سوريا المفيدة والتطهير الطائفي والخطة (ب)

سوريا المفيدة والتطهير الطائفي والخطة (ب)
عندما قال بشار الأسد أن سوريا ليست للسوريين الذين يسكنون فيها, بل هي للمرتزقة التي يقاتلون على أرضها, لم يكن كلامه سرد كلام, بل هي خطة ممنهجة أُعطيت تعليماتها وتفاصيلها من ولاية الفقيه في إيران وأعلنها ناطقهم ومشرعن وجودهم (بشار الأسد).

ما حدث في مفاوضات تركيا بين حركة أحرار الشام كمفوض عن المجلس المحلي في الزبداني وفصائلها المقاتلة وعن جيش الفتح وبين سلطات الإحتلال الإيراني ممثلة ببعض ضباط فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني, كان الطرح الإيراني واضحاً وهو ما نسف أي فرصة للوصول إلى حل, عبر طرح عملية التبديل والتغيير الديموغرافي بين كفريا والفوعا من جهة وبين الزبداني ووادي بردى من جهة أخرى, بل إن الأمر ذهب لأبعد من ذلك عندما طالب الإيرانيون بضرورة إخلاء محيط دمشق ( الغوطة الشرقية والغربية) من كافة الفصائل المسلحة كخطوة أولى يتبعها بالتأكيد خروج ما تبقى من مئات آلاف المدنيين, وبذلك تتحقق آمال وطموحات حاكم طهران وممثله في قصر الشعب في قاسيون.

مع فشل مفاوضات تركيا أصبحنا أمام خيار آخر تمثل بتغيير شعارات تلك العصابة الحاكمة من شعار (الأسد أو نحرق البلد) إلى شعار (التهجير أو التدمير), فالحرب التي يشنها الأسد في الغوطة الشرقية والتي ترافقت مع معلومات وردت عن دعم إيراني جديد لهذا النظام بثلاثة أسراب حتى الآن من طائرات (ميغ) القاذفة ومن مختلف الأطرزة من الطيران العراقي المحتجز لدى إيران منذ حرب الخليج الثانية (المعلومات تقول أن 143 طائرة لجأت بطياريها لإيران وما تزال إيران تحتجزهم حتى الآن), وتقوم روسيا بتعمير وتجهيز تلك الطائرات وزجها بمطارات (الأسد), وظهر هذا الأمر جلياً من خلال زخم الهجمة الشرسة التي ينفذها هذا الطيران على بلدات الغوطة الشرقية ومدينة (دوما) بالذات والتي أحدثت مجازراً بشرية موصوفة يندى لها جبين البشرية.

بالعودة لمشروع التوطين الشيعي الذي تبحث عنه إيران وينفذه الأسد, هذا المشروع ليست الغاية منه مرابحاً مادية يجنيها (رامي مخلوف) كما كنا نعتقد أو أنه مشروع يعيد لإيران الـ(35) مليار دولار التي صرفتها على نظام الأسد خلال سنوات الثورة, بل الموضوع يعود لأبعد من ذلك وله جذور تلتقي فيها أطماع إيران الطائفية مع توجهات النظام العلوي في سوريا, وتمت محاولاته عبر ثلاثة مراحل حتى الآن:

- المرحلة الأولى تعود لثلاثينات القرن الماضي إبان الإحتلال الفرنسي لسوريا والتي أرادت فيها فرنسا تقسيم سوريا لأربعة دويلات إحداها دولة الساحل العلوية بناءاً على رغبة ورسالة أرسلها (جد بشار الأسد) والتي أخرجها من الأرشيف وأعلنها مؤخراً وزير الخارجية الفرنسي (لوران فابيوس) والتي طالبت بدولة علوية في الساحل السوري كون عادات وثقافة العلويين تختلف عن الشعب السوري أو تطالب ببقاء الاحتلال الفرنسي في سوريا.

- المرحلة الثانية وتعود لثمانينات القرن الماضي أيضاً وفي مرحلة الصراع على السلطة التي حدثت بين (حافظ الأسد) وشقيقه (رفعت الأسد) وكان نائباً لرئيس الجمهورية وطالب في نهايتها رفعت بإنشاء دولة علوية في الساحل ولكن المشروع واجهه الفشل.

- المرحلة الثالثة كانت مع بداية عام (2012) وتحضيراً لتوقعات علمتها (إيران وبشار الأسد) بفشل مساعيهم بالسيطرة على الثورة السورية, فكان إطلاق الخطة (ب) وتتضمن خارطة سوريا المفيدة (في حال الفشل بالحفاظ على سوريا الكبرى) وهي الحدود التي ستقام عليها تلك الدويلة وتشمل كامل المنطقة الجغرافية الواقعة غرب نهر العاصي وتضم لها لواء اسكندرون وتمتد حدود أضلاعها حتى الحدود اللبنانية عند الزبداني ووادي بردى مروراً بالقلمون والريف الغربي لمحافظتي (حماه وحمص) لتشكل تواصلاً جغرافياً مع مناطق نفوذ حزب الله في بقاع لبنان وجبل محسن في طرابلس.

اندلاع الثورة السورية أخلت كثيراً بتلك المخططات ومنعت تحقيقها, لذلك وكخطوة استباقية سارعت السلطة الحاكمة لإصدار المرسوم الرئاسي الذي أصدره (بشار الأسد) عام (2012) تحت اسم (مشروع عمراني حضاري), وهو بالأساس مضمون الخطة (ب) ويحقق مفرداتها عبر تشكيل زنار طائفي شيعي يحيط بمدينة دمشق, والملاحظ أن تلك الخطة لم تشمل بمحتوياتها أكبر المستوطنات (العلوية) التي تمت سرقت أراضيها من أهالي دمشق وهي مستوطنات (عش الورور ومزة الجبل86 والسومرية), بينما شملت الخطة والمرسوم معظم المناطق والأحياء التي أعلنت انضمامها لثورة الشعب السوري وهي أحياء (المزة, الإخلاص, الرازي, المصطفى, القدم, عسالي, كفرسوسة, الميدان, نهر عيشة, التضامن, القزاز, الإيوان, القابون,جوبر, برزة, ركن الدين, قاسيون, المهاجرين), وسبقتها مخططات التوطين والتغيير الديموغرافي في حي (بابا (عمرو) في حمص التي وًطنت فيها عائلات لميليشيات (شيعية) إيرانية ولبنانية وآسيوية من (الهند وأفغانستان) وغيرها, وتستمر تلك الحملة الآن من خلال تهجير سكان الغوطة الشرقية قسراً عبر سياسة التدمير التي يتبعها الطيران الحربي لنظام الأسد أو عبر سياسة طرد المدنيين التي لجأت إليها ميليشيات النظام وحزب الله في وادى بردى وفي محيط (الزبداني) الصامدة في بلدات (مضايا, بلودان, بقين) عبر استخدام مآذن المساجد للطلب من أهالي تلك البلدات بضرورة المغادرة فوراً وبالفعل قاموا بطرد أكثر من (100) عائلة سورية حتى الآن من سكان المنطقة بعد أن تم احتجاز (هوياتهم) على حواجز النظام وطُلب منهم مراجعة حاجز (القوس) في بلودان ومن ثم تم رميهم في العراء وطردهم, ويترافق هذا الأمر مع حركة استيطان سابقة تمت في بلدة (السيدة زينب) ومحيطها بعد أن تم طرد كل الأهالي (السنة) من تلك المناطق واستوطنها قادمون من (شيعة) إيران ولبنان.

أسخف ما في الأمر هو إعلان إدارة هذا المشروع الاستيطاني عن تعويضات مادية للأهالي بلغت (300) ألف ليرة سورية لكل منزل يتم هدمه لصالح المشروع, أي ما يعادل (ألف) دولار فقط, مع تعويض شهري يبلغ (مائة) دولار وتلك أرقام لا تعادل (1/1000) من القيمة الحقيقية لتلك العقارات التي سيتم الاستيلاء عليها.

ما يتم الآن في سوريا هي عملية استيطان (شيعية) قسرية تتم على أنقاض حملة قتل وتدمير تطال كل المناطق المزمع ضمها لهذا المخطط, يجري هذا الأمر وعيون اخواننا العرب ترقب وتحافظ على صمتها.

ما نود قوله أن الثورة السورية التي تخوض حرباً مشرفة لكل السوريين والعرب ضد إحتلال شيعي فارسي تشرعن وجوده سلطة عميلة لملالي طهران, تدرك أن دفاعها لا يأتي ضمن استارتيجية الدفاع عن دمشق ومحافظات سوريا, بل هو دفاعاً عن كل عواصم الخليج, فطموحات إيران تتعدى دمشق وبيروت وبغداد لتشمل مكة والرياض والدوحة والكويت والبحرين وصنعاء.

فهل يتحرك اخواننا العرب قبل فوات الأوان .... الشعب السوري الحر بالانتظار ... وعاصفة حزم التي قطعت ذنب الأفعى الإيرانية في صنعاء يمكنها أن تتابع وتقطع رأسها في دمشق.

التعليقات (4)

    سوري حر

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    اقول لكل من لم يكن مدركا لهذا المخطط الخطير الا الان، اي صح النوم. الامر كان واضحاً وضوح الشمس لكل ذي بصيرة. والا ما الذي كان يبرر تدمير المدن الممنهج وبدون اي حاجة عسكرية ظاهرة. وبدا للعامة بان النظام يمارس الانتقام من سكان المناطق الثاءرة، وهذا بحد ذاته حمق سياسي لانه يزيد من تأليب الناس على النظام.

    احمد السوري

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    اعتقد ان الأمل الوحيد للشعب السوري البطل هو الاعتماد على الله وعلى المملكة العربية السعودية خاصة وان حرب اليمن انشاء الله اوشكت على النهاية لان المملكة تعلم تماما ان راس الأفعى هو في سوريةوبعد فترة ليست بالطويلة ستدرك السعودية مراوغة روسيا وستزود الثوار بمضادات للطائرات وعندها فقط ستهرع أمريكا وروسيا وإيران ودي طرطورا وعملاءَهم من العرب لاستجداء الحل ولكن الأهم ان تنقي الثورة نفسها من العملاء وتتوحد وايضاً ان يختصر الاءتلاف عدد أعضاؤه على الناس الشرفاء والنزيهين لعله يستعيد ثقة الشعب السوري

    أبو حامد

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    هذا النظام مش سائل إلا على رضا أسياده

    صالح

    ·منذ 8 سنوات 7 أشهر
    ما تقوم به قوات الاسد والمليشيات الشيعية يطابق سياسات الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين التاريخية ، ومن الواضح ان الدولتين السورية\\العلوية والصهيونية\\اليهودية ، مصلحتان استعماريتان تخدمان المشاريع الاستعمارية في منطقتنا ، مشاريع ما بعد سايكس بيكو الهادفة الى إبقاءالسيطر الغربية الاستعمارية على منطقتنا - الشام والهلال الخصيب ... في تاريخ المنطقة ظهرت كتل \\دويلات شيعية الى جانب الممالك الصليبية . التاريخ يعيد نفسه ولكن العاقبة غير ما يشتهون؟.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات