منشقون أثاروا الجدل
من أبرز هؤلاء المنشقين خلال الفترة الماضية المدعو (عامر النكلاوي) و(عمار الحداوي)، وهما من أهم الشخصيات النافذة لدى التنظيم في دير الزور، التي كانت تشجع الأهالي على عدم قتال التنظيم، إبان حربه مع جبهة النصرة وفصائل الجيش الحر في دير الزور، كما قادوا عمليات التفاوض بين عشائرهم والتنظيم الذي أفضى إلى سيطرة التنظيم على معظم المناطق.
يقول عبدالله عامر من أبناء ريف دير الزور الشرقي: "النكلاوي من بلدة شنان جزيرة شرقي مدينة دير الزور، ليس له صفة معينة بصفوف التنظيم، لكنه شخصية نافذة فيه في دير الزور، وهو من أشرف على تسليم منطقته للتنظيم، إضافة إلى أنه متهم شخصياً من قبل أهالي قريته بقصفها بالمدفعية الثقيلة أثناء المعارك"، ويرجح عبدالله سبب انشقاق (النكلاوي) إلى الخوف من التصفية من قبل التنظيم أو أهل منطقته، أو ربما بسبب تهميش التنظيم له، وعدم حصوله على ما كان يريده عند سيطرة التنظيم.
وهناك اتهامات تطال الكثير من الخارجين من مناطق سيطرة التنظيم بأنهم ينتمون لداعش، وخاةص قيادات الحر التي أجبرت مرغمة على بيعة التنظيم، ولكنها لم تتورط إطلاقاً بممارسات التنظيم.
يقول سامر الهجر أحد أبناء بلدة (الشحيل) شرقي دير الزور: "المدعو عمار الحداوي، الذي أستطيع أن أقول أن كل ذنبه أنه أشرف على تسليم بلدة (الشحيل) للتنظيم، الأمر الذي أصبح مفروغ منه خصوصاً بعد حصارها من التنظيم، وانعدام أي أمل بدعم من المحافظات الأخرى، تجنيب أهالي البلدة انتقام التنظيم خصوصاً، بعد تكبد التنظيم خسائر فادحة بالأرواح على يد أبنائها، ولكنه لم يشارك بأي من أعمال التنظيم فيما بعد".
انشقاقات فاشلة
ليس من كل من أراد الانشقاق نجح بذلك؛ فهناك العديد ممن حاولوا انكشف أمرهم وانتهى المطاف إلى انقطاع أخبارهم، فيقول العباد إن "عدداً من عمليات الانشقاق بدير الزور قد باءت بالفشل، فمنذ أقل من شهر تقريباً قبض التنظيم على ثلاثة عناصر حاولوا الانشقاق الهروب خارج أراضي التنظيم، اثنان منهم من محافظة إدلب والثالث من منطقة دير حافر بريف حلب، وما يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن".
وبحسب العباد فإن الأسباب التي تدفع عناصر التنظيم إلى الانشقاق تختلف من عنصر إلى آخر، ولكن يمكن إجمالها في ثلاثة أسباب:
1- البعض يعزو هذا الانشقاق لغلو عناصر التنظيم وتصرفاتهم الدموية، حيث انشق عدد لا بأس به بعد مجزرة (الشعيطات)!
2- آخرون بسبب عدم ثقتهم بالتنظيم والخوف من تصفيتهم، وهذا يخص بالذات المناصرين المحليين الذين ساعدوا التنظيم في فرض سيطرته على مناطقهم!
3- آخرون انشقوا بسبب الخوف من التورط أكثر مع التنظيم بممارسات الدموية، مما يجعلهم مهددين من أوساطهم العشائرية وثأرها منهم لاحقاً، خصوصاً أن التنظيم عندما سيطر على بعض مناطق دير الزور، أكد للأهالي عن طريق هؤلاء المناصرين أنه لن يتعرض لأبنائهم، ولكن بعد إتمام السيطرة نسف التنظيم كل تلك الوعود، مما جعل أبناء هذه المناطق يحملون هؤلاء المناصرين من أبناء عشائرهم المسؤولية عما جرى.
خوف مابعد الانشقاق
ويبقى الخوف من الإعلام يشكل هاجساً يمنع المنشقين من التصريح عن انشقاقهم وعن ذلك يقول الناشط بشير العباد إن "الانشقاقات تتوالى بالعشرات في صفوف التنظيم خلال الأشهر الماضية، وهي بالطبع مؤثرة ومن هؤلاء المنشقين مقاتلين وشرعيين ودعويين، ولكن ذلك لا يكون ظاهراً بشكل كبير لأن هؤلاء المنشقين يرفضون التواصل مع الإعلام، حيث أن نسبة الذين يتواصلون بوسائل الإعلام ضئيلة جداً مقارنة بالعدد الإجمالي للمنشقين" ويرجح السبب وراء ذلك لخوف هؤلاء المنشقين على ذويهم.
ويذكر العباد قصة لأحد المنشقين عن التنظيم من ريف دير الزور، الذي قام بالتواصل مع وسيلة إعلامية وقرر البوح بمعلومات هامة عن التنظيم، إلا أنه تراجع عن ذلك بسبب اعتقال أخيه من قبل التنظيم، وخوفه على حياته في حال ظهوره وإفصاحه عن هذه المعلومات
أين يذهب المنشقون؟!
وجهة المنشقين عن التنظيم تكون بالغالب باتجاه الأراضي التركية، حيث يتم ذلك بسرية مطبقة، وبعد دخول الأراضي التركية يتكتم هؤلاء عن مكان إقامتهم، ويهاجر من تسنح له الفرصة من المنشقين بشكل غير شرعي إلى أوروبا، وذلك بسبب رغبتهم في تجنب المضايقات التي من الممكن أن يتعرضوا لها من أعداء التنظيم، أو خوفاً من ملاحقة التنظيم لهم، حيث حاولنا التواصل مع عدد منهم ولكن رفضوا الإدلاء بأي تصريحات.
وفي ظل هذا التعتيم المتبادل على قضية المنشقين من التنظيم والمنشقين على السواء، فإن عدد هؤلاء المنشقين ومدى تأثيرهم على قوة التنظيم من عدمها يبقى أمراً مبهماً، ولكن رغم الخسارة البشرية التي يتكبدها التنظيم بانشقاق هؤلاء، إلا أن هذه الانشقاقات تعمق سيطرة التنظيم على عناصره وعلى دير الزور، بما هو أشبه بعملية تنظيف تلقائية للعناصر المشكوك بولائها المطلق للتنظيم.
التعليقات (5)