الثوار يأخذون إجازة للعمل في المشروع الأمريكي!

الثوار يأخذون إجازة للعمل في المشروع الأمريكي!
ما يجري على الجبهات، وفي دوائر صنع السياسة للمعارضة، لم يعد يمت بهدف إسقاط النظام ولا بأي صلة، صرنا إزاء عملية، عمليات موضعية عبثية، لها أهدافها الخاصة بها، او ربما صارت مرتبطة بترتيبات إقليمية ودولية لا تمت لعذابات السوريين وأوجاعهم بصلة، ولا تضيف إلى رصيد نضالهم المرير أي جديد.

على جغرافية الوجع السوري، الثورة السورية، التمرد السوري، وقل ما شئت، جبهات تترك لتموت وتذوي تحت الحصار، وجبهات تترك لمصيرها المجهول، وأخرى يحتاج بعضها إلى مجهود بسيط ودعم محدد ولا يصلها، ثوار عاطلون عن العمل ومحاصرون ينتظرون الخلاص بأي ثمن وشكل، حتى بات المرء يسأل ما الهدف من خريطة التشتت هذه وإلى متى؟، ولماذا لا تستطيع أطر الثورة تشكيل هيكيلية موحدة وبنية واضحة وطرق إمداد وموارد حقيقية!. مع ملاحظة ان هذه التساؤلات نطرحها بعد ما يقارب من أربعة أعوام من إنطلاق الثورة ضد نظام الأسد!.

يشير تحليل مسارات الأحداث إلى أن أغلب القيادات العسكرية العاملة في الميدان هي قيادات لا رؤيوية، فهي إما خريجة مدرسة الأسد التي يغلب عليها الطابع البيروقراطي في العمل والميل الشديد إلى عدم المبادرة، وهي تستنسخ ما تعلمته من أساليب إدارة الأسد للصراع مع إسرائيل التي تميزت بالخنوع، أو تلك التي تتبع نهج التنظيمات الإسلامية ذات الطابع الإنتحاري في عمليات موضعية دون سياق إستراتيجي واضح لها، وهي في الغالب تنظيمات مناطقية تعمل بشكل منفصل عن بقية القطاعات، ما يجعل عملها غير مؤثر في النتيجة النهائية للصراع.

اليوم يُضاف إلى هذا الواقع المتهافت عامل جديد أدخله الحرب التي تخوضها أميركا ضد تنظيم داعش، حيث تعمل واشنطن على إعادة صياغة الميدان السوري ودمج أغلب قواه في هذا الجهد، وتحويل نشاطها للحرب على داعش، تحت ذريعة لا أحد يعرف كيف يمكن صرفها في عملية إسقاط نظام الأسد، وهي أن الحرب على داعش ستؤدي في المدى البعيد إلى إضعاف نظام الأسد، والغريب أن تطبيق هذه النظرية أتاح للنظام فرصة إستعادة جزء كبير من المناطق التي سبق له أن فقدها ويعيد توصيل خريطة سيطرته ويسابق الزمن ليل نهار لإحلال معطيات معينة، سيكون مستحيلا تغييرها في المستقبل تحت أي ظروف!

والغريب الآخر أيضاً نمط التدريبات التي يجريها الغرب للقوات التي ستشكل البنية الجديدة للثوار السوريين تتوافق مع هدف محابة تنظيم الدولة الأسلامي ، سواء لجهة الوقت الذي يستمر لسنوات من أجل تخريج دفعات مقاتلة فاعلة وهو يتطابق تماما مع الوقت الذي وضعته اميركا للقضاء على التنظيم، او لجهة الخطط والادوات التي تركز على التصدي لقوات برية دون أن يكون ضمنها اي تدريب على دفاعات جوية، أو حتى من حيث العقيدة القتالية ذات الطبيعة الدفاعية التي تركز على حماية الارض من إحتلال داعش، والواضح أن أميركا تريد قوات على الارض لصد داعش ودحرها وتريد المعارضة السورية أن تشتغل على هذا الموضوع وحسب وتستنزف نفسها دون ضمان لها بمساعدتها على إسقاط نظام الاسد، مع ملاحظة أن القوة التي ستدربها اميركا ستقتطعها من المواجهة مع بشار و"حزب الله" وزجها في مواجهات غير مفيدة.

بالطبع لا نلوم أميركا على أهدافها وأجنداتها، لكن أن يصبح الهم الوحيد" لممثلي المعارضة" هو البحث عن طرائق ترضي أميركا فذلك ما يثير الاشمئزاز، الثورات لا تحتاج لهذه المهارات، وحده النجاح الميداني يفرض على العالم البحث عن طرائق للتفاهم مع الثورة، ولولا التضحيات الإسطورية التي قدمها السوريون ولولا هذا الإصرار العنيد على النصر لما وجد العالم مشكلة في إعادة تأهيل الأسد، إذ يجب عدم المراهنة على أخلاقية السياسة الدولية، وثمة شعوب وثورات تم إغتيالها امام أعين العالم وإبادتها، والوقت ليس بمصلحة الثورة، يجب التركيز على مناطق إستراتيجية والإنتهاء منها ثم البناء على ذلك، هذا التشتت قاتل وغير مجدٍ أو مؤثر، وإطالة الوقت أمر خطير على الثورة ومستقبل سورية، لأنه يؤدي الى التكيف مع أوضاع معينة ويؤدي إلى ترسخ الفكرة عن سورية ممزقة، وعلينا أن نتذكر أنه في الصومال لم يحصل غير ذلك.

ليس من الأخلاق والمنطق الطلب من السوريين الانخراط في مشاريع للحفاظ على مصالح أميركا في نفط بغداد وأربيل وترك السوريين يموتون تحت براميل بشار دون رحمة وتلتهمم إيران بخبث ويستأسد عليهم حزب الله الذي يقتلهم بثأرية طائفية بشعة ويدعي أنه يقاوم الصهيونية، وليس من الأخلاق تدريب المقاتلين السوريين على أشعة الليزر ليتحولوا إلى أدلاء للطائرات الأمريكية لقصف مواقع داعش فيما أهلهم يعيشون الذل والموت في كل لحظة سواء اولئك الذين يقبعون في خيام اللجوء أو الذين يختنقون تحت سلطة نظام الأسد.

ما تفعله قيادات المعارضة وما تقوم به بعض القيادات الميدانية ليس سوى وصفة لإستمرارالألم ووصفة لعمل طويل وإستخدام من قبل قوى خارجية تنتظر نضوج تسويات وترسيخ ترتيبات، لكنها مكلفة على الصعيد الإنساني والعمراني، فيما الجسد السوري الذي يقذف أحشاؤه ينتظره الذئب الإيراني لينهشه، فهل من يسمع؟.

التعليقات (3)

    سوري أصيل

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    تحية للكاتب الذي يقول مافي قلب كل سوري صادق ومخلص لوطنه

    اصيل

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    احبتي حفظكم الله،،الجيش الحر حكم عليه بالنهاية والتشرذم م،،منذ تسلم احمد جربا واشكالله وجلاوزته القيادة السياسية للمعارضة.وكأنه عين لهذا السبب.لكم الله يا سوريين

    سوري حر

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    كلام صحيح ولذلك اغلب الشباب وخاصة المقاتلين تتوجه لتنظيم الدولة الاسلامية
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات