المصير الكردي في سوريا والأحداث المتسارعة

المصير الكردي في سوريا والأحداث المتسارعة
كشفت الوضعية المأساوية للريف الحلبي جراء القصف الروسي، زيف ادعاءات المجتمع الدولي، وضعف المعارضة على الصعيد الدبلوماسي والعسكري، وعدم امتلاكها لأي خيار أو أوراق ضغط بعد خمس سنوات من النزاع المسلح في سوريا، سوى النداءات والتنديدات. وربما تكون الإرادة الدولية أقوى من كل شيء، لكن إصرار المعارضة السورية على المضي في الدفاع عن طروحاتها ومشاريعها التي تخلو كل المؤشرات الدولية من أي غموض، حول رفضها لطرح المعارضة السورية، يُزيد الأمور تعقيداً. فتزامن القصف الروسي على حلب ومخيمات اللاجئين في ريف الساحل، مع بدء المفاوضات بين الطرفين، لم يعد بحاجة إلى شروحات وتفسيرات عن التعاون والاتفاق الروسي الأمريكي حول المصير السوري، وها هي المعارضة السورية تجد نفسها أمام أصعب خيار بعد رفضها مشروع الحكومة الوطنية بوجود الأسد المدعوم من كافة الجهات الدولية، ستجد المعارضة نفسها مرغمة على قبول خيار الفدراليات، إن لم يكن التقسيم.

ضمن السياق فإن الوضعية الكردية لا تقل سوداوية عن وضعية المعارضة السورية، فالكرد من جهة، جزء من المعارضة، وهو ما يعني تأثرهم بالحالة السياسية للمعارضة، ومن جهة أخرى، يعاني الكرد من شقاق كبير بحاجة إلى التفات الروس والأمريكان لهم بغية حل معضلتهم. فالمجلس الوطني الكردي - ائتلاف يضم أحزاب وتنسيقيات شبابية وشخصيات كردية مستقلة -والذي تأسس نهاية العام 2011 بعد انطلاقة الثورة السورية بأشهر، يطرح نفسه كحامل لمشروع قومي يطالب باللامركزية السياسية المرفوضة من أغلب أقطاب المعارضة السورية، وحزب الاتحاد الديمقراطي أعلن بالتحالف مع قوى وشخصيات عربية ومسيحية بداية العام 2014 عن إدارة ذاتية تُصرح إنها تطرح مشروع سوري بعيد عن أي نزعة قومية، وهو المشروع المرفوض من المجلس الكردي بداعي عدم سعيه لتأمين الحقوق القومية للشعب الكردي، ومرفوض من المعارضة السورية بداعي أنه مشروع تقسيمي وتفتيتي لسوريا.

ما بين هذه الطروحات والرفض والمقاطعة للطرح الكردي على جبهتي المجلس الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، فإن الشارع الكردي يعاني من حالة غليان شديدة سببها الخوف من الانجرار إلى اقتتال كردي- كردي، خاصة بعد إبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي من مفاوضات جنيف 3.

ينذر الوضع السوري عامةً بكوارث على الصعيد الإنساني والجغرافي، خاصة بعد التقسيم شبه المعلن بين المناطق التي يسيطر عليها النظام، والمناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية، والمدّ الجماهيري للمجلس الكردي على الرغم من عدم تحكمه بمساحة جغرافية، والمساحات التي سيطرت عليها كتائب سنية متعددة، والتواجد الروسي والأمريكي والايراني والتركي في مناطق متنوعة ومختلفة ومتداخلة ومتشابكة، وتسريبات إعلامية عن تجهيز قوات عسكرية عربية برية للتدخل في سوريا بعد الاتجاه نحو فشل الحل السياسي في سوريا، وما تسرب على لسان جون كيري في القضاء على المعارضة السورية خلال 3 أشهر لأسباب مختلفة، تدفع نحو التنبؤ إما بدمار شامل ومزيداً من الفوضى، أو الاتجاه نحو تسوية سياسية غير قابلة لا للنقاش ولا للتمييع، لن تكون على أقل من الفدراليات إن لم يكن التقسيم.

يشكل الكرد في سورية نحّو 15 في المائة من التعداد السكاني العام، ويزيد عددهم عن مليونين ونصف مليون نسمة، ويتطلعون إلى نيل حقوقهم القومية أسوة بأبناء جلدتهم في العراق، الذين يحظون بحكم فيدرالي منذ تسعينيات القرن الماضي. لكن السؤال الأبرز يكمن في موقع الكرد في سوريا خلال الفترة المقبلة سياسياً وعسكرياً، خاصة في ظل تضارب وتعاكس وتنافر المشاريع الكردية بين الطرح الفدرالي ذي الخصوصية القومية، والطرح الجمعي السوري الرافض للفدرالية القومية.

لو صحت التسريبات الإعلامية حول نسف المعارضة السورية، هل ستبدأ التحضيرات لجسم معارض جديد، وهو بدوره لن يتحمل الوضع الكردي أي تسويف أو انتظار جديد، وهنا سيجد الشارع الكردي نفسه ملزماً للضغط على القيادات الكردية للخروج بضمانات وتعهدات دولية ووطنية على التوالي لتبني الطرح الفدرالي، في حال بقي حزب الاتحاد الديمقراطي خارج هذا الإطار الجديد إن تشكل، فإن المشكلة الكردية ستبقى تتجه نحو التصعيد، وإن ضغط الروس باتجاه تواجد الاتحاد الديمقراطي ضمن المعارضة الرافضة كلياً لتواجد الحزب المذكور ولمشاريعه، هل سنجد الكرد خارج المعارضة كأعضاء، والتوجه نحو تشكيل كيان مشترك لتمثيل الشارع الكردي، أم أن المنطقة الكردية تتجه نحو حمامات الدم لا قدر الله.

في تاريخ 25 شباط سيجد الكرد نفسهم من جديد مشتتين بين المشاريع المطروحة والمدعومة من أطراف متعددة، والمحاربة من أطراف أخرى، ولا نذيع سراً إن قلنا أن الوضع الكردي في سوريا لن يكون بمعزل عن الحلول المطروحة لقرار الاستفتاء على استقلال إقليم كوردستان العراق، فهل سيجد الكرد في سوريا طريقة أو مبادرة كردية –كردية لتسوية ستنقذ ما تبقى من الشعب الكردي نتيجة الهجرة الجنونية، أم ستتواجد إرادة روسية –أمريكية للي ذراع الكرد وإلزامهم على التوقيع وفق متطلبات ورغبات الطرفين الدوليين، أم أن مزيد من الشرخ والنزاع والتباغض في انتظار المناطق الكوردية؟.

التعليقات (4)

    أبوعدي

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    الثوار لن يرضوا بتقسيم سورية او بالفيدرالية لانها تعني التقسيم الفيدرالية الامريكية لها جيش واحد بينما ما يسعى اليه الاكراد هي فيدرالية بجيوش متعددة !!! يسعون إلى دخول مقاتلين اكراد تابعين لهم من شمال العراق هذا لن يرضوا به الثوار حتى لو حدث سيحاولون استعادة كامل الاراضي السورية

    محمد

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    لا وجود للكرد في تاريخ سورية قبل 1920 ليس لهم اي حق في سورية يجب ان يعودوا إلى بلدهم غرب ايران لن تدوم لهم امريكا وروسيا سيأتي يوم ويرحلون .

    كوردي

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    تمام حبيبي انت خليك بهل دوامة ورح تشوف الكورد شايلين لواء الدولة الكوردية وحضرتك باقي في الشتم وردود الأفعال

    مستقل

    ·منذ 8 سنوات شهرين
    القوى العسكرية المعادية للكورد (أي من جيرانهم) لن تهدد الوجود الكوردي فهي التي توحدهم بل يجب أن توحدهم فهي نار خارجية يمكن درئها، أما النار الداخلية (نار الصراع الكوردي الكوردي) فهي التي تشكل الخطر الحقيقي وستحرق البيت الكوردي بكامله، من سلبيات الكورد أنهم كالعرب لا يتوحدون من أجل حقوقهم ومطالبهم وبهذه العقلية لن يتوصلوا لما يصبون له ألا وهو وطنهم المبعثر.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات