أغرب الحروب الحديثة:كتاب بريطاني عن الحرب العراقية الإيرانية

أغرب الحروب الحديثة:كتاب بريطاني عن الحرب العراقية الإيرانية
من حيث مدتها، تعد الحرب الإيرانية - العراقية (1980 - 1988) واحدة من أطول الحروب التي شهدها التاريخ الحديث، كما أنها تعد الأكثر تكلفة من حيث الخسائر التي خلفتها؛ حيث أودت بحياة نحو مليون قتيل من كلا الجانبين، بالإضافة إلى ضعف هذا العدد من حالات الإصابة والعجز الدائم، كما كانت أيضا حربا مكلفة؛ حيث أسفرت عن إلحاق أضرار بالبنية التحتية بما قيمته أكثر من تريليون دولار، كما تكبد كلا طرفي النزاع خسائر اقتصادية.

وكما أوضح هذا الكتاب الجديد، المنشور من قبل مطبعة جامعة كامبريدج، فإن الحرب كان لها عدد من السمات الأخرى السلبية، فقد أتاحت المجال لاستخدام الأسلحة الكيماوية على نطاق واسع، وذلك للمرة الأولى منذ ارتكاب الإيطاليين الجريمة ذاتها ضد الحبشة خلال حقبة الثلاثينات.

وحسب التقديرات، فقد لقي أكثر من 30 ألف إيراني مصرعه – من العسكريين والمدنيين - جراء استخدام الأسلحة الكيماوية على يد جيوش صدام حسين، والأسوأ من ذلك، أنه للمرة الأولى في التاريخ الحديث، استخدم صدام أسلحة كيماوية ضد شعبه في مدينة حلبجة؛ مما أودى بحياة أكثر من 5000 كردي.

ورغم ذلك، كان لهذه الحرب اثنان على الأقل من السمات الفريدة الأخرى، التي يبدو أنه جرى تجاهلهما من جانب القائمين على هذه الدراسة الجديدة. تتمثل السمة الأولى في أنها قد تعد الحرب الحديثة الأولى التي لم يكن لها أهداف واضحة، ففي الواقع، أشار صدام حسين وروح الله خميني، الملا الذي كان يحكم إيران آنذاك، إلى عدد من الأهداف من بينها تغيير نظام الحكم ضد بعضهما البعض.

انتهى صدام بفكرة ضم إقليم خوزستان الذي يقع جنوب غربي إيران، ويضم جماعات كبيرة تنطق باللغة العربية، ولكن لم يكن من الواضح على الإطلاق أن صدام رحّب بانضمام 2.5 مليون شيعي آخرين إلى سكان العراق، في الوقت الذي كانت تواجه فيه الأقلية السنية في تكريت صعوبة في الحفاظ على قبضتها على بغداد، ومن جانبه، أطلق الخميني شعار «الطريق إلى القدس يمر عبر بغداد»، متظاهرا أنه كان يهدف إلى غزو العراق، ومن ثم الاتجاه إلى استعادة القدس وتدمير إسرائيل.

ولكن، لم يكن من المرجح أن يأخذ الخميني خطابه على محمل الجد، كذلك الحال بالنسبة للإسرائيليين الذين ساعدوا في تهريب ما يكفي من الأسلحة الأميركية إلى إيران لوقف الزحف العراقي أولا ثم تحويل دفة الأمور ضد جيوش صدام، فقد كان يدرك كل من الخميني والإسرائيليين أن منطقة الشرق الأوسط، التي كان يسيطر عليها العرب السنة، سوف تترك القليل من المجال أمام اليهود أو الشيعة «الفرس».

فيما تتعلق السمة الغريبة الثانية لهذه الحرب بشخصية ومكانة كلا الرجلين اللذين كانا في نهاية المطاف يتبوءان موقع القيادة، فقد كان يتمتع صدام والخميني بقدر من الغرور في حجم جبل إيفرست ويعتقدان – في السر على الأقل - أنهما جهابذة في كافة مجالات النشاط البشري، وكان كلاهما يجدان ثناء من الحاشية الخنوعة المحيطة بهما ووسائل الإعلام كما جرى عدّ كل منهما شخصية معظمة تضطلع بمهمة المسيح المُخَلِص، كان صدام يعد ذاته بمثابة صلاح الدين الجديد في محاولة لاقتفاء أثر المقاتل الكردي والسلطان الذي قاتل الصليبيين، ولكن لم يحالفه النجاح دائما. ومن جهته، كان من المفترض أن يكون الخميني - الذي ادعى أنه من نسل الحسين الإمام الثالث للشيعة - على وشك الانتقام للقتل المأسوي لجده الأكبر على يد الخليفة الأموي يزيد.

تكمن المشكلة في أن هذين الشريكين، في ذلك التحرك العشوائي المأسوي، لم يكن لديهما أدنى درجات الدراية بالمسائل العسكرية، فقد تعلم صدام إطلاق النار من المسدس فقط، في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم، ولاحقا لقتل منافسه داخل قيادة حزب البعث، كما تلقى الخميني أيضا بعض التدريب على استخدام المسدسات أثناء عضويته، التي لم تدم طويلا، في حركة فدائيي الإسلام الإرهابية خلال حقبة الأربعينات، ولكنه لم يكن يفهم شيئا – مثله مثل صدام – عن الحرب الفعلية، وكانا يساورهما هاجس عميق حيال الأمور العسكرية.

بالمصادفة البحتة، تزامن صدور الكتاب مع خروج تسريبات بشأن الجانب الإيراني في الحرب – وهي التسريبات التي تكشف عن إفشال الخميني لكل شيء وكيف قُتل عشرات الآلاف من الإيرانيين نتيجة لقيادته السيئة.

يعتمد كتاب موراي ووودز بالكامل على وثائق سرية جرى الاستحواذ عليها من الأرشيف العراقي بعد سقوط صدام في عام 2003، لذلك تركز الوثائق فقط على الجانب العراقي من المأساة، ولكن من خلال قياس ردود الفعل الإيرانية على تحركات صدام، يستطيع المرء أن يُكَوِّن صورة عن الطريقة التي تعاملت بها القيادة في طهران، أو أساءت التعامل، مع الحرب.

كان كل من صدام والخميني يخشى من جيشه أكثر من أي عدو خارجي محدد، كان صدام يعلم أنه إذا انتصر الجيش العراقي في الحرب أو على الأقل بدا أنه انتصر في شيء ما، فقد ينقلب ضده بإظهار أحد لواءاته المنتصرين بصفته «منقذ الأمة» الجديد. ويوضح المؤلفان كيف ابتكر صدام نظاما لا يستطيع بمقتضاه اللواءات التواصل مباشرة مع بعضه البعض حتى في ميادين المعركة القريبة، وفي معركة الحميد على سبيل المثال، حاصر الإيرانيون فرقتين عراقيتين وقضوا على أفرادهما، بينما ظلت فرقتان عراقيتان قوتين جديدتين من دون حركة على بعد عدة كيلومترات في الشمال، وكان السبب هو انتظار القادة للحصول على إذن من صدام في بغداد للانضمام إلى المعركة وإنقاذ زملائهم المحاصرين، وجاء الإذن ولكن بعد ساعات من خسارة المعركة بالفعل.

من جانبه، بدأ الخميني فترة حكمه بإعدام آلاف من ضباط الجيش الإيراني وضباط الصف واعتقال آلاف آخرين؛ ومما زاد الأوضاع سوءا أن الأدميرال أحمد مدني، أول وزير دفاع تحت قيادة الخميني، قام بتخفيض مدة أداء الخدمة الوطنية من 18 شهرا إلى 6 أشهر؛ مما يعني أن جميع المجندين تقريبا في ذلك الوقت كانوا يستطيعون العودة مباشرة إلى الحياة المدنية.. وهكذا عندما أشعل العراق شرارة الحرب بغزو إيران في 22 سبتمبر (أيلول) عام 1980، كان الجيش الإيراني كله غير موجود كقوة فعّالة.

جرى تخصيص جزء من هذا الكتاب المذهل لتحليل العقلية العراقية وكيف تغيرت أثناء فترة الحرب التي استمرت 8 أعوام.

بدأ صدام بالظهور بصفته قائد حرب حديثة يمتلك أحدث الأسلحة، جاءت معظمها من فرنسا والاتحاد السوفياتي، في البداية، سمح الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران بإعادة طلاء مقاتلات «سوبر اتندارد» الثقيلة بألوان الدولة العراقية، وقادها طيارون مرتزقة من بلجيكا في عمليات دقيقة ضد أهداف إيرانية ذات حساسية، وكانت المادة الضرورية لصناعة الأسلحة الكيماوية تأتي من غرب ألمانيا، في حين قام الاتحاد السوفياتي بتوريد الدبابات ورؤوس الصواريخ.

ولكن سريعا ما أصبح من الواضح أنها لن تكون حربا حديثة، وأن الخميني والملالي من حوله لا يبالون بالخسائر البشرية أو المادية.

وفي بعض المعارك، كان القادة العراقيون يمرضون جسديا عندما يرون موجات تلو الأخرى من المراهقين والشباب والإيرانيين الذين تعرضوا لغسيل دماغ على يد الملالي لكي يسعوا إلى «الشهادة» و«الجنة»، حيث كان يجري إرسالهم لتفجير أنفسهم أمام الدبابات لإبطاء تقدم الجيش العراقي.

في المرحلة التالية، حاول صدام أن يبدو محاربا عربيا كلاسيكيا وأوصى جيشه بالسعي إلى تحقيق النصر من خلال الشجاعة الشخصية والتضحية، بيد أن هذه المحاولة أيضا منيت بالفشل، على الأقل نظرا لأن صدام كان في صميمه جبانا، كان ثعلبا يحاول أن يزأر كالأسد.

في المرحلة الأخيرة من الحرب، علم صدام أنه لن يستطيع الفوز في الحرب سواء كان قائدا حديثا أو محاربا عربي قديم. حينها بدأ في التوسل إلى الدول العربية المجاورة والقوى العظمى، وأبرزها الولايات المتحدة، لمساعدته على إخراجه من الحرب عبر وسائل دبلوماسية. أخطأ صدام في حساباته، لا سيما بعدم إدراكه أن خصمه مجنون مثله تماما ولا يبالي بشأن الخسائر في أرواح الإيرانيين كما لا يبالي هو بفقد أرواح العراقيين.

كما أشار موراي ووودز، كانت هذه حرب انتهت من دون منتصر، بل بطرفين خاسرين. لم تتغير الحدود، وظل النظامان في الحكم. بعد فترة، جرت الإطاحة بنظام صدام نتيجة لخطأ آخر: غزو الكويت؛ حيث إنه بذلك دخل في معركة مع من هم أكبر منه.

سيكون من الجيد أن تمنح إيران لموراي ووودز، ودارسين آخرين، فرصة الاطلاع على الأرشيف الإيراني، حتى تجري دراسة وعرض الجانب الآخر من قصة الحرب.

*المصدر: صحيفة الشرق الأوسط 1/10/2014

التعليقات (20)

    وليد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    نظرا لأن صدام كان في صميمه جبانا، كان ثعلبا يحاول أن يزأر كالأسد.!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ما هذا الهراء و هذه الخافة !؟ أصدام جبان ؟ حتى من لا يرى فيه الا شرا يعترف بأن له قلب اسد مثله مثل حافظ الاسد لا تجعلو الميول السياسية تعميكم .....

    آصف

    ·منذ 9 سنوات 5 أشهر
    مع احترامي، المقال يعج باخطاء تاريخية ومنطقية وسياسية فادحة.. لم يعجبني ابدا باي شكل.

    جزئيه مهمه جداً تكشف صفيو امريكا

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    الشيء الوحيد الحقيقي والمفيد من الكتاب البريطاني هو توثيق وتأريخ الترابط والتآخي الايراني الاسرائيلي منذ عهد الخميني ومد إسرائيل لايران الخميني بالاسلحه لمنع سقوطها زمن صدام!.وهذا يفتح تساؤلات عن حقيقه شعارات الخميني عن تحرير القدس ورمي اسرائيل بالبحر! و حقيقه دور حزب الللات وهل فعلا أنشأه الخميني لمقاومه اسرائيل التي تمده بالاسلحه والواقع يؤكد العشق السري الازلي بين خميني وامريكا وان خطط امريكا وايران لم تسمح لاعلان العشق الصفيواميريكي وقتها واليوم يتناكح العاشقان اوباما وخامئني بالحريه والعلن دون خوف من الحساد وعلى رأي جمله اوباما قبل اسبوع وهي انتصار الحب تعبيرا عن فرحه باقرار زواج المثليين!

    وسام

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    اولا كان جيش العراق رابع اقوى جيش علي نطاق العالم و هذا يدل علي قوة و عقيدة الجندي العراقي ثانيا الدول العظمى دعمت ايران بشكل هائل سواء كانت اسلحة او معلومات حربية و هذا يكون دلالة عى قوة ايران و تعجرفها على العالم العربي, و ثالثا هذا الكتاب تخريف و كذب و فيها سياسة مماطلة هدفها تشويه سمعه المحارب العراقي و العراق باجمعة.

    محمد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    يقولون هذه الحرب ليس فيها هدف واضح ..الحرب العالميه الاولى مثلا فيها هدف واضح ؟ام الحرب العالمية الثانية فيها هدف واضح؟ ..كم انتم سفهاء واوباش ايها الامريكيون .سيشهد العالم سقوط دولتكم المدوي وكيف ستنتقم منكم امم العالم ياخنازير الارض.

    عراقي

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    وليد انت تخدع نفسك ؟ من اين اخرج الامريكان صدام ؟ الم يخرجوه من جحر ؟! كيف لأسد ان يختبئ بجحر فأرة ؟!

    معجب

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    النص صادق جدا فقد فضح صدام حسين الذي لم يقدم شيء لشعبه المسكين الذي ظل يعاني من الحروب المستمرة حتى أعتاد على ذلك الشعب الذي عرف عنه بقوته وجماله وثروته الآن بماذا يعرف هذا الشعب بالخائن بالفقير بالضعيف لماذا

    الخائن صدام حسين

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    الجندي العراقي السابق!شريف وكان كل همه الدفاع عن الوطن وطاعة ولي الأمر كما يقتضيه الثرآن الكريم ولكن هناك قادة لا يشعرون بما يشعر به الجندي فهذا القائد كان طماع أناني متكبر و. ظالم! ظلم من ظلم شعبه والآن الكل يقول عنه سيف العرب!!؟!؟

    الخائن صدام حسين

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    الجندي العراقي السابق!شريف وكان كل همه الدفاع عن الوطن وطاعة ولي الأمر كما يقتضيه الثرآن الكريم ولكن هناك قادة لا يشعرون بما يشعر به الجندي فهذا القائد كان طماع أناني متكبر و. ظالم! ظلم من ظلم شعبه والآن الكل يقول عنه سيف العرب!!؟!؟

    معناها

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    خميني شيعي وصدام سني

    هيا

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    امريكا سيدة العالم وموت يغيظك ، يكفيها انها كدولة عظمى ما دخلت واحتلت ارا

    زهير خزعل

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    عيب على القائد ان يعدم ظباط وجنود الجيش العراقي بالمئات وان يترك 700 الف جندي احتياط بدون حقوق تقاعدية تجاوزة خدمتهم 17 سنة وصدام اجبن انسان عرفه التاريخ والدليل حفرة العنكبوت

    محمد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    اذا الجيش العراقي رابع جيش ممكن تذكر الاول و الثاني و الثالث

    صداميه

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    هذا الكتاب تخاريف ... وأدلته باطله ..

    فيلسوفه

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    الكتاب من تأليف بريطاني يعني لا مصداقيه له طول عمرهم البريطانين طامعين في العرب وثروات العرب ومثلهم العديد من الدول . اما مسألة الترابط والتآخي حاليا واضحه بين السعوديه واسرائيل وامريكا والتطبيع صار علني بلا خجل . وزيارات المسؤلين السعوديين لاسرائيل كلنا شفناها. وزيارة ترامب للسعوديه كل العالم شافها . منو اللي يحب امريكا واسرائيل غير العرب !!

    ساعد نفسك لان محد حريص يساعدك

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    ساعد نفسك لان محد حريص يساعدك كا الايرانيين بعد ما خلصوا من الحرب اعتمدوا على نفسهم وتطوروا في جميع المجالات لدرجه اصبحوا قوة عالميه يحسب لها الحساب وتخافها امريكا واسرائيل . منو ساعدهم اهم اعتمدوا على نفسهم . يا عراقيين ويا عرب الدور عليكم تنهضون وتعتمدون على نفسكم

    حاتم الغريانى

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    برغم كل شي . والله انك شجاع ورجل ياصدام . والعالم كله يشهد . والله لو اي حد منكم حبل المشنقة لارتعد خوفاً . بس ماضحك على الحبل سوى صدام حسين ... حقيقة

    Ztr

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    لك اسد مين و الناس نايمين و لا مرة سمعت انو اسد بيتخبا بحفرة مع الجرادين صدام كان هر مش اكتر

    الريال

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    ياخوي شكلك مقهور من صدام اما ايران شلون الانتصار يكون عدو يدخل عليك تطرده و تحتل اجزاء من ارضه وبعدين حفاظا ع ارواح الابرياء توافق ع الصلح بعد ما دعست خشم عدوك و وريته حجمه

    سنية

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    نعم جبان قتل ابناء بلده المراهقين
20

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات