوارج الأمريكية في المتوسط تتعرض لحصار من قبل المقاتلات الجوية السورية، بل وإن إغراقها في المياه قاب قوسين أو أدنى، بينما لا يخشى البعض من أي ضربة خارجية على مواقع سورية ما دام سرب من الكاميكازي وآلاف الانتحاريين جاهزون لرد العدوان!!.

يمكن لخبر سوريالي بسيط أن يجمع تحته آلاف المعلقين والمؤكدين لصحته، فاستهداف بارجة أمريكية بصاروخ سوري تجد من يعطيه تفاصيل هذا الاستهداف وحيثيات وحتى إحداثيات العملية، وعندما يكتب شبيح مراهق "نحن بانتظار الضربة" تجد مئات ممن ينتظرون معه، وممن يرون في جيشهم الذي قضى حوالي ثلاث سنوات في إبادة الشعب السوري وتدمير المدن والأرياف جاهزاً للعملية الكبرى، وغير محبط بتراخي القيادة الروسية الحليفة وعودة إيران أدراجها بعيداً عن أية حرب.

وتفتح تلك السيناريوهات الخيالية على الفيسبوك وسواه أبواب العلانية المفرطة والمواجهة المباشرة مع العالم في القنوات التلفزيونية، لنرى محللاً سياسياً جزائرياً باسم "يحيى أبو زكريا" يتكلم علناً على الفضائية السورية عن جاهزية الجيش السوري للرد، متراوحاً بين الشتائم على أوباما ومتهماً إياه بالتخلي عن شعبه الأسود وداعياً ديفيد كاميرون للسفر إلى الكاميرون ليتم أكله من قبل آكلي لحوم البشر، ومترجماً اسم بندر بن سلطان عن اللغة الهندية بأنه يعني "القرد" ليصل في نهاية الحوار إلى حالة جنون وعته استثنائية ويضيع بين المصطلحات والتوصيفات والتحليل السياسي الهيستيري.

وعلى صفحات الغارديان يصرح ضابط سوري بما لا يمكنه هو نفسه تخيله فيتحدث عن استعداد 8 آلاف مقاتل على الأقل لشن هجمات انتحارية على غرار هجمات "الكاميكازي الياباني" وأن هناك 13 طياراً مقاتلاً وقعوا على تعهد لتشكيل طاقم من الانتحاريين لمواجهة أسطول الطيران الحربي الأمريكي، ويقول بالحرف "إذا قامت الجيوش الأمريكية والبريطانية بإطلاق صاروخ واحد، سنطلق ثلاثة أو أربعة وإذا أغارت طائراتهم علينا فستواجه نيران الجحيم في سمائنا".

 جنون دبلوماسي "رسمي"

تصدرت مستشارة الأسد السياسي بثينة شعبان قائمة الفصام وفقدان التركيز والعبث السياسي في تصريحاتها منذ أيام على قناة "sky news" حينما قالت بان الكيماوي استخدم ضد أطفال من اللاذقية قام مسلحون بخطفهم من قراهم واقتيادهم إلى الغوطة الشرقية لإبادتهم بالسارين، ووصفت ذلك بالحقيقة التي يعرفها الجميع!!.. التصريح كان بمثابة إعلان تنازل مطلق لدى الدبلوماسية السورية عن المنطق وإقال تامة للعقل عن الخطاب السياسي الرسمي، بل وتجازت بما قالته مجمل تصريحات وليد المعلم ومحوه للدول عن الخرائط وعقده شبكة علاقات سياسية بين أطراف مختلفة بطريقة عشوائية مضحكة، بل وتجاوزت كل ما قيل عن مجزرة الكيماوي على لسان ناصر قنديل الذي وجد أن استخدام الكيماوي كان خطأً من قبل المعارضة المسلحة حيث أنه انتشر في الجو أثناء تعبئته فبدأ يفيض من الاسطوانات ويقتل الأطفال والنساء في الغوطة!!.

 فصام الشارع المؤيد

كان تصريح بثينة شعبان "التي تجيد اللغة الانكليزية بطلاقة وهو ما يعتبره شارع الأسد كفيلاً بأن تكون وزيرة خارجية أو إعلام أو مستشارة رئاسية"، بمثابة مبرر ضياع آخر للشارع الذي لم يعد يعرف ماذا سيردد، فالموقف اللحظي التي اتخذه بمجرد استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطتين كان الاحتفال الشعبي، واعتماد مقولة "الكيماوي يمثلني"، وما إن تبرئ النظام بوسائل إعلامه وألسنة مسؤوليه من استخدام الكيماوي، التزم جزء من الشارع بالتبعية المعتادة للقرار السياسي وبدؤوا يدافعون عن النظام بأنه متعقل وليس من الممكن أن يستخدم الكيماوي، ثم اتجه خلف الأصوات التي تتهم الجيش الحر باستخدامه، واستمرت حلقات الدبكة خاصة في شوارع الهدوء في اللاذقية وطرطوس غير مخفين الخوف من ردة فعل غربية هم مدركون في ذواتهم بأن نظامهم لن يصمد أمامها لساعات.. إلا أن حديث بثينة شعبان اليوم أجبرهم على التزام الحداد على أطفال قرى اللاذقية الذين تم اقتيادهم إلى الغوطة وإبادتهم بالسارين، وبدؤوا بالبحث عن الضحية ونشر الشائعات حول اختطاف طفل فلاني أو وإبادة أسرة معينة خارج جغرافية الساحل ما يؤكد لهم أن الإبادة تمت بالكيماوي على أيدي مسلحي الفضاء!!.

 مجلس الشعب.. تيار الوعي

يحاول مجلس الشعب تمثيل الحالة البرلمانية المنحازة إلى الشعب أكثر من الحكومة، بالتزامه بخطاب متزن بعيداً عن تراشق التهم، فيوجه رسالته إلى الكونغرس الأمريكي بخطاب "برلمان لبرلمان" ويناشده بعدم التصويت على توجيه ضربة عسكرية أمريكية للنظام، ويعتقد المجلس وهو بكامل قواه العقلية أنه يمثل حالة ديمقراطية يمكن أن تؤثر على حالة ديمقراطية مماثلة، ويتجنب المجلس هذه المرة جلسات التأييد المفرط ربما حياءً من أن يصفق بعض أعضائه لاستخدام الكيماوي، أو أن تقترح إحدى لجانه تعميم التجربة الكيماوية الرائدة على مختلف المحافظات، واعتماده كشعار للمرحلة القادمة إلى جانب مختلف الخطط الاقتصادية والاجتماعية التي أسهمت في تفكيك الدولة والمجتمع عبر عشرات السنين.