خطة طريق إقصاء الأسد

خطة طريق إقصاء الأسد
تنطوي عملية جنيف التفاوضية بين القوى الوطنية السورية والنظام الوكيل في دمشق على أكثر من عيب وإشكالية، غير أنها تفتح الأفق أمام متغيرات بنيوية يقدّر أن تشهدها الأزمة السورية، وذلك بناء على ما ستصنعه العملية في سيرورتها في السياق الدولي الذي تندرج به، والذي من المتوقع أن يولد نمطا من الاستجابات والأفعال التي سيكون لها الدور الأكبر في إنضاج سياق الحل.

لقد بات واضحاً وجود إصرار من قبل الأكثرية الدولية بقيادة بعض دول الغرب على تحقيق اختراق في مسار الأزمة السورية، وهذا الأمر، على ما يبدوا شكل إغراء للقوى الوطنية السورية، التي يبدو أنها في طور استبطان ذلك، ويكشف إصرارها على حضور المؤتمر واستعدادها التقني والنفسي الكثير عن طبيعة إدراكها السياسي للمرحلة، والقادم منها.

ثمة خطة طريق للمفاوضات تتبعها الأكثرية الدولية بدأت تكشف عن نفسها، تم تمرير بعض التفاصيل منها، ويجري العمل على تظهير تفاصيل أخرى، ومما لا شك أن تلك التعقيدات وذينك الزمن الطويل تفرضه طبيعة المجابهة على الأرض السورية والظرف الدولي الذي تجري به، وكذا الرهانات الإقليمية والدولية التي تأسست على هامش الحدث السوري وفي خضم أتون لحظة الصراع الدولية.

والواضح أن ثمة تكتيكيا سياسياً لدى الأكثرية الدولية يقضي بضرورة جر الأطراف الإقليمية والدولية التي شكلت شبكة أمان لحاكم دمشق إلى سكة المساومات، ليس الهدف فتح بازار على الجسد السوري ولا في إطار ملفات خلافية أخرى، بل بهدف تفكيك تلك الماكينة الداعمة لحاكم دمشق الوكيل عبر تعطيل مفاصلها وإخراج أجزائها الأخرى من دائرة العمل والإنتاج.

وحسب ما تكشّف حتى اللحظة، تقوم الخطة على محاولة إغراق الأطراف الدولية والإقليمية الداعمة، وخاصة روسيا وإيران، بالملفات القذرة لإرتكابات وكيلهم، وهي كثيرة، عبر تسليط الضوء الإعلامي عليها وتوكيلها في مرحلة أولى إلى منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، وفضحها أمام الرأي العام العالمي بما يجعل من تأييد حاكم دمشق أمراً يحمل إشارات استفهام عديدة حول مدى مشاركة الأطراف تلك القوى بمثل هذه الإرتكابات، وكذا مدى دور دعمها التسليحي والدبلوماسي في حصول مثل هذه الجرائم الإنسانية.

بالتزامن مع ذلك، تقوم القوى الوطنية بتفكيك صورة النظام التي طالما يسعى إلى تسويقها لدى الداخل السوري والرأي العام العالمي، من كونه يمثل الدولة السورية تمثيلاً حصرياً وشاملاً، حيث كشّفت عناصر القضايا التي تم التفاوض عليها وكذا التفاصيل التي حاول وفد النظام إغراق المؤتمر بها، مدى انحطاطه إلى طرف محلي يقاتل بانحياز ضد مكونات كثيرة بل ويستقوي عليهم بقوى خارجية، فليس من المعقول أن يجهد نظاماً وطنياً نفسه في المساومة على إنقاذ نساء حمص ومخيم اليرموك من الموت جوعاً بتكتيكات سياسية لم يستخدم عشرها في التفاوض على قضية الجولان!.

أيضاً تنطوي الخطة على طرح بدائل أخرى لنظام بشار الأسد، سواء لجهة داعميه الدوليين أو بالنسبة للبيئة المؤيدة له، وهذا ما سيتم تظهيره في جولا لاحقة من المفاوضات، وهذه البدائل ترتكز على أساس القدرة على تحمل تكاليفها، بعد أن باتت تكلفة استمرار بشار الأسد في الحكم فوق طاقة جميع داعميه، ومما لا شك أن المفاوضات ستظهر بالتزامن مع مداولة البدائل ضمانات منطقية ومقبولة للأطراف الداعمة.

تستند خريطة الطريق تلك إلى قاعدة فتح النوافذ وتوسيع هوامش الخيارات والبدائل أمام الأطراف الداعمة، وذلك بهدف جعل مغادرتها لمواقفها السابقة يبدو أمراً أكثر أريحية ومعقولية وينسجم في الوقت نفسه مع مصالحهم الحيوية، ولا شك ان ذلك لن يحصل في الجولة الأولى او الثانية من المفاوضات، ذاك أن الأمر يحتاج إلى تعديلات تجريها أطراف الأزمة في بنية مواقفها واستعداداتها، كما يحتاج إلى حالة استبطان وهضم لتلك التعديلات ضمن سياق الصراع المتأزم.

خطة طريق إسقاط بشار الأسد تنطوي على تفاصيل كثيرة، وسيكون ضمن منهجيتها إتباع تكتيكات سياسية عديدة، المقدّر أن تتكثف النيران على الجسد السوري في المرحلة المقبلة، وسيسعى بشار الأسد وداعميه إلى حرف المعطيات وإنضاجها لصالحهم، بالبراميل وسواها، لكن الأكيد أن قدرة مشغليه على المساومة بدأت بالوهن، وفي طريقها لان تفقد زخمها، ذاك أن الأكثرية الدولية اختارت طريق تفكيك شبكة الدعم ووضع المأساة السورية على المشرحة الدولية، ألم يقل ظريف إيران أن حزب الله اختار المشاركة في حرب سورية بناءً على رغبته وإرادته؟، أليست تلك واحدة من ثمرات فتح النوافذ للمتورطين؟.

التعليقات (2)

    الطنبوري

    ·منذ 10 سنوات 3 أشهر
    للامانة والتاريخ، فقد كان وفد الائتلاف في المفاوضات أكثر انفتاحا وتعقلا وموضوعية من وفد النظام، كما أنه تمتع بمستويات أعلى من التنسيق والتحضير،وهي أمور لفتت نظر دول العالم المؤيدة للثورة وأكسبت الائتلاف احتراماً كبيراً، على عكس وفد النظام الذي ومنذ اليوم الأول كان يضع العصا في العجلة ويردد كالببغاء أن الأسد خط أحمر،ويتحدث بأمور لا تمت للواقع بصلة. دبلوماسياً انتصرت الثورة في جنيف، وحتى الروس شعروا بالفرق بين المعارضة والنظام، ولكن النهاية لن تأت قبل أن يشبع بوتين غروره المريض ويرفع يده عن بشار.

    FREE SYRIAN

    ·منذ 10 سنوات 3 أشهر
    كله لحد هذه اللحظة ***.....
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات