السوريون في مصر: صراع طبقي وثوري بين "أكتوبر" و"الرحاب"!

السوريون في مصر: صراع طبقي وثوري بين "أكتوبر" و"الرحاب"!
كثيرة هي أماكن التجمعات السورية في مصر، والتي تكاد أن تشبه في كثير من حالاتها الصورة طبق الأصل عن المجتمع السوري الذي انبثقت عنه في ظروف قاسية لم يخترها السوريون فيما لو كانوا في ظروف أكثر إنسانية مما هي عليه الآن منذ أكثر من عامين ونصف.

هذه التجمعات السورية في المدن المصرية ليست متشابهة فيما بينها وليست متطابقة في كل تفاصيلها، بل تراها أقرب لطبيعة السوريين أنفسهم الذين يشكلونها، ويشغلون حيزها الاقتصادي والاجتماعي، وربما السسياسي أيضاً! ولكن كيف؟

بداية يمكن الحديث عن تفاوت طبقي واجتماعي واضح بين بعض هذه التجمعات، على الأقل من حيث المعطيات الظاهرة للعيان، والتي لا تخفى على أحد.

ففي التجمع السوري الأكبر في مدينة السادس من أكتوبر ترى بوضوح الطابع الشعبي

السوري وأنت تتجول في منطقة الحصري على سبيل المثال، حيث ترى وتسمع خليطاً سورياً حقيقياً وكأنك في إحدى المدن السورية (قبل الثورة)، يظهر هذا في المحلات والباعة والزبائن والزي واللهجات السورية المتعددة، وتقارب المستوى المادي والاجتماعي بين غالبية هؤلاء السوريين.

أما في مدينة الرحاب التي تبعد عن القاهرة مسافة تقارب مسافة مدينة أكتوبر عنها حوالي 50 كم، فإنك هنا أمام نموذج آخر للسوريين -الكلام هنا بالعموم وليس بناء على إحصاء- من حيث الظاهر أيضاً، إذ يصدمك النمط السائد للعلاقات الاستهلاكية المبالغ بها، والترف المفرط لكثير من هؤلاء السوريين قاطني هذه المدينة، وإن المتابع لسلوكهم في المطاعم والمقاهي والنوادي وأماكن التسوق، لا يصدق أن هؤلاء هم أنفسهم أبناء سوريا التي تعاني من ويلات الخراب والدمار والقتل والتهجير.

في مدينة أكتوبر يحكى عن حالات من التضامن والتكافل الاجتماعي بين السوريين وإن بأشكال متفاوتة, وعن وجود جمعيات خيرية وهيئات إغاثية تمد يد العون وتساعد الأسر السورية الفقيرة والمنكوبة. بينما في الرحاب فيحكى عن هؤلاء المترفين نماذج من اللامبالاة والبخل المفرط حين يسمعون بمعاناة إنسان سوري، وكأنهم من كوكب آخر.

في أكتوبر ترى السوريين عموماً يفاخرون بانتمائهم لثورة الشعب السوري ويعلنون رفضهم للنظام القاتل الذي هجرهم وحرمهم وطنهم، بينما في الرحاب فإنك تشاهد بيسر وسهولة من يجرؤ على إعلان موالاته لبشار دون حرج، وتسمع معزوفات يرددها بعضهم وكأنك تستمع إلى إعلام النظام بكافة أشكاله.

أثناء جولات سابقة في مدينة أكتوبر وتصوير المحلات السورية والدردشة معهم لم نكن نقابل بغير الود والترحاب (كما هو السوري الأصيل بطبعه)، أما في الرحاب فإن التشكك والحذر والأسئلة عن هويتنا، ورفضهم التصوير وعدم السماح بإظهار اسم المحل بحجة: (أننا لا مع المعارضة ولا مع النظام).

في المقارنة بين مدينتي الرحاب وأكتوبر تشعر أنك تنتقل من حي موال إلى حي معارض في إحدى المدن السورية.

أخيراً لا بد من التذكير بأن هذا التعميم لا ينطبق حرفياً على الجميع هنا، أو هناك، وليس القصد منه الانتقاص من قدر أي سوري، في هذا التجمع أو ذاك، ولكن الصورة التي يشاهدها الزائر لا تغفل عن هذه الجزئيات والتفصيلات، وكثيراً ما سمعنا عتباً شديداً من أصدقائنا المصريين الذين يشاهدون -هذا الذي نتحدث عنه- ويندهشون لهذه الفروق الخيالية، واللامبالاة والأموال المهدورة بلا طائل في مقابل وجود أعداد كبيرة جداً من السوريين الذين لا يستطيعون تأمين قوت يومهم، حتى أن أحد المصريين قال ذات يوم: "لو أن أغنياء الرحاب تكفلوا بفقراء السوريين في مصر لما سمعنا عن فقير سوري واحد".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات