خلال هذا الزمن الدموي الطويل الذي تحولت فيه الحياة في سورية إلى الحياة البدائية، تم انعقاد عدد من اجتماعات دول أصدقاء الشعب السوري، وبلا فائدة مرجوة من هذه الاجتماعات!
فمازال القتل يحصد أكثر من ثلاثة آلاف مواطن سوري كل شهر، ومازال أعضاء الائتلاف السوري يجتمعون لإعادة التوسعة من أجل تقسيم جلد الدب قبل صيده، أو ربما قبل ولادته أصلاً، وبالرغم من كل هذه المجازر اليومية التي حصدت الآلاف من السوريين، لم يستطع هذا الائتلاف المعاق الوصول إلى المواطن الغربي لاستمالته في قضية الشعب السوري الذي يُذبح من قبل جيش وضعه الدستور بمثابة الحامي للشعب، واكتفى الائتلاف بالنواح والبكاء الذليل على أبواب العواصم التي تتعامل معهم كمندوبين لها لتصفية الحسابات مع الدول الأخرى.
في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة استطاعت بعض الدول أن تطرح القضية السورية لإدانة النظام السوري واعتبار أركانه مجرمي حرب، وإدانة التدخل الخارجي من قبل مقاتلي حزب الله في سوريا.
وتم عقد هذا الاجتماع في 17/2/2012 ، إذ صوتت على هذا القرار 137 دولة تؤيد القرار و 12 دولة رفضت القرار و 17 دولة امتنعت عن التصويت لعدم قناعتها بحجج الطرفين، و لكنه كشف عن حالة العقم التي تعيشها هذه المعارضة التي لم تتمكن من كسب التأييد الدولي، أو على أقل تقدير من أن تحافظ على ما وصلت إليه، لا بل خسرت ثلاثون دولة في الاجتماع الذي عقد في 15/3/2013 ،أي الذكرى الثانية للثورة، وكان القرار شبيهاً إلى حد بعيد بالقرار الأول، حيث صوت على القرار 107 دول تؤيد القرار (أي تراجع 30 دولة عن موافقتها) مع رفض 12 دولة للقرار، وهي الدول الداعمة للنظام المجرم، وهذا مبرر.
و لكن أن يرتفع عدد الدول التي امتنعت عن التصويت لعدم قناعتها، أو لأسباب أخرى، من 17 دولة إلى 59 دولة، وهو ما كشف عن عورة الائتلاف، وأثبت أنه غير قادر على إقناع العالم بقضية محقة جداً!
بالعودة لاستطلاع الرأي الذي قامت به رويترز مع معهد أبسوس، وما أفرزه من نتائج، وخصوصاً أنه أجري بعد مجزرة الكيماوي التي راح ضحيتها 1429شهيداً، حسب الإحصاء الأممي.
تصدمنا هذه النتائج التي لم يتمكن الائتلاف السوري المعارض من تغيير نتائجها من خلال شرح مقتضيات الثورة السورية، وما حصل في سورية من مجازر ضد الأطفال والنساء على مدى أيام الثورة، فقد رفض 52 % أي تدخل عسكري في سورية، أما في بريطانيا فقد رفض برلمانها التدخل في سورية, بسبب أن 56 % من البريطانيين يعارضون هذا التدخل، وفي فرنسا وأمريكا اللتان كانتا رأس الحربة في هذا التدخل أوضح الاستطلاع أن أكثر من النصف يعارض هذا التدخل، أما ما يثير السخرية أن دولة مثل الأرجنتين التي يسكنها عدد كبير من السوريين المهاجرين القدامى تكون نسبة المعارضين لأي تدخل عسكري من أجل إنقاذ السوريين فيها هي 68 %، أما المقتنعون أن نظام الأسد هو المسؤول المباشر عن الهجمات الكيماوية في الغوطتين في 21/8/2012 فلم تتجاوز نسبتهم 36 % و هناك 8 % مقتنعون بأن المعارضة المسلحة هي المسؤولة عن ضرب هجمات الكيماوي في الغوطتين.
لعل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لم ينجح في قيادة الثورة الشعبية التي نادت بإسقاط النظام المجرم، واكتفى فقط بإصدار بيانات الشجب والإدانة للمجازر اليومية، التي أصبح من الصعوبة بمكان إحصاؤها بشكل دقيق، ولعل الائتلاف وجد لنفسه مكاناً في إصدار بيانات الاستغاثة، وإعلان البلدات والمدن بالمنكوبة، وإصدار بيانات سقوط بعض المدن قبل سقوطها، وما يثير الإستغراب أن التوسعة الأخيرة التي أتت بكتلة ميشيل كيلو، الذي يعتبر نفسه رئيس الائتلاف الفعلي، لم تفلح حتى في إقناع أصدقائه الفرنسيين الذين أدخلوه مع كتلته إلى الائتلاف في طرح مشروع أممي أو في مجلس الأمن، بحيث يكون أكثر إنصافاً للشعب السوري من القرار 2118، و كللوا فشلهم بحكومة لا معنى لها، وغير معترف بها دولياً، وهذا ما أكد عليه وزير خارجية أمريكا جون كيري.
أعتقد أن الائتلاف فشل حتى في إدارة الأزمة، وحوّل الثورة إلى باب استرزاق، ومؤتمرات صحفية جوفاء، واجتماعات مدفوعة التكاليف من دول رفضت حتى استقبال السوريين على أراضيها!
التعليقات (6)