معارضة بمواصفات "وطنية".. قياسية!

معارضة بمواصفات "وطنية".. قياسية!
بالتزامن مع جولة المبعوث العربي الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي الشرق أوسطية للتسويق لمؤتمر جنيف 2 الذي يصفه الإبراهيمي بأفضل الحلول للخروج من الحرب والعنف في سورية، ووصفه مشاركة إيران في جنيف 2 بالطبيعية والضرورية، بدأ النظام السوري بتشكيل الوفد المشارك في مؤتمر جنيف 2 من المعارضة الوطنية التي تعمل في الداخل ممثلة بهيئة التنسيق برئاسة المناضل التاريخي حسن عبد العظيم، الذي ضمّن وفد الهيئة أحد أركان هيئة التنسيق "عبد العزيز الخيّر"، المعتقل منذ سنة تقريباً، وقد انتشرت شائعات كثيرة عن مقتله تحت التعذيب في سجون النظام السوري، وبذلك بدأ عبد العظيم بالتمرد على النظام الذي كان يسمّنه من أجل التضحية به في هكذا مؤتمر، خصوصاً أن الشعب السوري أغلبه يرفض وجود هيئة التنسيق كتيار معارض، ويعتبرها جزءاً من النظام.

الإحراج الذي وضع حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق النظام فيه، لا يمكن الرد عليه الآن بطريقة النظام الإجرامية التي تعتبر الاعتقال أو التصفية الجسدية هي أولويات طرقه في إسكات معارضيه المفبركين، أو معارضيه الحقيقيين. و ما زاد الطيب بلّةً، لقاء "عبد العظيم" مع الأخضر الإبراهيمي، وإخبار الأخير أن هيئة التنسيق الوطنية ستذهب إلى جنيف 2 على أرضية جنيف 1، أو ما يعرف بالنقاط الستة لكوفي عنان، و أهمها إيجاد ممرات آمنة للمحاصرين، وإيصال الدواء، والغذاء؛ الكلام في هذا البند بالذات هو تمرد واضح للحمل الوديع على ما دجّن عليه لمدة أكثر من سنتين ..

أمام تمرد غير محسوب من معارضة كانت توصف في كل وسائل إعلام النظام، ومن والاه بالوطنية، كان لابد من إيجاد معارضة جديدة أكثر ولاءً من تلك التي تمردت، في الوقت الذي أصبح التمرد على النظام يعتبر خنجراً في خاصرته، فبدأ بسيناريو من الانشقاقات غير المعلنة عبر أشخاص ربما يتلقفهم رجالات الثورة، ومنحهم مناصب على غرار ما حدث مع رجالات للنظام انشقوا وحازوا على مناصب وهمية، لا تتعدى الاسم بدون منصب.

النائب الاقتصادي للنظام قدري جميل، الصهر السابق لأمين عام الحزب الشيوعي السوري "عمار بكداش"، قبل أن يشكل "جبهة التغيير والتحرير" مع المعارض السوري القومي الاجتماعي "علي حيدر"، وزير المصالحة الوطنية، الذي ذهب في زيارة عمل لروسيا ولم يعد إلى دمشق لفترة اعتبر النظام أنها غير مبررة، مما حدا برأس النظام لإصدار مرسوم بإقالة النائب الاقتصادي، حتى أنه تلقى نبأ إقالته على الهواء مباشرة، عندما كان في لقاء على قناة روسيا اليوم!

ولكنه اعتبر أن الموضوع متوقعاً، لأنه لا يتقاطع مع النظام بأكثر من 10 %، وهو غير راض عن بعض الممارسات، خصوصاً أنه صرّح في وقت سابق أن مؤتمر جنيف 2 هو فرصة ذهبية لن تتكرر مرة أخرى إن تمت إضاعتها، وأنه حل لابد منه لإنهاء حالة الاستعصاء في الحرب الدائرة في سورية، على اعتبار أن النظام لم يستطع إنهاء العصابات، وأن العصابات

غير قادرة على التفوق على النظام.

سيما وأن "روبرت فورد"، سفير واشنطن في دمشق أبلغه بأنه لا يمكن أن يكون ضمن وفد المعارضة وهو في منصب وزير، فجاء الحل الذكي من بشار الأسد بإقالته ليكون معارضاً بما يتناسب مع وصفة "روبرت فورد".

أما المعارض الآخر، الذي يعتبر الناطق غير الرسمي باسم النظام "شريف شحادة"، الصحفي الرياضي المغمور، الذي كان مرافقاً شخصياً لفواز الأسد، ومدرباً فيما بعد لفريق كرة قدم، ليتحول بعدها إلى محلل سياسي، وعضو في مجلس الشعب السوري بقدرة قادر، والذي ما انفك يتهم الشعب السوري بالإرهاب. سافر هذا المعارض الصنديد إلى بروكسل، وقام بمسرحية طلب اللجوء إلى بلجيكا، بدعوى أن حياته مهددة بالخطر، هو وأولاده بسبب العصابات الإرهابية، إلا أن السلطات البلجيكية رفضت اللجوء لأسباب إجرائية بحتة، وطلبت منه مغادرة الأراضي البلجيكية. وطبعاً لو أن هذه المحاولة المكشوفة للجوء تكللت بالنجاح، لربما أدخلت شريف شحادة إلى حظيرة وفد المعارضة الوطنية، على اعتبار أنه أصبح لاجئاً بسبب أن النظام لم يستطع حماية حياته.

أعتقد أن النظام يريد بزج قدري جميل، وشريف شحادة في صلب المعارضة، سواء هيئة التنسيق، أو الائتلاف، الهدف منها هو إفقاد المصداقية للمعارضة، التي فقدتها فعلاً من خلال رجالها الذين يريدون تفصيل المعارضة على مقاسات الدول الفاعلة، وهذا ما ذهب إليه المعارض التقليدي "ميشيل كيلو" في دعوته إلى مؤتمر موسع، معارض، الهدف منه تحديد موقف المعارضة بشكل واضح ونهائي تجاه مؤتمر جنيف 2 ، على اعتباره أن كلمته مسموعة عند غالبية شخصيات المعارضة السورية؛ خصوصاً أن أكثر الدول فاعلية في الشأن السوري مثل السعودية وفرنسا هما من أدخلتاه الائتلاف بكتلة مرجحة لاتخاذ قرارات مؤثرة، وأعتقد أن دعوة كيلو لهذا الاجتماع الموسع، هدفها الذهاب إلى جنيف 2 دون شرط تخلي الأسد عن الحكم، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية، على اعتبار أن جنيف 2 سيعقد لهذا السبب.

إلا أن النظام السوري يظل غير واثق بمعارضيه المدجّنين، وبضربة استباقية لمؤتمر جنيف 2، كشفت وكالات الأنباء عن مطلب شفهي من الأسد الابن إلى أوباما سينقله المالكي خلال لقائه أوباما في البيت الأبيض حول تفويض لأمريكا بالتدخل العسكري لضرب مواقع القاعدة و"داعش" ضمن الأراضي السورية، ولم يعط هذا التفويض لروسيا، فقط ليضمن موافقة إسرائيل على بقائه رئيساً لعصابة احتلال سورية .

التعليقات (2)

    ماهر

    ·منذ 10 سنوات 6 أشهر
    تصديقاً لما أوردت، هناك اليوم من يتحدث عن انشقاق مفتي دمشق يبدو أنهم يستكملون كافة أطياف المعارضة المزعومة التي ينوون الذهاب بها إلى جنيف ، معارضة من تفصيل روسيا!

    Hassan

    ·منذ 10 سنوات 6 أشهر
    الثورة السورية قامت من اجل انهاء حكم الفساد و الاستبداد و العائلة الحاكمة فمن ناضل من اجل ذلك فهو تحت مظلتها اما من يقيم شروط على ذلك فهو خارجها نقطة من اول السطر أنا شخصيا اقول هنا قدري جميل او رئيس الوزراء المنشق او فراس طلاس و غيرهما من عهده النظام سابقا عليهم ان يقروا و يعملوا من من اجل هذه الاهداف  
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات