مازال الإعلام سلاحاً فعالاً بيد أوباما

مازال الإعلام سلاحاً فعالاً بيد أوباما
تحاول الإدارة الأمريكية جاهدة الابتعاد عن أي حرب في الوقت الذي يطلب منها التدخل السريع، من أجل إعادة الحياة الطبيعية للكرة الأرضية، من أوكرانيا شرقاً إلى منطقة الشرق الأوسط، إلى حروبه الداخلية مع الحزب الجمهوري الذي حاول، غير مرة، إفشال عمليات الانتعاش الاقتصادي ضد الضمان الاجتماعي، غير أن أي حرب جديدة قد تخوضها الولايات المتحدة من الممكن أن تكلفها الانتعاش الاقتصادي الطفيف الذي استنزف طاقات الرئيس الأمريكي "باراك اوباما"، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من العراق وأفغانستان، مع اتفاقيات أمنية لابد منها، للتذكير بأن الولايات المتحدة هي قوة احتلال، وتستطيع العودة في أي وقت تراه مناسباً إلى هذه البلدان.

من الواضح جداً أن "باراك اوباما" بدأ يشعر الحرج من تسويفه للقضايا العالمية، خاصة وأن الرأي العام الأمريكي بدأ يقتنع أن رئيسه ضعيف أمام قوى تقليدية مثل روسية التي ظهرت بمظهر المنافس القوي والعنيد مع الحليف الصيني، في مواجهة للولايات المتحدة، حيث ظهر بشكل واضح من خلال الفيتو الروسي – الصيني المشترك ضد العالم، الذي يحاول عقاب النظام السوري على جرائم الحرب التي يرتكبها بحق الشعب السوري، وما زاد تمسك الرأي العام الأمريكي بهذه الفكرة هو إلغاء توجيه ضربات محدودة ضد نظام الأسد، بعد الهجوم الكيماوي على غوطتي دمشق، واكتفى أوباما بنزع السلاح الكيماوي من النظام السوري، ولعل القضية الأوكرانية أضافت حالة من عدم الرضا الشعبي إلى خسارة الولايات المتحدة لدورها الرائد في إدارة العالم، وتوزيع الأدوار...

لم تفد فضيحة التجسس على هواتف زعماء العالم في تقويض الفترة الرئاسية للرئيس "باراك اوباما" كما حصل مع سلفه "ريتشارد نيكسون" في فضيحته "ووتر غيت"، والتي أطاحت به، وعلى الرغم من التطابق في عملية التنصت، إلا أنها مرّت كسحابة صيف، دون أي ذيول لهذه القضية، التي شغلت الناس لأشهر عدة، و ليكرّس الرئيس الأمريكي جهوده لتقييم الوضع الميداني في الشرق الأوسط، الذي اتهم بأنه هو من سمح لـ"تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" بالتنامي، كنتيجة طبيعية للفراغ الذي أحدثه انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وعدم الإيفاء بتعهداته من خطوط حمراء ضد النظام السوري، ما جعل هذه المنطقة أرضاً خصبة لتمدد هذه التنظيم.

لعل الإحراج الأكبر الذي تعاني منه الإدارة الأمريكية يكمن في التسجيلين المصورين لعمليتي ذبح الصحفيين الأمريكيين بفارق زمني قدر بـ 15 يوم؛ وكان تنظيم "داعش" قد هدد بذبح صحفي بريطاني محتجز لديه، هذه العملية الثانية تزامنت مع انعقاد قمة حلف الشمال الأطلسي "النيتو" في مقاطعة ويلز البريطانية، والتي من المقرر أن تطرح خططاً وترتيبات لمواجهة، أو ربما القضاء، على "تنظيم الدولة الإسلامية" لأنها باتت تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي والأوربي، بعد فرض سيطرتها على مناطق واسعة في سورية والعراق، وحصولها على أسلحة ذات تقنية عالية، والاستيلاء على طائرة بدون طيار – بحسب وكالات أنباء عدة – وبالتالي، لم يبق أمام الرئيس الأمريكي خيار آخر غير خوض هذه المعركة- مرغماً – وإلا، فإن المستقبل الأمريكي الدولي الرادع في مهب الريح، ليوافق أوباما –صاغراً- على خطة القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" في يوم واحد فقط، يعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" الأدميرال "جون كيربي" أن إحدى الغارات الجوية لطائرة بدون طيار، قرب العاصمة الصومالية، مقديشو، استطاعت قتل زعيم "حركة الشباب المجاهدين" الصومالية "أحمد عبدي غودان"، هذه الحركة التي تمثل فكر القاعدة في القرن الإفريقي، حيث تم تعيين غودان من قبل زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري"، إلا أن هذه الحركة تعتبر ذات فكر أكثر تشدداً من القاعدة الأم، حيث قتل "غودان" يوم الاثنين 1/9/2014، إلا أن "البنتاغون" أعلن عن مقتله بشكل رسمي الجمعة 5/9/2014، وبالتوازي سرّب موقع "ديلي بيست" الأمريكي، وأكدت الخبر صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "أبو بكر البغدادي"، قتل في منطقة تلعفر على الحدود السورية – العراقية، عبر غارة جوية استهدفت أحد مقرات البغدادي، الذي قيل أنه قتل أيضاً ثلاث قياديين كبار في التنظيم، قد يكون البغدادي أحدهم، حيث سرّب الموقع هذا الخبر يوم الجمعة 5/9/2014، بالتزامن مع إعلان خبر مقتل "غودان"، دون أي إعلان رسمي من قبل الإدارة الأمريكية، على المستويين العسكري والسياسي، أما في أوكرانيا، فقد أعلن عن بدء وقف إطلاق النار، والاتفاق على مبادئ وقف إطلاق النار، تمهيداً لتوقيع اتفاق سلام نهائي في شرق أوكرانيا، دون إعلان رسمي روسي، يتضمن القبول أو الرفض، لهذا الإعلان، تفاديا للعقوبات التي يعمل عليها حلف النيتو.

إذاً، بدأت الحرب الإعلامية في تصفية زعماء التنظيمات الإرهابية، وحلحلة القضايا العالقة في شرق القارة الأوربية، بالتزامن مع قمة النيتو، التي ربما قد يفيد الإعلان عن مقتل هذين الرجلين والاتفاق، في إعادة الحسابات لترتيب العمليات العسكرية، بغية القضاء على تنظيم "داعش"، وفكرة العقوبات على روسية، لتتفادى الولايات المتحدة المواجهة المباشرة مع روسية، سواء اقتصاديا عبر العقوبات، أو عسكرياً، على اعتبارها الحلقة الأقوى في حلف النيتو.

اعتادت الجماعات الجهادية أن تنعي زعمائها في حال قتلوا بغارات جوية، أو معارك، ليتم التأكد، وبشكل قاطع، أن هذا الزعيم قد قتل حقاً، إلا أنه إلى الآن لم يخرج علينا أي بيان يؤكد مقتل الرجلين (البغدادي – غودان )، ما يجعل الشك يكون أقرب من اليقين، إلى أن هذا الإعلان هو عبارة عن إشاعة إعلامية، لتتمكّن الإدارة الأمريكية من المراوغة من جديد في موضوع أي قرار في تدخل عسكري ضد تنظيم الدولة، حتى نهاية قمة النيتو، أو أنه موجه إلى الشعب الأمريكي، إذ يحاول أوباما أن يقايض الصحفيين الأمريكيين بزعيمين من تنظيم القاعدة، حيث قيل أن مقتل "أحمد غودان" هو ضربة قاسمة معنويا للحركة، وبالتالي لتنظيم الدولة.

سواء أكان مراوغة، أم تضليلاً للرأي الأمريكي، فإن الرئيس "باراك أوباما" يستخدم الإعلام للخروج من أزماته المتعددة، والمركبة التي بدأت تشكل حملاً ثقيلاً على إدارته، ربما لن تجعله يكمل مشواره الرئاسي الثاني بسهولة، خاصة وأنه وقع فريسة بين مطرقة المطالب الدولية وسندان الحزب الجمهوري، الذي يريد قيادة أمريكا، حتى ولو على دماء شعوب الأرض كلها !

التعليقات (1)

    متابع

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    أذكر أنه في بداية الثورة السورية لجأ الأمريكيون إلى ورقة مقتل أسامة بن لادن، تلك الفقاعة الإعلامية للتخلص من الاستحقاق الحرج تجاه ما يجري في سوريا..تماماً كما روج لجبهة النصرة قبل أن يسمع بها أحد. أوباما يدير دفة العالم من خلال الماكينة الإعلامية التي يقبض على مفاصلها، وإذا شئت الحق فحتى أوباما يتم توجيهه من قبل مردوك القابض على مفاصل الإعلام العالمي ونسخته العربية الوليد بن طلال
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات