من سينتخب هذا الرجل؟

من سينتخب هذا الرجل؟

يُقال إن روسيا تعمل حالياً على تسويق خطة لحل الأزمة السورية، وهذا الأمر، من حيث المبدأ، هو مطلب لكل السوريين الراغبين بإحلال السلام والعيش بكرامة في بلد حرّ، والخطة الروسية التي تم تسريب بعضاً من بنودها تستند إلى تجميد القتال وفك الحصار المتبادل، وتشكيل حكومة انتقالية توافقية، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وفي مرحلة ما، دمج المعارضة المسلحة بالجيش وضمّ ميليشيات النظام له أيضاً (أو حلها على الأغلب لأنها غير صالحة للضمّ) بهدف تشكيل جيش وطني.

ووفق المصادر التي سرّبت الخطوط العامة لهذه الخطة فإن الخلاف الإقليمي والدولي ينحصر في أمرين، الأول مدة المرحلة الانتقالية التي يريدها الروس 18 شهراً ويريدها الآخرون ستة أشهر، والثاني إصرار روسيا على حق الرئيس السوري بالترشح للانتخابات الرئاسية المُفترضة، وكأن شيئاً لم يكن، وهو ما يرفضه الآخرون ومعهم العقل والمنطق والقانون والإنسانية.

يبدوا أن روسيا تراهن (واهمة) على إعادة انتخاب الأسد بعد المرحلة الانتقالية، ويُروّج الإعلام الروسي للشعبية "منقطعة النظير" التي يحظى بها الأسد داخل سورية، كما يتحدث أنصار النظام بثقة مفرطة بأن الأسد سيعود رئيساً بأي انتخابات "شفافة" مقبلة لأنه "حامي الحمى" ومحارب الإرهاب ووريث "باني سورية الحديثة"، ولولا الحياء لادّعت إيران بدورها أن الأسد هو "المهدي" الذي ينتظر الملايين إعادة انتخابه.

بكل الأحوال، وبافتراض جدلاً أن الجميع وافق على حق الأسد المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد استتباب الأمن، وتغيير الدستور، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والجيش، فمن الواقعية القول إننا لا نقدر على تحديد من سينتخب هذا الرجل من جديد، لكن من السهولة بمكان معرفة وتحديد من لن ينتخبه أبداً.

دون كبير عناء يمكن الجزم بأن أهالي نحو نصف مليون قتيل من ضحاياه لن ينتخبوه، ولن ينتخبه أيضاً أهالي نحو مليون معاق بسبب براميله وصواريخه وحقد ميليشياته ودمويتها، ومثلهم أهالي عشرات الآلاف من المختفين قسراً على أيدي أجهزته الأمنية، ولن ينتخبه كذلك القسم الأكبر من عشرة ملايين لاجئ هربوا من أسلحته أو دُمّرت بيوتهم، واضطروا للتيه في أصقاع الأرض.

لن ينتخب الأسد كثير من أصحاب المال والأعمال، ليس لأن أعمالهم ومشاريعهم دُمّرت بسبب حربه فحسب، بل لأنهم لم يعودوا يذكروا منه إلا شراكاته القسرية لهم بأعمالهم والأتاوات والرشى والمحسوبيات التي فرضت عليهم.

وكذلك لن تنتخبه الأقليات الدينية التي اكتشفت (متأخرة) أنه كان يتاجر بها لتمكين ركائز حكمه، وتعامل معها كسلعة تُباع وتُشترى بقدر ما تُقدّم لنظامه فائدة وسمعة دولية.

ومن المنطقي ألا تنتخبه الأقليات القومية المتعددة في سورية، والتي حرمها (ووالده) طوال خمسة عقود من كل حقوقها بما فيها الثقافية والإنسانية.

وأيضاً لن ينتخبه غالبية مثقفي سورية الذين لم يعرفوا معنى الحرية طوال خمسة عقود، وخبروا سجونه وسطوة أجهزته الأمنية وعسفها، ولن ينتخبه مفكرّوها لأنهم رأوا حقيقة موقفه من الثقافة والمثقفين الذين كان لا يطيق أن يرى أو يسمع بأحد منهم خلال خمسين عاماً من حكم هذه الأسرة.

لن ينتخبه أبناء درعا والزبداني وداريا ودوما والغوطة كلها، وأهالي حمص الأصلاء، ولن ينتخبه أهالي تلبيسة وبصرى وكفرنبل والحولة وجبلة واللطامنة وبصر الحرير وعدد لا يُحصى من القرى والبلدات التي شهدت مجازر لا إنسانية، وكذلك لن يحصل على صوت واحد من أهالي الرقة وتدمر ودير الزور التي سلّمها لتنظيم الدولة الإسلامية تسليماً.

ويكاد المرء يجزم أنه حتى أبناء طائفته من الموالين الذين شاركوه حربه لن ينتخبوه، لأنهم خسروا عشرات الآلاف من أبنائهم في حرب عبثية، ولوّثوا أيديهم بالدماء مقابل فوائد طارئة انتهازية وأوهام سيطرة أبدية على ثروات البلد ورقاب العباد، وخسروا "نعمة" التعايش مع بقية السوريين (ربما للأبد).

من شبه المؤكد أن كل هؤلاء وغيرهم كثيرين لن ينتخبوا الرجل، فعلى من إذاً يُراهن الروس والإيرانيون ومؤيدو النظام؟

هذه الأنظمة (شبه المارقة) تراهن كعادتها على (الفهلوة) والتزوير وانتهاز الفرص والفبركات، وفي الغالب لديها خططها الجاهزة لاختراق الانتخابات وتزويرها واللعب بها، وتحويلها إلى انتخابات صورية، يستفيدون فيها من المال السياسي أو التهديد والقمع المُبطّن، كما هي حال الانتخابات السورية خلال خمسة عقود والروسية منذ ثلاثة عقود والإيرانية منذ أربعة عقود.

ما يُشجّع أن موقف السوريين واضح وغير قابل للمساومة، يتلخص بأنه ليس من حق من دمّر سورية أن يشارك في مستقبلها، كائناً من كان، وبالتالي ينسفون ما تُخطط له روسيا وإيران والنظام من الجذور، وليس أمام تلك الأطراف، عاجلاً أم آجلاً، إلا الرضوخ للمنطق والحق.

التعليقات (8)

    سينجح بشار ولكن

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    بعد تفريغ سوريا من المعارضين سيبقى الشبيحة والميليشيات وأكيد راح ينجح الاستاذ بشار.

    ابو حلب

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    حتى الشياطين ستصوت ضده لانها كرهت نذالته وحقارته ودنائته التي سبقها بها

    سبحان الله

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    اين العرب فاليلعنو الروس ويلعنو بوتين بالحرب ..فاليعطو صواريخ مضاضة لطائرات ليلعنوهم .

    توفيق ويس

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    الاسد لا يهم الروس او الايرانيين ان نجح ام لا فالمهم الان ان تقبل الدول الاخرى بالصيغة الروسية للحل و يعني انتصار الدبلوماسية الروسية وفيما بعد يتم العمل على التخلص من الجيش الحر بتقليم اظافر داعميه بالمطيطة الدبلوماسية.

    كريم

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    وهل نسيتم ان قسم النفوس والسجل المدني بيد النظام وايران وهل تدرون ان اغلب الافغان والاوزبكيين يحملون الهوية السورة الاصلية من ايران...هولاء هم من سيذهبون للانتخابات وليس اغلب السورين الذين فروا الى انحاء العالم....وبهذا وحتى في الانتخابات سينجح بشار *

    اسماعيل صداقي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    ثورتنا مستمرة لاسقاط النفوذ الروسي والايراني في سوريا

    احمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    الاسد غير مقبول لا اخلاقيا ولا اجتماعيا ولا انسانيالانه سبب رئيسي للازمه السوريه

    محمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    هل تعلمون انه يتم اسقاط الجنسيه السوريه عن بعض السورين والغائ قيودهم في دوائر النفوس
8

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات