مناطق وطوائف ، من حيث الأغلبية وليس المطلق، اختارت أن تكون إلى جانب الأسد في حربه على الشعب، لمخاوف كان النظام يزرعها فيها لأربعة عقود مضت، وحصد ذلك مع اندلاع الثورة، ولربما بك يكن أبناء تلك المناطق والطوائف يعلمون أن نظام الأسد الذين اختاروا الوقوف بجانبه سيقابلهم بكل هذا الكم من الذل والاحتقار، بعد أن أقنعهم بوسائله القذرة أن توبتهم للسوريين لن تكون مقبولة بعد أن اريقت كل تلك الدماء التي شاركوه في إراقتها.
عنزة في السويداء
ففي السويداء التي تقطنها الغالبية الدرزية عوّض النظام العام الماضي ستين عائلة منكوبة بفقدانها أحد أبنائها، كانوا قد قتلوا في معاركهم مع النظام ضد السوريين، سواء كانوا من الجيش أو الأمن أو حتى ما يسمى بقوات الدفاع الوطني ( الشبيحة )، وقد عوضهم الأسد ، برأس من الماعز الشامي، عن كل ( قتيل )، ليكون رأس الماعز ثمناً لدماء ذلك القتيل أودي الى أهله، الذين وقفوا أمام كاميرات إعلام النظام شاكرين بِذُل من كان وراء تلك الأعطية والتكريم ، فيما نقلت صفحات نشطاء السويداء حالة الاستهجان التي أصابت عوائل القتلى جراء الاستخفاف بدماء أبنائهم، وهو ما لم يستطيعوا التصريح به على وسائل الإعلام خشية من ملاحقتهم والتنكيل بهم .
ولم يكن عاطف النداف محافظ السويداء في ذلك الوقت خجولاً من أن يصف أمام ذوي القتلى هذه الأعطية بقوله : " أنها منحة لها ركائز وتحمل معنى كبيرا " فأي معني من أن يكون رأس ماعز بدلاً من رأس قتيل، له اسرة وأولاد ،وبذل دمائه من أجل بقاء نظامكم ؟، ولعل ذلك لن يجد رداً إلا بالمثل العربي المعروف، " ان لم تستح فافعل ما شئت ".
شعير ثمن قتلى الـ pyd
يختلف (التعويض) بين منطقة وأخرى، أو بين تعويض قتلى عناصر ميليشيا عن أخرى، بحسب حجم ولائهم أو تضحياتهم في سبيل النظام، ففي الحسكة اختار النظام تعويض عائلات قتلى حلافائه في حزب الإتحاد الديمقراطي بأكياس من الشعير ، حيث سلم النظام مركز تخزين الحبوب في قرية ( سْباط ) قرب القامشلي والذي يحتوي على سبعة آلاف طن من مادة الشعير والتي كانت مخصصة لمربي الأغنام في تلك المنطقة، سلمها النظام لحزب الاتحاد الديمقراطي، وذلك تعويضاً عن قتلى الحزب الذين قتلوا في معارك مع النصرة وتنظيم داعش في رأس العين واليعربية وغيرها من المناطق .
وكان العميد (محمد ديب) المسؤول عن حزب الإتحاد الديمقراطي في القصر الجمهوري، هو من أشرف على تسليم تلك المنحة من النظام للحزب ، ليعمد الأخير على بيع الكمية كاملةً لتاجر حلبي والذي نقلها بدوره الى حلب عبر الطريق الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة ( داعش ) دون أي مضايقات .
قتيل القرداحة بعشرة آلاف ليرة!
أما في القرداحة مسقط رأس الديكتاتور حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، فقد بلغ ثمن القتيل هناك 50 دولارا أميركيا، أي ما يعادل عشرة آلاف ليرة سورية، أو أقل ، وزعها قبل أشهر الأمين القطري المساعد لحزب بشار هلال هلال على 500 عائلة من ذوي القتلى الذين لقوا حتفهم في معارك النظام مع الثوار في العديد من المناطق والجبهات ، تعويضاً عن حياة أبنائهم.
البوط ( دواء للجرحى ) في اللاذقية
وفي دمشق ملأت الشوارع باللوحات الإعلانية التي تروج للحمة التي تبنتها مؤسسة " الوعد الصادق " المعنية بشؤون القتلى والجرحى الذين يقاتلون في صفوف النظام، والتي أطلقت على تلك الحملة " لنداوي جراحكن " والمقصود هنا بجرحى الجيش والأمن الميليشلات التي تسانده من قوات الدفاع الوطني وكتائب البعث وغيرها، لكن الغريب في الأمر هو استخدام الحذاء العسكري كشعار لتلك الحملة، ما لاقى استهجان مؤيدي النظام قبل معارضيه، حيث انهمرت التعليقات على صفحة المؤسسة التي تتبنى الحملة وعلى صفحة الحملة بسيل من السباب والشتائم من هذا الاستخفاف بجرحى وقتلى الجيش والعبث بمشاعرهم بهذه الطريقة.
لكن (ريم سليمان) رئيسة مجلس أمناء المؤسسة، حاولت التهرب من المأزق الذي وضعت المؤسسة فيه، بتحميل مسؤولية فشل الحملة للإعلامي ( فيصل القاسم )، جاء ذلك في تصريح لها لجريدة (الأخبار )اللبنانية المؤيدة للنظام، حين قالت : " ان الحملة فشلت لأن فيصل القاسم أول من انتقدها لأهداف مغرضة ".
وسابقاً كان (الحذاء العسكري) حاضراً من خلال نصب تذكاري دشنه ورفع الستار عنه محافظ اللاذقية والذي وضع عند مدخل المحافظة، تخليداً لقتلى الجيش .
ا
لتحرش بنساء قتلى الدفاع الوطني!
يتحدث موالون للنظام في صفحات التواصل الاجتماعي عما يحدث في مركز الدفاع الوطني في حماة، والذي ترتاده نساء قتلى الأسد من الريف الغربي، ومعظمهم من الطائفة العلوية، وكان أزواجهن قتلوا مع الميليشيا التي يصفها السوريون بـ (الشبيحة ).
ترتاد نساء القتلى وذويهم المركز في سبيل قبض رواتب تعويض أزواجهن أو أبنائهم الذين لقوا حتفهم في المعارك مع الثوار، لكن موظفي المركز اعتمدوا تغييب الكثير من القتلى لغايات قذرة في أنفسهم.
فقد كشف أحد المواقع عن تقرير مسرب من أروقة الدفاع الوطني، أرسله موظف من مركز حماة لجهة أعلى منه، يقول فيه، أن "ثلاثة من موظفي المركز استغلوا نساء بعض القتلى جنسياً في سبيل تسهيل حصول تلك النساء على حقوقهن من رواتب وتعويض عن فقدان أزواجهن، وقد رضخت النسوة لذلك الأمر خشية من انقطاع الراتب أو تسهيل الحصول عليه على الأقل، وقد طال هذا النوع من الاستغلال أكثر من عشرين حالة تم توثيق أربعة منها في التقرير المسرب.
يتخلى النظام عن جنوده في مواقع ومعسكرات عدة، نقل منها الضباط والمتنفذين وترك الجنود الصغار لمصير القتل، ورغم ذلك لم يسلموا هؤلاء أيضا من يلقوا نصيبهم من الاحتقار من قبل النظام وإعلامه، والجميع شاهد قناة (شام )الفضائية التي كانت تصلها مئات الرسائل الغاضبة على شريط الرسائل فيها والتي يسأل فيها أهالي الجنود عن مصير أبنائهم الذين انقطعت أخبارهم في الفرقة 17 في ذلك الوقت ، التي اقتحمها مقاتلو (داعش )، وكانت القناة تستقبل الرسائل على وقع أغاني لفيروز وإعلان راقص !
التعليقات (8)