حصار الإبادة الجماعية على مدينة حمص

حصار الإبادة الجماعية على مدينة حمص
منذ 9 حزيران 2012 قام المركز السوري للاحصاء والتوثيق باصدار تحقيق استقصائي يوثق واقع مدينة حمص في ظل الحصار المفروض عليها والذي بلغ 655 يوما، وتعيد الاورينت نشر هذا التقرير الهام.

صراعٌ على الأرض

على ضفاف العاصي وفيها أقدم كنيسة في العالم، تبلغ مساحتها 42,223 كم2 ومركزٌ لأكبر المحافظات السورية والعقدة الأكبر للمواصلات في سوريا، ولما كان لها من دورٍ ظاهرٍ في الثورة السورية اشتهرت بعاصمة الثورة، تعيش اليوم حصاراً ودماراً، وتخوض حرباً عقب ثورة شعبية، ومواجهة عسكرية مفتوحة، بين أصحاب أرضٍ و بين أتباع نظام حاكم، فتحولت لساحة صراع مكشوفة، ترصدها باستمرار فوهات القناصة وعدسات الكاميرات، وحكاية الموت تحكيها وكالات الإعلام، عن حصيلة القتلى اليومية و فنون الدمار، وفصول التحدي بين الجوع أو الركوع، ليبقى الواقع القائم هو الشاهد الصادق وقد أفادنا في بحثنا وتوثيقنا بلغة الإحصاء و إيجاز الأرقام:

_ عدد أيام الحصار 645 يوم حتى تاريخ النشر، و المحاصرين إلى اليوم قرابة 2200 شخص1

_ جميع المدارس والأسواق مغلقة وانقطاع كامل لخدمات المياه والكهرباء والصرف والاتصال والنقل

_ أكثر من أربعين مسجد وثمانية كنائس وعشرات المعالم الأثرية ما بين المدمرة والمحترقة

_ أنتشار الريقان وأمراض الكلى، وعشرات حالات البتر للأطراف بسسب غياب الدواء والعلاج الطبي البسيط، وطبيب غير مختص لكل 1100 شخص.

1. حمص القديمة

بمساحة 1,2 كيلو متر مربع تقع المدينة القديمة في مركز حمص المدينة، و يبلغ عدد الأحياء السكنية فيها عشرة أحياء هي:

حي الحميدية، حي باب هود، حي وادي السايح،حي باب الدريب، حي باب التركمان، بستان الديوان، الصليبة، باب تدمر، حي بني السباعي وحي الورشة، جميعها داخل المنطقة المحاصرة باستثناء قلعة حمص الأثرية الواقعة جنوبي حي بني السباعي. تحتوي المدينة القديمة على آثار تعود للآلفية الثالثة قبل الميلاد، وفيها عدد من المتاحف في صورة قصور كقصر الزهراوي وقصر الآغا، كما وتضم العديد من المساجد والكنائس أقدمها كنيسة أم الزنار، وفيها أيضاً السوق التجاري الشهير، يزيد عمره عن مئتي عام وكان لمستودعاته دور كبير في توفير الحبوب والطعام للمحاصرين.

2. مسار الحصار

برز اسم حمص مع بداية الأحداث في آذار 2011، وشكلت بزخم مظاهراتها المطالبة بالحرية أيقونة للثورة السورية، وهو ما جعلها مسرحاً للمجازر على يد قوات الجيش السوري حتى أصبحت في مطلع 2012 صاحبة النصيب الأكبر من الضحايا بين المناطق الثائرة في سوريا، وسرعان ما أخذ الاحتقان الشعبي شكلاً مسلحاً لينتقل الصراع لطور آخر من المواجهة ليصبح معنى التحرر مرتبطاً بتحرير الأرض، و كان الإعلان عن أولى الأراضي المحررة من قبل الثوار في حي بابا عمرو، أعقب الإعلان اندلاع معركة في شباط/فبراير استمرت 27 يوم انتهت بخروج الثوار من المنطقة وازدياد وتيرة الاحتقان والتظاهر الرافض لحكم الأسد.

وفي الفترة بين شباط/فبراير و أيار/مايو 2012 شهدت حمص العديد من المجازر الكبيرة راحت ضحيتها المئات من المدنيين بين القصف وبين الذبح، كان أشهرها مجزرة الخالدية في شباط/فبراير ومجرزة كرم الزيتون في آذار/مارس و مجرزة الحولة في أيار/مايو، و تم تسجيل استخدام صاروخ سكود للمرة الأولى منذ بداية الأحداث، بالإضافة لظهور ما سمي بالمجموعات التشبيحية المتشكلة من المدنيين المواليين للأسد وكانت لهم مشاركة مباشرة في الحملات الأمنية في محاولة لاجتثاث الروح الثورية من حمص، باءت جميع تلك المساعي بالفشل، غير أن شكلاً من التشريد والتماييز السكاني الكبير حصل كنتيجة طبيعية للبحث عن الأمان والاستقرار، مما أتاح المجال أمام إمكانية المحاصرة، وكانت بداية توجه النظام لاستراتيجية الحصار على جموع المناهضين لحكمه.

16/05/2012:

التحضير للحصار

احتدام المواجهات وارتفاع الضغط نحو اجتياح المدينة، وانطلاق حملات عسكرية واسعة في محاور عدة، تمكن جيش النظام عبرها من السيطرة على جب الجندلي وباب سباع غربي المدينة القديمة.

09/06/2012:

بداية الحصار بالسيطرة على أحياء جب الجندلي و باب السباع و عشيرة وديربعلة ومن ثم البياضة

سيطر النظام على هذه الأحياء بشكل تدريجي عبر الحملات العسكرية، وقام بأغلاق جميع المنافذ والطرقات على أحياء حمص المحاصرة المذكورة باستثناء منفذ وحيد من حي جورة الشياح باتجاه حي الوعر بقي سالكاً برغم خطورة العبور منه بسبب وقوعه على مرمى قناصة الأسد.

طيلة عام كامل من هذا التاريخ قامت قوات الأسد باستهدف سيارات الخبز والمواد الغذائية، وسقط عدد كبير من المدنين نتيجة القنص والقصف بما أصاب الحركة نحو حمص المحاصرة بالشلل الكامل وأصبحت المناطق المسيطر عليها من قبل قوات الأسد منطلقات للقصف ما أدى لتهجير أغلب السكان من المناطق المحيطة وتم قطع الخدمات عن المنطقة المحاصرة.

في كانون أول/ديسمبر 2012 استطاع الثوار التقدم في محور البياضة _شرقي المنطقة المحاصرة_ فقام النظام بردعهم بالسلاح الكيماوي محافظاً بذلك على حدود الحصار.

09/06/2013:

إحكام الحصار

تمكن النظام من إحكام السيطرة غربي جورة الشياح وإغلاق المعبر الوحيد الواصل بين المنطقة المحاصرة وبين الوعر، حتى أن قوات الأسد قامت بتدمير خطوط الصرف الصحي بما يحول دون استعمالها للخروج من الحصار.

بلغ عدد المحاصرين آنذاك قرابة 3500 شخص1، وعدد الأحياء المحاصرة 14 وهي كما يلي:

منطقة الخالدية، جورة الشياح، القصور، القرابيص وأحياء حمص القديمة العشرة.

29/07/2013:

معركة الخالدية

في التاريخ المذكور استطاعت قوات الأسد بسط سيطرتها على منطقة الخالدية بعد معركة استمرت أربعة أسابيع.

08/10/2013:

حصار الوعر

دخول منطقة الوعر بشكل من أشكال الحصار من خلال قطع الطرق المؤدية لها بقوات وحواجز تابعة لنظام الأسد. ومنطقة الوعر تضم ما يقارب نصف مليون قاطن وتعتبر أكبر تجمع للاجئين من أهالي حمص القديمة.

حاولت قوات الأسد في تشرين أول/أكتوبر الاستيلاء على الأبراج الواقعة في حي الجزيرة السابعة في منطقة الوعر، وطرد المدنيين والتحصن في الأبنية. وفي 29/10/2013 استطاع الجيش الحر استعادة الجزيرة السابعة كاملة وحي الرقة في منطقة الوعر.

08/01/2014:

معركة المطاحن

قام الثوار بالتحرك نحو المطاحن وبهدف الاستيلاء على كميات الطحين والحبوب بغرض كسر الحصار عن مدنية حمص، استمرت المعركة لمدة 48 ساعة دون تحقيق أهدافها وراح ضحيتها العشرات في كمين.

07/02/2014:

جنيف2 ومبادرة فك الحصار

بضغوط ومساعي دولية للوصول إلى حل سياسي لكامل الصراع في سوريا بحسب ما هو معلن من أهداف ما اشتهر بـ "جنيف2"، كانت من نتائج الجولة الأولى أن توصل ممثلوا كلا الطرفين المتفاوضين "نظام الأسد" و "المعارضة السورية" إلى اتفاق على طريق فك الحصار عن حمص، أعقبه هدنة سمحت بخروج ما يقارب 1150 شخص وصل أكثرهم إلى حي الوعر المحاصر فيما لا يزال المئات قيد التحقيق لدى نظام الأسد محتجزين في مدرسة بإشراف الوفد الأممي.

3.1 حمص اليوم:

الواقع الأمني

القوات المسلحة

ليس وحده الجندي في "الجيش العربي السوري" أو الجيش النظامي للأسد هو المشارك في حصار حمص، بل يقف إلى جانبه عناصر مسلحة متنوعة يمكن الإشارة لهم من خلال التصنيف التالي:

_ الجيش النظامي: أو ما تبقى من المؤسسة العسكرية المنهارة والتي كانت لها الجهود الأولى في حصار حمص.

_ الجيش الوطني: مشكل أثناء الثورة على أساس طائفي من أبناء المناطق الموالية لنظام الأسد ويتحرك بشكل مستقل نسبياً عن القيادة المركزية للجيش النظامي.

_ حزب الله اللبناني: أخذ حضوره يزداد ظهوراً منذ منتصف 2013.

_ اللجان الشعبية: مجموعات مدنية مسلحة لا تدخل في إطار الجيش النظامي، ولا تخضع لإدارة مركزية، تتشكل في الأحياء الموالي لنظام الأسد، وتأخذ لنفسها أسماء شعبية من قبيل "كاسر العلي" في حي النزهة، و"أبو علي الأشقر" في حي السبيل.

والقوات العسكرية التي تفرض واقع الحصار يختلط فيها عناصر الجيش السوري بعناصر الجيش الوطني، وكذا عناصر حزب الله بعناصر الميليشيات المسلحة واللجان الشعبية المدعومة بالسلاح من نظام الأسد.

الطوق العسكري

خليط من القوات المسلحة المذكورة يحيط بالأحياء المحاصرة بما يشبه الطوق العسكري إلا أن هذا الطوق ليس على شكل خندق يلتف حول المدينة ومن خلفه آليات وجنود كما قد توحي التسمية، إنما هو طوق عسكري متعدد الأشكال بحسب الطبيعة الديموغرافية والعمرانية للمنطقة المحاصرة، يأخذ حيناً شكل حواجز عسكرية ونقاط تفتيش وحيناً شكل آليات ثقيلة خلف سواتر رملية و حيناً مجرد انتشار للقناصة بما يحقق الغاية، والنتيجة إغلاق جميع المعابر والممرات من وإلى المنطقة المحاصرة بما في ذلك مجاري الصرف الصحي.

يمكن الإشارة لهذه القوات العسكرية بما يلي:

_ الحصار المفروض يمنع الحركة بالاتجاهين دخولاً أو خروجاً، للسيارات و للراجلين سيراً على الأقدام، للأصحاء و للمرضى، للمدنيين وغيرهم2.

_ غرباً وجنوباً: يزداد حضور عناصر حزب الله اللبناني.

_ شرقاً: ترتكز القوات العسكرية إلى المجموعات المدنية المسلحة في الأحياء ذات الأغلبية العلوية على شاكلة اللجان الشعبية، مدعومة بآليات عسكرية وعناصر من الجيش. هذه الأحياء هي الزهراء والنزهة وعكرمة والعباسية، ويتركز نشاطها على فرض الحصار من جهة باب دريب وجب الجندلي وباب سباع والعدوي وباب هود ووادي السايح.

_ شمالاً: تنتشر القناصة بشكل كبير على تقاطع الطرقات الواصلة ما بين الأحياء المحاصرة وغير المحاصرة. من أشهر نقاط القنص: برج الكاردينيا، شعبة الحزب في حي الاتحاد النسائي، قلعة حمص، فندق SkyView، قياد الشرطة، أبراج الكورنيش - العكام , الإنارة -. 3

_ بيوت المدنيين في محيط المنطقة المحاصرة يجري استعمالها كنقاط عسكرية.

_ لقطع المداخل الرئيسية يعتمد الحصار على الحواجز العسكرية المدعمة بالآليات و الدبابات.

_ لقطع الطرق الممتدة من غابة الوعر ومن منطقة الغوطة يعتمد الحصار على انتشار القناصة.

_ لقطع الطريق من جهة حي باب هود يعتمد الحصار على خندق جرى حفره على امتداد الحي المذكور.

_ من المفيد ذكره أن قسم كبير من مخازن نظام الأسد من طائرات وذخائر وسلاح يكمن في ريف حمص الشرقي.

القصف

يشتد القصف مع كل محاولة اقتحام للأحياء المحاصرة، و هي محاولات منتظرة باستمرار ولا وقت محدد لانطلاقها حيث الأساس في نجاحها يستند لتحقيق مبدأ المفاجأة أكثر من الاعتماد على الكثافة النارية، الأمر الذي تقتضيه الطبيعة العمرانية للمنطقة المحاصرة والتي لم تحقق فيها الكثافة النارية سوى الدمار. وسطياً هناك محاولتي إقتحام إلى ثلاثة في كل أسبوع ومن محاور مختلفة تقوم بها قوات الجيش النظامي، وأما الجيش الوطني فمحاولاته تأتي بشكل ارتجالي بوتيرة خارجة عن التصنيف.

السلاح الكيماوي جرى استعماله مرات عديدة، وفي البياضة بتاريخ 23تشرين الثاني/نوفمبر2012 استخدمه النظام كسلاح ردع لوقف التقدم الميداني الذي حققه الثوار، وقد سجلت حينها سبعة وفيات وعشرات الإصابات4.

يمكن الإشارة لصورة القصف من خلال ما يلي:

_ تتفاوت سوية القصف فلا يوجد كمية ثابتة من القذائف أو أوقات محددة لسقوطها، والثابت أنها بشكل يومي.

_ يتم تسجيل سقوط قذائف في الأحياء المحاصرة من الأحياء المؤيدة بشكل شبه يومي، بينما القصف النوعي بالسلاح الثقيل كالدبابات و صواريخ أرض- أرض فلا ينحصر في جهة محددة ويأتي بوتيرة أخفض بشكل ملحوظ، أما الغارات الجوية فهي بمعدل غارتين كل شهر وسطياً في الأحوال العادية.

_ لا يقتصر القصف على خطوط المواجهة بل ينال العمق المدني

_ تتنوع الأسلحة المستخدمة في القصف ومنها الرشاشات الخفيفة والثقيلة والدبابات وراجمات الصواريخ، والهاون هو الأكثر استخداماً، و الأسطوانات المتفجرة كثيرة الاستخدام أيضاً.

_ الأحياء المؤيدة لنظام الأسد هي مصدر رئيسي لقذائف الهاون الموجهة على الأحياء المحاصرة، بينما البيوت المحيطة بالحصار (الأبنية المهجورة) هي مصدر انطلاق رئيسي للبراميل المتفجرة.

_ مصادر إطلاق الصواريخ بشكل أساسي هي: كلية الهندسة، قلعة حمص، بالإضافة لمصنع الصواريخ قرب مسكنة.

_ تتموضع راجمات الصواريخ بشكل رئيسي في: مخفر شرطة القسم الشمالي قريب من الجامعة، راجمة في حرم الجامعة، راجمة في المناطق الموالية (عكرمة و النزهة) والمشهورة بالراجمة الكورية.

_ أما الريف الشمالي لحمص _خارج الحصار_ فيتعرض أيضاً للقصف من كلية الهندسة الموجودة في مدينة المشرفة شرق حمص، ومن قطعة عسكرية في زيدل لتصنيع الصواريخ. يتم القصف أيضا من الأحياء الموالية للنظام والأحياء التي تسيطر عليها اللجان الشعبية أو ما يعرف بـ "مجموعات الشبيحة"، ومن منطقة الغابة في الوعر.

_ المطارات مصدر الطلعات الجوية هي: مطار تيفور(من أقوى المطارات العسكرية في سوريا و يحتوي على أكبر عدد من طيارات الميغ 29 التي لم تدخل ساحة الحرب بعد)، مطار الشعيرات (يقتصر نشاطه على الطلعات الجوية في حمص ومحيطها)، مطار تدمر العسكري ومطار الضبعة.

_ يتمركز سلاح المدفعية بشكل ريئسي في: كتيبة المدفعية في مسكنة، مدفعية تل شنشار، مدفعية تل نقيري.

_ تعتمد الاقتحامات بشكل رئيسي على المجنزرات ويسبق حركتها التمهيد بالأرض المحروقة من خلال إطلاق صواريخ أرض أرض وصورايخ سكود.

_ نقاط التماس بشكل أساسي هي من جهة: باب هود، القرابيص، جورة الشياح، القصور والصفصافة، وقد ترك القصف في الخطوط الأمامية من هذه الأحياء دماراً كاملاً.

_ يتركز القصف داخل العمق المحاصر على البنية الإدارية كالمدارس والمساجد والمشافي وعموم المرافق العامة.5

وجاء في تقرير اللجنة الطبية بحمص المحاصرة تأكيد لاستخدام الكيماوي مرات عديدة غير حادثة البياضة: "قد سجلت عدة حالات لكن على مستوى أضيق وأقل آثاراً. وقد شوهدت في حمص مرات متعددة حيوانات ميتة بكميات كبيرة خاصة في منطقة الخالدية وجورة الشياح ومحيط حمص القديمة."6

وعن السلاح الثقيل ضد المدنيين جاء في تقرير اللجنة أيضاً " لا يقتصر استخدام الطيران والأسلحة الثقيلة على الجبهات بل تتعدى هذه الأسلحة غالباً المحيط وتستهدف المشافي وأماكن تجمع المدنين وكل من توفي من المدنين في المنطقة المحاصرة كان بسبب هذه الأسلحة وليس بسبب تواجدهم على الجبهات."7

3.2 حمص اليوم: الواقع المعيشي

غابت الدولة بكل خدماتها، وبقي النظام بقصفه وحصاره، فتحولت المنطقة المحاصرة لمحيط واسع من الخراب، وعاد الحصار بشكل الحياة إلى عصور قديمة، حيث لم يعرف الإنسان صنابير المياه أو شبكات الهاتف أو شبكات الكهرباء، وعادت للظهور بعض المهن المنقرضة كمهنة البوابيري (مصلح القنديل، وهو أداة تستعمل الزيت أو الغاز كسراج للإنارة) ومصلح الآبار العربية التي تعمل بالحبل والدلاء لا بالمضخة الكهربائية، بعض الأمهات تغلي البرغل مع القطر "بديل للسكر" كي يطعمن أولادهن كبديل عن الحليب المفقود، غير أن هذا أصبح مؤخراً شكلاً من الذكرى الجميلة، حيث البرغل لم يعد متوافراً أيضاً، ولم يعد خبراً مستغرباً ولادة الأطفال خدج (بوزن دون الثلاثة كيلو غرام لدى الولادة) ولا خبر وفاة الخدج بعد أيام قليلة من الولادة بسبب سوء التغذية وفقدان حليب الأطفال8.

يمكن تسليط الضوء على جوانب من صورة الحياة اليومية من خلال الوقوف بإيجاز مع التفاصيل التالية:

يفتقد المدنين لمختلف المواد اللازمة للحياة بما فيها:

الأسواق: جميع الأسواق مغلقة بما فيها السوق التجاري الشهير، ومن غير الممكن التقدم بنشرة بأسعار السلع الرئيسية في تاريخ إصدار هذا التحقيق، حيث أنه لا وجود للسلع الأساسية ولو بأسعار مرتفعة، لا سيما بعد انقضاء مرحلة المبادرة الأممية في شباط/فبراير 2014.

في بداية الحصار كانت اللجنة الإغاثية التابعة لمجلس المدينة تشتري من محلات السوق المواد الأساسية كالبرغل والأرز والفول ، وتتولى توزيعها على الناس أسبوعيا ، وبعد إتمام خمسة أشهر على الحصار توقف التوزيع واقتصرت عمليات بيع الطعام على التواصل الفردي وبأسعار مرتفعة مع محدودية في المواد المتوافرة.

الطعام: شكلت محلات السوق التجاري ومخازنه مصدراً أساسياً لطعام المحاصرين، وكذلك ماتبقى من مؤن في آلاف البيوت المهجورة في المدينة، وتغيب من موائدهم أصناف الخضار والفواكه واللحوم و كل ما هو بحاجة للتبريد أو التثليج، إلا ما كان من زراعة محلية واعتماد ذاتي أو لحوم من صيد الطيور في السماء وأحياناً الحيوانات الشاردة و الأعشاب، ومؤخراً يفتقدون حتى للمواد التقليدية حيث أصبح البرغل والأرز مواداً نادرة جداً.

وعلى اعتبار المدينة المحاصرة منطقة سكنية تقل فيها البساتين وتتهددها أعيرة القناصة، لجأ الأهالي للزراعة على سطوح المنازل أو في باحات البيوت العربية القديمة.

مياه الشرب: بعد ضرب البنية التحتية لشبكة المياه يلجئ المحاصرون لمياه الآبار القديمة كمصدر وحيد للمياه بعيداً عن إجراءات التعقيم واختبارات الصحة، إلا ما كان من تمرير المياه في مرحلة غلي قبل استعمالها كماء للشرب، وقد سبب تلوث المياه حالات مرضية مختلفة.9

اعتمد الأهالي المحاصرون على المضخات الكهربائية لاستجلاب الماء من الآبار، و مؤخراً بدأ الاعتماد على الحبال والدلاء بالطريقة اليدوية بسبب شح الوقود.

الكهرباء: المصدر الأساسي لتوليد الكهرباء هي المولدات التي تعمل بالوقود (الديزل أو المازوت)، وبسبب ندرة الوقود مع شدة الحاجة لها يجري استعمال الكهرباء مع الكثير من التقنين. تعتبر شبكة الكهرباء النظامية معطلة بالكامل، و وبصورة استثنائية تتمكن بعض الأحياء شمال غرب المنطقة المحاصرة من سحب الكهرباء عبر تمديدات الشبكة النظامية المتعرضة للقصف.

الوقود: المصدر الحراري اللازم لطبخ الطعام أو للتدفئة هو الحطب بشكل أساسي، على الرغم من الكميات الكبيرة من غاز الكربون الضار الناتج عن احتراقه. كما شكلت خزانات الوقود المنزلية مصدراً أساسياً للوقود في وقت سابق، ومع مضي عشرين شهر على الحصار أصبحت الموائد والأبواب المكسرة والأثاث الخشبي المتحطم بالقصف هو مصدر الوقود الرئيسي.10

دور المنظمات الدولية

جرت عدة محاولات على امتداد فترة الحصار لإدخال المساعدات الإغاثية عبر الصليب أو الهلال الأحمر، تم إفشالها جميعاً من قبل نظام الأسد ما سوى مرة واحدة في تشرين الثاني 2012، دخلت خلالها مجموعة مساعدات عبر الصليب الأحمر الدولي برفقة الهلال الأحمر السوري احتوت الحصة الواحدة على بعض الأغذية كالعدس والبرغل والزيت، ليس فيها خضار أو فواكه أو طحين أو لحوم باستثناء سمك الطون المعلب، بالإضافة لبعض مواد التنظيف و قليل من الأدوية، بما يعادل تقريباً نصف حصة لكل عائلة، واستهلكت المساعدات في أقل من أسبوع.

في شباط/فبراير 2014 شهدت حمص مبادرة دولية حاولت تجاوز سقف إدخال المعونات وصولاً لكسر الحصار وصناعة تسوية تكون بمثابة مدخل لحل سياسي شامل، وفي هذا السياق جرى رصد المبادرة الدولية في هذا التحقيق خارج جهود توثيق الواقع المعيشي، ليكون لها عنوان مستقل في محاولة للوقوف على أثر المبادرة المباشر على مسار الحصار.

3.3 حمص اليوم: الواقع الطبي

"عبد المعين عبد الحميد الرفاعي" شاب في حمص المحاصرة، عمره ثلاثون عاماً، أصيب بشظية في قدمه، وظل على مدى شهرين وإصابته تسوء أكثر، فالجرح لا يلتئم بسبب سوء التغذية وغياب العناية الطبية اللازمة بسبب عدم توافر المواد الطبية، بعد ذلك تراجعت حالته النفسية بشكل كبير، إلى أن توفي بتاريخ 8 / 12/ 2013.

هذه ليست حالة فريدة، فطبقاً لما قاله أحد الأطباء في مشفى ميداني أن "الجرحى الذين تستلزم إصاباتهم 15 يوما لتشفى يحتاجون إلى شهرين في حمص المحاصرة، وحتى بعد شهرين لن تلتئم جراحهم بشكل جيد، توجد لدينا العديد من الإصابات التي يلازم أصحابها الفراش حتى الآن منذ أشهر، وجراحهم لا تزال غير ملتئمة".

المشافي

من المشافي الشهيرة قبل الحصار في حمص المشفى الوطني، هو اليوم متوقف عن العمل بشكل كامل بسبب استهدافه بالقصف المباشر كحال غيره من المشافي في عموم المناطق المحاصرة، وقد ساهم استهداف المشافي في تشريد الكادر الطبي ما بين النزوح خارج نطاق المواجهات وبين المشافي الميدانية تحت أقبية المباني السكنية.

المشافي التي تقوم اليوم باستقبال الإصابات والحالات المرضية هي مشافي ميدانية ذات إمكانيات محدودة للغاية، يمكن الإشارة لها من خلال:

_ عدد المشافي الميدانية في حمص المحاصرة 2 فقط

_ التجهيزات الطبية المتوافرة تقدم الإجراءات الإسعافية فقط، وليست مهيئة لاستقبال الحالات الحرجة كإصابة الرأس فيكون مصير المصاب هو انتظار الموت.

_ الإصابات الحربية يجري التعامل معها بعيداً عن أدوات التشخيص المتطورة التي تستخدم في مراقبة وضع المريض وتقدمه في درجات الشفاء أو تراجعه، فلا أجهزة رنين مغناطيسي ولا مخابر ولا غير ذلك من ضروريات

_ غرف عمليات بعيداً عن التهوية أو أشعة الشمس ما يعني غياب التعقيم السليم، حيث يعالج المرضى ضمن غرف أعدت لاحقاً تحت الأرض هروباً من القصف اليومي من سلاح الطيران المستهدف للمشافي على وجه الخصوص.

الكادر

الطاقم الطبي في حمص المحاصرة مكون من 3 أطباء أحدهم طبيب أسنان. و الباقي هم من المتطوعين من أصحاب المهن الأخرى أو من طلاب كانوا يدرسون الطب ولم يحصلوا على شهادات بعد، معظمهم يكتسب الخبرة بالممارسة، وباب الانتساب للكادر الطبي مفتوح ويتم ذلك عبر التدرب في المشافي الميدانية، كما أن هناك دورات إسعاف أولية دائما للمقاتلين.

يتعرض الكادر الطبي ومقراته للقصف المتكرر، ونقلاً عن اللجنة الطبية " قصف الطيران أكثر من مرة مشافي ميداينة (ثلاثة مرات على الأقل) وقصف المدفعية المشافي ومنازل الأطباء أكثر من عشرين مرة خلال العام الأخير وفقد الفريق الطبي سبعة من أفراده جراء القصف استشهدوا خلال استهدافهم من قبل قوات النظام المحيطة بالمكان من كل جانب"7.

الأمراض والإصابات

لا تنحصر المعاناة الصحية في شريحة مصابي الحرب، بل تتسع المعاناة لتشمل جميع المحاصرين، في صورة إصابة عضوية أو نفسية، وتطال الأطفال والنساء ليجري تسجيل العديد من حالات التلعثم في النطق لدى أطفال دون السادسة من العمر، والعديد من حالات الإجهاض لدى حوامل بسبب الخوف جراء القصف أو بسبب الإجهاد الذي يفرضه نمط العيش القاسي في ظروف الحصار، إضافة لدور سوء التغذية في إضعاف المناعة وتأخير التشافي من الإصابات وتهيئة المحيط العام لانتشار العدوى، فضلاً عن دور الطقس البارد في توليد الإنتانات في الجراح سيما مع غياب وقود التدفئة واختباء العمل الطبي في الأقبية طلباً للسلامة من القصف.

بتر الأعضاء المصابة يصبح في كثير من الحالات ضرورة لا بد منها، في ظل غياب طبيب الأعصاب وغياب القدرة على إجراء عمليات تخصصية وانتشار الإنتانات في الجروح نتيجة الجو وصعوبة اندمال الجراح بسبب غياب المصدر الغذائي الحيواني وفقد الفيتامينات والفواكه إضافة لغياب العناية الطبية اللازمة بعد العمل الجراحي، وهذا ما قد يفسر وجود العديد من حالات البتر لأطراف شباب حمص المحاصرين.

يمكن الإشارة لأكثر الحالات المرضية وقوعاً من خلال ما يلي:

_ إلتهاب الأمعاء بصورة حالات من الإسهال والامياء والرجفة، نتيجة التسمم الغذائي بسبب تناول الأطعمة الفاسدة والمياه الملوثة.

_ إلتهاب كبد وبائي (TYPA) مترافق مع وهن عام وإعياء وبعض الأعراض الهضمية كالإسهال.

_ "يوجد حوالي ثلاثين حالة أمراض قلب وأوعية دموية ولا يوجد أية أجهزة سوى جهاز تخطيط قلب وقد وردت حالتان احتشاء حاد وتم تطبيق دواء (سترتبو كيناز) بدون متابعات أخرى لعدم توفر هذه المتابعات مع تسجيل ثلاثة وفيات من ضمنها حالات ارتفاع توتر شرايني تعالج بالأدوية تجريبياً حيث لا يتوفر تحاليل دموية أو تصوير صدى القلب.

_ يوجد عدد من الأمراض الداخلية الأخرى مع حالات حركة من أمراض المفاصل والغدد والأمراض العصبية المختلفة بالإضافة لحالات نفسية متعددة ناتجة عن ظروف الحصار والقصف اليومي وما يخلفه من شدات نفسية وحالات الشدة النفسية متفاوتة (stress.)

_ بالإضافة للأمراض الهضمية ومنها تهيجات الكولون والقرحات المتعددة حيث يوجد حوالي عشرة حالات نزف هضمي علوي عولجت بالأدوية الفموية ماعدا حالتين اضطررنا لإجراء عمل جراحي (فتح بطن) وإيقاف النزف فيما كانت تعالج خارج الحصار بتنظير هضمي بسيط"7.

_ أمراض الكلى والكبد، و الريقان الذي تسبب بوفاة شخصين على الأقل، والذي من الممكن للمريض به خارج الأحياء المحاصرة أن يحصل على العلاج المطلوب وبكميات بسيطة من الأدوية، وباعتبار هذا الدواء مفقود في حمص المحاصرة يكتفي الممرضون بعزل المريض لتجنب انتشار العدوى، وتخصيص حمية غذائية له مكونة من أطعمة محددة ضمن ما هو متوافر. يعود سبب انتشار هذه الأمراض إلى شرب مياه الآبار الملوثة.

_ بالإضافة لإصابات الحروب والتي تصل بمعدل وسطي إصابة يومياً بشظايا مقذوف أو بانهيار جانب من المسكن نتيجة تعرضه للقصف

الأدوية

اللحوم وعموم المصدر الحيواني، والفواكه كمصدر رئيسي للفيتامينات، هما من أكثر المواد عوزاً في المنطقة المحاصرة، وغيابهما ينعكس سلباً بشكل كبير على الوقاية و على العلاج.

لا يمكن تقديم لائحة بالأدوية المطلوبة، بينما قد يبدو الحديث عن الأدوية الموجودة ممكناً أكثر، حيث لم يعد يتوافر من الدواء ما يمكن أن يسد الحاجة العادية فضلاً عن ظروف الحرب الاستثنائية.

يمكن أن نشير للوضع الدوائي باختصار بما يلي:

_ معظم الأدوية الموجودة في المشافي الآن منتهية الصلاحية،

_ يوجد عوز شديد لجميع أنواع الأدوية الأساسية كالمسكنات والفيتامينات والمضادات الحيوية، وبشكل خاص لأكياس السيروم

_ و كذلك المضادات الحيوية المتقدمة المساعدة في القضاء على الجراثيم لتقصير فترة الاستشفاء والمساعدة على إندمال الجروح بعد العمل الجراحي.

3.4 حمص اليوم: الواقع التعليمي

سعى المركز لتوثيق واقع العملية التعليمية من خلال الوقوف على تفاصيل النشاطات التعليمية، غير أن الواقع تحت الحصار لم يكن يحتوي على عملية تعليمية بالأساس، فانتقل البحث ليشمل منطقة الوعر الأحسن حالاً مما هي عليه المناطق المحاصرة في حمص القديمة، وفيما يلي نحاول إيجاز الواقع المشاهد بالنقاط التالية:

_ العدد التقريبي للمدارس النظامية يصل إلى 25 مدرسة.

_ باستثناء منطقة الوعر، جميع المدارس الواقعة في المنطقة المحاصرة مغلقة بسبب القصف.

_ أكثر المدارس بحاجة لأعمال إعادة التأهيل الكامل، لا مجرد ترميم جزئي.

_ كانت هناك في وقت سابق نشاطات تعليمية بمبادرات تطوعية من الأهالي، انتهت بالتوقف الكامل بسبب ظروف الحصار وتحول أولوية التحرك إلى البحث عن أسباب البقاء.

_ في منطقة الوعر لا يزال هناك شكل من أشكال العملية التعليمية التقليدية، حيث تفتح المدارس أبوابها، لكن الأهالي قد يمتنعون عن إرسال أبنائهم خشية القصف، و هو ما يحدث فعلاً بشكل متكرر.

_ أكثر أبناء المناطق المحاصرة فقدوا حقهم في التعلم لسنتين على التوالي، وفي بعض الأحيان لثلاث سنوات.

4. "جنيف2" والمبادرة الأممية لإخلاء المدنيين

بضغوط ومساعي دولية للوصول إلى حل سياسي لكامل الصراع في سوريا بحسب ما هو معلن من أهداف ما اشتهر بـ "جنيف2"، كانت من نتائج الجولة الأولى أن توصل ممثلوا كلا الطرفين المتفاوضين "نظام الأسد" و "المعارضة السورية" إلى اتفاق على طريق فك الحصار عن حمص يقضي بـ:

❏ إدخال وجبة من المعونات الغذائية لحمص المحاصرة

❏ إتاحة المجال أمام شريحة من المحاصرين تقدر بخمسمئة شخص للخروج منها

❏ اعتبار الشريحة العمرية كشرط للخروج من الحصار بحيث لا يخرج إلا من كان سنه دون السادسة عشر أو يزيد عن الخامسة والخمسين.

❏ أن يتم الخروج بإشراف وفد من الأمم المتحدة عبر حاجز جورة الشياح غربي المنطقة المحاصرة

❏ أن تقوم الأمم المتحدة بتأمين الطريق أمام الخارجين إلى حين دخولهم حي الوعر(شمال غرب حمص) المحاصر أيضاً من قبل جيش الأسد والخاضع لسلطة الجيش الحر

وفي 7 شباط/فبراير بدأ تطبيق الاتفاق بإخلاء المسنين فيما أطلق عليه ناشطون اسم"التهجير القسري"، إذ أن الاتفاق الذي تم برعاية أممية لم يكن منصفاً لمطالب المحاصرين بحسب ما ذهبت له شهادة بعضهم، حيث كان من المنتظر أن يتم رفع الحواجز وتأمين الطرق لدخول وخروج أهالي حمص ومواد الإغاثة بدلاً من الاكتفاء بإخراج البعض و إبقاء الحصار، بينما لم يعتبر الاتفاق الحاصل جوهر الصراع والذي هو صراع على الأرض، بين أبنائها أصحاب البيوت و بين جيش دولة من خلفه خليط من القوات المسلحة الأجنبية، ليحرز نظام الأسد عبر الاتفاق المبرم تقدماً جديداً يضاف إلى ما أنجزه الحصار على صعيد تهجير أصحاب الأرض المعارضين لسياسات الأسد. يعزز هذه النظرة لدى أهالي حمص وقوع انتهاكات حقوقية صارخة أثناء الهدنة المرافقة لبنود الاتفاقية، وفيما يلي بعض التفصيل بإيجاز بحسب التسلسل الزمني:

22/1/2014: بداية مؤتمر جنيف2 مع أولى جولات التفاوض للوصول إلى مدخل لحل سياسي للصراع في سوريا

31/1/2014: نهاية الجولة الأولى من المفاوضات بالاتفاق على دخول مساعدات إنسانية إلى حمص وكذا إخلاء المسنين بإشراف فريق الأمم المتحدة، مع الاتفاق على استئناف المباحاثات في جولة ثانية ابتداءً من 10/02/2014

7/2/2014: أول أيام الهدنة، وخروج 76شخص من المحاصرين تعرض بعضهم أثناء العبور إلى سيارات الأمم المتحدة لإطلاق نار من جهة جيش الأسد

8/2/2014: ثاني أيام الهدنة، ودخول اثنتين من شاحنات المساعدات الإغاثية للمنطقة المحاصرة، تعرضت أثناء عبورها للقصف بالهاون، تبادل الطاقم الهلال الأحمر المرافق للشاحنات عبارات التهنئة بالنجاح في الوصول سالمين برغم القصف.

9/2/2014: ثالث أيام الهدنة، وخروج 607 شخض بحسب ما أوردته إحصائية الأمم المتحدة.

10/2/2014: بداية الجولة الثانية من المحادثات ورابع أيام الهدنة، وخروج ما يقارب 250 شخص

11/2/2014: خامس أيام الهدنة، لم يحضر أياً من الوفد الأممي أو من فريق الهلال الأحمر

12/2/2014: آخر أيام الهدنة، وخروج ما يقارب 217 شخص ودخول بعض المواد الإغاثية من رز وطحين ومعلبات

15/2/2014: انتهاء الجولة الثانية من مباحاثات جنيف2 و إعلان الأخضر الإبراهيمي عن فشل الجولة.

17/2/2014: طلعات جوية نفذتها مقاتلات الأسد على المنطقة المحاصرة ما تم اعتباره انهياراً لهدنة وقف إطلاق النار.

12/3/2014 مُضي شهر على انتهاء مهمة الوفد الأممي، لا يزال الحصار الأول قائماً دون أي تبدل حقيقي طرأ على ظروف الحياة داخل الحصار، حيث لا تزال جميع الخدمات والمقومات مفقودة، ولا تزال مصادر الطعام والدواء مقطوعة، ولا تزال ظروف الحرب القاسية مخيمة على مدار الساعة، فيما يستمر الصراع غير المتوازن على الرغم من وقوف الوفد الأممي على الكثيرمن الوقائع والمشاهد والانتهاكات.

المساعدات الإغاثية

استطاعت المبادرة كسر الحصار جزئياً، من خلال فتح طريق لدخول المعونات الإغاثية، غير أن"الحصص الغذائية التي دخلت لم تتجاوز ال500 حصة، فقط لا غير بالإضافة الى 288 كيس أرز و 90 كيس طحين و 250 حصة صحية فقط لا غير , و بالتالي ما دخل إلى المنطقة المحاصرة لا يكفي في أحسن الأحوال إلا لفترة وجيزة قد لا تتجاوز الأسبوع الواحد ، وهذا بحسب الهلال الأحمر العربي السوري."11

الانتهاكات

عشرات المقاطع المصورة التي رصدت الوقائع من زوايا مختلفة وفدت عبر شبكة الإنترنت لتكشف بوضوح مسار الأحداث وطبيعة وحجم الانتهاكات الحاصلة، و كذلك هي شهادات الأهالي من كانوا شهود عيان على مجرى الأحداث.

بحسب شهادة أحد المحاصرين السيد ثائر الخالدية يمكن تلخيص الانتهاكات الظاهرة كما يلي:

"في اليوم الأول وخلال خروج الدفعة الأول جرى أول انتهاك للهدنة وتم إطلاق النار من قوات النظام على المدنيين الذين كانوا يحاولون الخروج من الأحياء المحاصرة وتم إصابة أحد المسنين وقد تم إسعافه من قبل الهلال الأحمر بحضور وفد الأمم المتحدة ، وفي اليوم الثاني وحين دخول المساعدات جرى الخرق الثاني للهدنة بقصف منطقة دخول المساعدات واستشهد ما يقارب 7 من المدنيين وأصيب عدة أخرين أيضا بحضور الأمم المتحدة، وفي اليوم الثالث جرى الخرق الثالث للهدنة عند خروج المدنيين بقصف معبر الخروج مباشرة مما أدى إلى استشهاد ما يقارب 9 أشخاص وأيضا كان وفد الأمم المتحدة في الجهة الثانية من المعبر ، وفي اليومين الرابع والسادس لم تتعرض مناطق العبور للقصف نهائيا ولكن كانت أحد مفارق الطرق المطلة على المعبر تتعرض بشكل متقطع لإطلاق النار من قبل قناصة النظام السوري."12

المحتجزين في مدرسة الأندلس

فيما وصلت حصيلة الخارجين من المدينة المحاصرة قرابة 1150 من المدنيين، تعرض أكثر من نصفهم للاحتجاز لدى قوات الأسد، ووصل الباقي إلى منطقة الوعر المحاصرة أيضاً.

من بين المدنيين الذين خرجوا من الحصار من لم يتحقق فيه شرط الشريحة العمرية، جرى احتجازهم في مدرسة بإشراف وفد الأمم المتحدة كما جرى التحقيق معهم من قبل قوات الأسد، وقد أفاد ناشطون بتاريخ 15/2/2014 بما يلي:

"حول المحاصرين المحتجزين في مدرسة الاندلس : 14-2-2014

العدد الكامل 620

عدد الذين خرجوا في الدفعة الأولى 111

عدد الذين خرجوا في الدفعة الثانية 58

عدد الشباب داخل المدرسة الآن 451

ومنهم 70 لديهم حالات بتر أطراف"11.

وقد اشترطت قوات الأسد على المفرج عنهم عدم التوجه لحي الوعر بينما سمحت لهم بالانتقال لمناطق أخرى تخضع لسيطرتها كالغوطة والميدان وكرم الشامي.

تقييم المبادرة شعبياً

في استطلاع رأي محدود مع بعض المحاصرين بغرض قياس الرأي العام لتقييم المبادرة الأممية عقب انتهاء آخر أيام الهدنة، بدا من الواضح أن المشهد لم يكتمل لدى المحاصرين وأن من المبكر الآن الحكم على المبادرة فيما لو كانت جيدة وممهدة للمزيد، بينما الواقع أن هناك حالة ترقب لما هو قادم. وأما فيما يتعلق بمستوى أداء الفريق الأممي و فريق الهلال الأحمر فقد أشاد البعض بشجاعة الفريق ومتابعة عمله برغم القصف والإصابات، واستنكر آخرون طريقة الإخلاء التي لم تأمن للمحاصرين مخرجاً كريماً، مما جعلهم عرضة للقصف مراراً واضطرهم للتخلي عن أمتعتهم في الطرقات من شدة التعب.

5. آثار حمص تحت الحصار

في الأمس كانت أميسا، واليوم اسمها حمص، لم تزل حضارة عهد الرومان حاضرةً في معالمها، وقد اشتهرت حمص بغناها الأثري نظراً لموقعها وما شهدته المنطقة من حضارات أقوامٍ وأمم، وحتى بداية الأحداث كانت لا تزال حمص مضرب مثل في التنوع الإثني والثقافي والمذهبي بما يحاكي سيرة تاريخها، ومبانيها القديمة شاهدةٌ في زاوياها، إلى أن قام نظام الأسد باستهداف شخصيتها التاريخية بتدمير أبنتيها و طمس معالمها وتحطيم كل رمز معتبر في مدينتها القديمة، وفيما يلي قائمة بأسماء المعالم المتعرضة لدمار، من أبنية أثرية ذات القيمة الاعتبارية، كالمساجد والكنائس والقصور:

قلعة حمص: في حي باب السباع وآخر ما تبقى من السور الحجري التاريخي المحيط بالمدينة القديمة.

مسجدالصحابي الجليل خالد بن الوليد : (قصف اربعين مرة وتهدم قسم كبير من بناءه الخارجي والاضافة الى سقفه).

قلعة الحصن: دمر منها الكثير. شرق المدينة(خارج الحصار)، كواحدة من مواقع التراث العالمي، المحمي من قبل اليونيسكو.

السوق الأثري : و عمره أكثر من 200 سنة.

قصر الزهراوي: "متحف الفولوكور الشعبي" وهو عبارة عن قصر (قصر الزهراوي) يعود إلى الحقبة المملوكية خلال حكم الظاهر بيبرس وتتبع له حديقة كبيرة تحوي مدفعًا وقذيفة ترقى للقرن الثالث عشر ونحت نافر لأسدين وهما رمز السلطان بيبرس.

قصر الآغا

قبر الصحابي الجليل ابو الهول: في حي الحميدية، دمر بالكامل.

قصر جوليا دومنا.

أما الكنائس الموجودة في أحياء الحصار فعددها 8 تعرضت جميعها للقصف، وهي:

كنيسة أم الزنار: أقدم كنيسة بالعالم (مدمرة بالكامل)، تعرضت للقصف بصاروخين من نوع أرض أرض، و غارة جوية بشكل متقطع وفارق زمني

كنيسة الأربعين شهيد "حي بستان الديوان"، الكنيسة الإنجيلية الوطنية "حي بستان الديوان"، كنيسة سيدة السلام "حي بستان الديوان"،مطرانية الروم الكاثوليك "شارع الحميدية"، كنيسة الأرمن "حي الحميدية"، كنيسة مارجرجس"حي الحميدية" و كنيسة مارليان "حي باب تدمر".

وأما عن المساجد التي تعرضت للقصف فعددها جاوز الأربعين، أوردنا أسمائها في ملحق هذا التحقيق.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات