لكن مع هذا التراجع بجميع تقييمات جواز السفر السوري إلا أنه هناك ميزة إضافيّة جديدة غير مقوننة تم إضافتها له فأصبح يُقدّر بالذهب، إذ يتم تمييز صاحبه في بلدان اللجوء وبلدان أوربا عامّة كالإقامة الدائمة أو الطويلة الأمد في هذه البلدان التي تشجّع الناس المشي على الخيط الرفيع فوق وادي الموت ووحوش المافيات , فمن المستحيل منح فيزا للسوري كي يسافر ويحصل على اللجوء هناك , لكن يقولون للسوري يتم منحك اللجوء والإقامة عندما تدعس على أراضينا ايّاً كانت الطريقة , فيركب السوريين بقوارب الموت ذات الخمسة عشر راكب سابقاً إلا انّ التاجر لا يقبل أقل من خمسين مهاجر وضعوا امام أعينهم خيارين إمّا الموت مودعين حياة لا تفرق كثيراً عنه , أو الوصول لبلاد حقوق الإنسان , وطبعاً الراعي الرسمي لهذه الرحلة هم مافيات الإتجار بالبشر الذين يطلبون مبالغ ماليّة خياليّة تصل إلى عشرة آلاف يورو ( يتفاوت السعر بحسب نسبة الأمان والضمان للوصول بأمان ورفاهيّة ) .
كثيراً ما غرق شباب بمقتبل العمر أمام السواحل الإيطالية لم يكن هدفهم سوى العيش بكرامة , وأكثر منهم غرقوا في البحار بين تركيا واليونان تاركين معاناتهم ومستغنين عن أحلامهم بعد أن أغلقت الدول العربية أبوابها بوجههم وعدلت القوانين السابقة التي تسمح للسوري بالدخول إليها .
هكذا فعل العرب حكاماً وقوانين , إلّا أنه للشعوب كان فعل آخر لم يقلّ استهتاراً بالمأساة السوريّة عن حكامهم، فبعض أبناء الشعب اللبناني الشقيق (على سبيل المثال لا على سبيل الحصر , فمثله الفلسطيني والعراقي) والذي يُعد (جواز سفره) أقوى من السوري فيحظى بتسهيلات بحصوله على الفيز لدول اوربية عدة مثل كندا وأستراليا وغيرهما , فيأخذون الفيزة ويسافروا على مقاعد طائراتهم الآمنة وعند وصولهم للبلد المنشود يخفون أوراق ثبوتيتهم اللبنانيّة ويبرزون البسبور السوري ( الذي يكونو قد اشتروه من أحد السوريين النازحين والمحتاجين للمال ليعيشوا فيما انعم الله عليهم من شرف النزوح والتهجير ) .
فيتقدّم الشخص العربي لطلب اللجوء على أنه سوري هارب من جحيم الحرب ملاحق من جميع الأطراف المتنازعة , متناسي وداعس على مآسي السوريين أصحاب الحق بالحياة .
منذ ستة أشهر التقيت بالشاب إسماعيل ( شاب لبناني 22 سنة من جبل محسن ) وطالت بنا رحلة الباخرة من لبنان إلى تركيا لتأخذنا أواصر الحديث لمخططاتنا المستقبليّة , فاسماعيل قدم لتركيا ليشتري (جواز سفر) شاب سوري لم يعد يحتاجه , أو ان حاجته لل 1200 $ اكثر من حاجته لجواز السفر, ومن ثم سيسافر لكندا كشاب لبناني ومن هناك للسويد , ليتقدم لاحقاً للجوء على انه سوري مسكين خارج من الحرب.
أثار الإعلام المعارض هذه المسألة أكثر من مرة مما دفع المنظمات والجمعيات المعنيّة بالشأن السوري في هذه البلدان ان توضح هذه النقطة للمعنيين بالأمر بأنه هناك من العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين من ينتحلون صفة السوري ليحصلوا على الإقامة الدائمة نتيجة التساهل الموجود في الأوضاع الراهنة , وقد اتخذت الدول إجراءات جديدة ذكية للتأكد من أن الأشخاص سوريين , فروى السيّد جمال إبن مدينة دوما في الريف الدمشقي , الواصل حديثاً للسويد بأنه تفاجئ من الأسئلة الموجهة له , التي كانت :
من اين أنت ؟
ما اسم مطعم الشاورما على الشارع الرئيسي بجانب الدوار في دوما ؟
ماذا كان مرسوم على ورقة نقود الخمسين ليرة القديمة في سوريا ؟
كم رقم تحتوي نمرة السيارة في سوريا وبأي لغة تكتب ؟
وهذا يدل على انهم اكتشفوا فعلاً عدد لا بأس به من حالات انتحال الهوية السورية من قبل شعوب تستغل هذه المحنة الإنسانيّة لتحظى باللجوء الإنساني على اسمهم , رغم أنهم يقفون ضد الشعب السوري الذي التجأ إلى بلدانهم .
التعليقات (18)