أولى تلك المشرات: يتعلق بحالة الإنهاك الواضحة للحلف الإيراني وعدم فعاليته الميدانية، وقد بينت المعارك الاخيرة في أكثر من جبهة إنخفاض الفعالية القتالية لمنظومة التحالف وإنكفاء حالة التقدم التي كانت عليها في عام 2014 ، ويمكن تفسير هذه الظاهرة بالتالي:
- فشل جميع الإستراتيجيات التي إتبعها التحالف الإيراني بتخطيط روسي، كإستراتيجية الصدام الجبهوي التي اعتمدت في البداية وقد كان لفشل هذه الإستراتيجية حصول جمود في الجبهات أرهق التحالف نتيجة قدرة الثوار على تعطيل دينامية هذه الألية، ثم إتباعه إستراتيجية الهجوم الخاطف لكسر حالة الجمود والتي واجهها الثوار بمرونة الحركة وعد إعتمادهم على السيطرة على الأرض كعنصر أساسي لتحقيق النصر بل تحويلها إلى وسيلة لإستنزاف الخصم، بعدها انتقل الحلف الى إستراتيجية الإلتفافات الجانبية والإحاطات الخلفية ورغم ان هذه الإستراتيجية حققت نجاحات في بعض المناطق إلا انّ النظام لم يستطع فرضها على كل المناطق إضافة إلى أنّ نجاخها كان نسبيا حتى في المناطق التي جرى تطبيقها فيها" غوطة دمشق" ولم تتمكن من القضاء على المقاومة
- إستنزاف الأجزاء الفاعلة في المنظومة القتالية للتحالف وخاصة "حزب الله"، فالمعلومات المؤكدة أن الحزب خسر جزءا كبيرا من إحتياطه على مستوى الكادر بين قتيل ومعاق وجريح، وفقد معه أريحية خوضه للمعارك وبات يتحسب لكل معركة، ويقيسها بمدى عائدها الأمني المباشر عليه بالدرجة الأولى.
- أدى صمود الثورة إلى شل إرادة القتال عند التحالف وتحطيم الروح القتالية لديه وتراجع أهدافه من السيطرة على كامل الارض السورية الى الإحتفاظ بما يقع تحت يديه.
ثاني تلك المؤشرات: يتعلق بإيران نفسها بوصفها الطرف الذي يشرف على إدارة مسرح العمليات في المنطقة، ويمكن تفسير هذا المتغير بالتالي:
- فقدان الزخم الإيراني، إما بسبب توسع الإنتشار على عدد من الساحات، أو جراء إستنزاف إيران في المرحلة الماضية بعد أن دفعت بجهودها الى الذروة قبل التوقيع على الإتفاق النووي مع الغرب في محاولة لتكريس وقائع نهائية لصالحها، وهذا الزخم الإستثنائي لم يعد ممكنا توفيره حالياً.
- إيران ما بعد الإتفاق النووي لن تكون هي ذاتها ما قبله، ذلك أن الجزء الأكبر من لائحة العقوبات التي ترغب في رفعها عنها يتعلق بدورها ونشاطها في المنطقة وخاصة تلك التي تتعلق بدعمها للجماعات الإرهابية، وهذه العقوبات لن تسقط اتوماتيكيا بمجرد التوقيع على الإتفاق النووي بل تتطلب تقديم إلتزامات إيرانية فضلا عن مراقبة سلوكها على الارض، ما يعني ان تحركات إيران ستكون مقيّدة ومراقبة.
ثالث المؤشرات: تبلور تحالف قوى حقيقي في مواجهة تحالف إيران تقوده بشكل علني وصريح السعودية ووجود مؤشرات قوية على توجه تركي للإنخراط بشكل علني في الفعالية القتالية ضد قوات نظام الاسد في شمال سورية، وتشير التطورات إلى اهتمام ولي ولي العهد السعودي (محمد بن نايف) بالوضع الميداني في سورية عموما وفي جبهة الجنوب على وجه التحديد والعمل خارج غرفة الموك التي تقودها اميركا والتي كانت توجه القتال بناء على حساباتها وهو ما انعكس في بظئ عمليات التحرير وتوفقها في مراحل عديدة، ويدرج بعض المراقبين ضمن حالة تشكل تحالف القوة المواحه لإيران بدء ظهور إختراقات أمنية في الجغرافية الإيرانية وفي أكثر من مكان وخاصة لجهة الشرق إقليم بلوشستان والغرب باتجاه عربستان، على ما يبدو أنه محاولة لدفع إيران للانكفاء بالداخل وإشغالها بقضايا أمنية داخلية، كما يدرج البعض ضمن هذا التطور وجود نيّة أمريكية لإشغال إيران في المرحلة المقبلة لضمان إبعادها نهائيا عن الحلم النووي حتى ولو بعد عشر سنوات، ويقع ضمن هذا المخطط رفع واشنطن للحظر العسكري عن مصر باعتبار الاخيرة قد تشكل حجر الرحى في أي مواجهة مع إيران.
هل تستفيد الثورة السورية من هذه المتغيرات؟، الواقع أن الفرص تحتاج إلى إدارة واعية للإستفادة منها فلا تكون الإستفادة حتمية واتوماتيكية ما لم يلتقط الطرف المعني هذه الفرصة ويعمل على إستثمارها، وقد بينت الخبرة السابقة أن احد أكبر المشاكل التي أثرت على أداء الثورة، تمثلت بعدم وجود منهجية واحدة والإفتقاد للتنسيق والإدارة الإستراتيجية بعيدة المدى، رغم أن الثوار حاولوا في الفترة الأخيرة إجراء تعديلات إيجابية على طريقة أدائهم وإنعكست ترجماتها الواضحة على شكل تقدم في أكثر من جبهة، غير أن الأمر لا زال بحاجة لجهود اكبر من شأن تحقيقها إنهاء عذابات الشعب السوري ووقف نزيف البشر والحجر على أيدي تحالف إيران، فهل تطلق الثورة رصاصة الرحمة على جسد الأسد المتفسخ، أم أن استمرار شرذمتها يمنحه فرصة لترميم نفسه ومتابعة قتل سورية؟
سؤال يبقى برسم الثورة.
التعليقات (7)