ماهي أعداد وجنسيات قتلى حزب العمال الكردستاني في سوريا؟

ليس سراً العلاقة التي تربط النظام السوري بحزب العمال الكردستاني ودور نظام الأسد في دعم هذا الحزب منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، وإقامة معسكرات التدريب لهم في سورية والبقاع، فضلاً عن تشجيع نشاط حزب العمال الكردستاني وسط أكراد سوريا آنذاك الأمر الذي ساهم في انضمام آلاف الشبان الأكراد إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتم إرسالهم إلى خطوط المواجهات في تركيا، ويعتقد أنهم لقوا حتفهم هناك ولم يعد منهم إلا بضعة عشرات.

العمال الكردستاني – PKK  -  وتسليم أوجلان

توقفت العلاقات بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني والنظام السورية سنة 1998م على اثر رضوخ النظام السوري لضغوط الأتراك، وتم ترحيل عبد الله أوجلان  زعيم العمال الكردستاني PKK  من سورية، وجدير بالذكر بأنه آخر مرة تمت مشاهدة آوجلان فيها في سورية قبيل اعتقاله من قبل الاتراك كان في بلدة القامشلي حيث تناول طعام العشاء في مطعم كبرئيل مع بعض القيادات الأمنية، ويعتقد انهم أوصلوه إلى المثلث الحدودي  لينفذ من هناك باتجاه شمال العراق او ايران قبل ان يتجه لروما في إيطاليا.

استئناف العلاقات مع النظام السوري

عادت المصالح المشتركة لفرض نفسها مجدداً في علاقة النظام بحزب العمال الكردستاني بواجهته السورية التي يمثلها حزب الاتحاد الديمقراطي والذي يتزعمه صالح مسلم. وكان صالح مسلم وفق اتفاقية النظام السوري مع الاتراك ملاحقاً، لكن وقوف الاتراك في الصف المعادي للنظام جعل اعداء الأمس اصدقاء اليوم، فأعاد النظام ورقة العمال الكردستاني للواجهة، وبدء مجدداً بضخ دعمه لحزب العمال الكردستاني والسماح بكوادره ببدء نشاطهم المسلح وهذه المرة على الأراضي السوري وفي وسط المدن السورية.

النشاط العسكري في سورية -  تشرين الأول 2011

بدء نشاط العمال الكردستاني في سورية العسكري بشكل معلن في الربع الأخير من العام الأول للثورة السورية 2011، وكان النشاط مقتصراً على اقامة بعض الدوريات في الطرق الفرعية المؤدية لبعض القرى الحدودية في ناحية الجوادية وديريك، ثم بدء استلام بعض القرى الحدودية مع بدايات سنة 2012م، وتخصيص بعض الدور هناك كسجون يقومون من خلالها اعتقال بعض شباب تنسيقيات الثورة من الأكراد، وتم بالفعل اعتقال شباب أكراد من بلدة القحطانية في إحدى تلك القرى وكان المسؤول آنذاك عن تلك المنطقة عنصر من حزب العمال الكردستاني من أصل تركي أسمه الحركي " هفال هارون".

أوجلان يأمر الكردستاني بالانسحاب من تركيا – 2012

 في سنة 2012 اقنع الاتراك أوجلان بتوجيه نداء لمقاتليه لإلقاء السلاح تمهيداً لعملية السلام، وبالفعل اطلق أوجلان صيحته، وطالب مقاتليه بالانسحاب من تركيا! وبدأ بالفعل مقاتلي حزب العمال الكردستاني بتنفيذ خطة انسحاب جزئية من تركيا، وكان النظام السوري من المرحبين بالمقاتلين الجدد الذين سيحارب بهم اعداءه، ومن جهة أخرى كان فرع العمال الكردستاني السوريّ يعوّل ايضاً على نظرية "الوطن البديل" في سورية لضم شتات العمال الكردستاني كتعويض عن خسارتهم على مدى ثلاثة عقود في تركيا دون نتيجة. 

لقد كانت الفترة بين 2012-2015 هي الفترة التي انتقل خلالها اعداد كبيرة لعناصر حزب العمال الكردستاني إلى سورية، وكان ذلك مصدر ترحيب للأتراك، فالمحرقة السورية والمستقنع السوري كفيل بالقضاء عليهم " كما يعتقد الاتراك" أو على الأقل سينقلون الخطر خارج أراضيهم قدر المستطاع.  وحتى لا يفكر هؤلاء بالعودة إلى تركيا بعد انهيار محادثات السلام بينهم وبين تركيا، قامت تركيا بحفر الخنادق ونشر القوات العسكرية على طول الحدود مع سورية، ومحاولة تشديدها بشكل خارق للعادة.

الأعداد "المُعلنة" لضحايا مرتزقة أجانب في صفوف ميليشيات مسلم

يشكل الأجانب نسبة كبيرة من مقاتلي ميليشيات صالح مسلم المقاتلة في سورية، والتي بدأت نشاطها  تحت مسمى "قوات حماية الشعب" YPG    ثم " قوات سورية الديمقراطية لاحقاً"مع تشكيلات أخرى كقوات حماية المرأة، الأسايش، قوات الحماية الذاتية ..الخ ، إضافة إلى قوات الدفاع الوطني التي يشكل العرب أغلبية عناصرها و التي انضمت إليهم بتوجيه من النظام مقابل رواتب مرتفعة. ومقابل ضمانات ان ذلك لمصلحة "النظام".

وتظهر سجلات الضحايا "المعلنة" في صفوف ميليشيات العمال الكردستاني في سورية وفق البيانات الرسمية الصادرة عن ما يسمى قوات حماية الشعب روجافا، عن عدد كبير جداً من الأجانب بين ضحاياها، وقد تمكنّا من جمع سجلات منشورة لأكثر من 529 مقاتل أجنبي من خارج سورية سقطوا فقط خلال عامي 2014-2015.  فقد بلغ عدد الضحايا الأجانب سنة 2015 (303 ضحية) بينما كان العدد المعلن للقتلى في صفوفهم من الجنسيات الغير سوريّة صفوفهم سنة 2014 (224).

عدد المقاتلات (النساء) الغير سوريات اللواتي تم الكشف عن جنسيتهن بلغ في ذات الفترة  128 أمرأة، والرجال الأجانب الذي سقطوا في سورية  بلغو 401 مقاتل.

الجدير بالذكر بأن هذه السجلات التي قامت قوات صالح مسلم بإزالتها من موقعها الرسمي على الانترنت بعد احتفاظنا بنسخة عنها، تضم معلومات مفصلة عن كل ضحية وفق النموذج المرفق.

 

جنسيات المرتزقة الأجانب في صفوف " الكردستاني"

تتوزع جنسيات ضحايا ميلشيات العمال الكردستاني الأجنبية العاملة في سورية على عدة جنسيات، وأكبر نسبة من ضحايا هذه الميليشيات هم من مواليد المدن التركية. حيث شكلت نسبتهم 79% من عدد الضحايا، يأتي في المرتبة الثانية ضحايا المقاتلين من إيران بنسبة 8 %ـ ثم المقاتلين من شمال العراق 3% ثم 2 % مقاتلين من جنسيات أوربية الاعتقاد السائد من أنهم من عناصر استخبارتية أوربية ومن ضمن فريق التحالف الدولي الذي يعمل على التنسيق مع الطيران الأمريكي أثناء تنفيذ بعض العمليات . وتبقى نسبة 8% عائدة إلى جنسيات غير معلن عنها.

هل يشكل المقاتلين الأجانب خطراً على سورية؟

المرتزقة هي مراحل عابرة في تاريخ الأمم والشعوب، لم يسجل التاريخ بأن المرتزقة نجحوا في اغتصاب دولة وبقي شيء من آثارهم وأثرها ، لذلك أقول لمن يخشى من مسرحيات إعلان الفيدرالية والخرائط التي تقوم بها ميليشيات صالح مسلم بإيعاز ورغبة من النظام بأن لا يخشوا شيء من هذه الترهات، فإعلان الفيدرالية هو شبيه بإعلان داعش عن قيام "الدولة الإسلامية"، هي إعلانات لذر الرماد في العيون وخلط الأوراق في أروقة المجتمع الدوليّ ونوع من الضغط على المعارضة في جنيف لابتزازها،  ومحاولة زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوري.

هناك أحزاب كردية أخرى متمثلة بالمجلس الوطني الكردي (جزء من الائتلاف) تطرح  ايضاً الفيدرالية لكنها ترفض سياسة فرضها على الشعب السوري دون حوار واتفاق الجميع عليها كشكل من أشكال الحكم، ونأسف لما صدرَ عنها من بعض المصطلحات  والمطالب ومنها ضرورة عدم اعتبار الشعب السوري جزء من الأمة العربية!  في الوقت الذي يتحدثون فيه عن كردستان الكبرى التي تشمل جزء من سورية! وعلى أي حال، نعتقد بأن جزء من خطاب هذه الأحزاب هو فقط لمغازلة الشارع القومي مع ألتزامهم بالمبادئ التي أعلنت عنها المعارضة السورية التي ينتمون لها!

نشطاء وإعلاميون اصبحت قضيتهم الدفاع  عن انتهاكات الحزب

مما يثير الغثيان والاشمئزاز ايضاً هم أولئك العنصريون الذين لم يخرجوا من قالبهم "الأثني أو المذهبي" وكثير منهم لا يزال أسير نزعة العنصرية الأقلويّة، رغم أنهم  يضعون أمام أسماءهم ألقاباً وصفات من مثل: " إعلامي، صحفي، حقوقي" وبعضهم أسَّسَ صحفاً إلكترونية تدعيّ الاهتمام بالشأن السوري، في حين أنها باتت منبراً  لتلميع صورة حزب العمال الكردستاني بشكل مقرف ومقزز، ويدأبون بكل وقاحة وبشكل مستمر على اتهام الشعب السوري والشارع الثوري بشتى التهم، ومحاولة إظهارهم كشعب عنصري يضطهد الأقليات على اساس عرقي. 

نسجل أيضاً استياءنا من القوى والاحزاب الكردية التي تعتبر نفسها خارج إطار العمال الكردستاني، و التي صمتت ولا تزال تصمت على جرائم المرتزقة من عناصر ميليشيا العمال الكردستاني بحق ابناء الشعب السوري من خارج المكوّن الكردي، وبشكل خاص في ريفي الحسكة وحلب. ونهيبُ بالشعب السوري للتصدي للأقلام الصفراء المأجورة التي اصبح اصحابها بمثابة أبواق للنظام وميليشياته ويحاولون تشويه الثورة وقواها بشتى الوسائل، كما حدث مؤخراً من محاولة استغلال مأساة أهلنا في الشيخ مقصود مصورين بأنَّ حزب العمال الكردستاني الذي يحتل الحي هو المدافع عن المدنيين "الضحيّة" وأن قوات المعارضة هي الجلّاد العنصريّ الذي لم يهاجم الحيّ إلا لقتل الأكراد وترسيخ مفهوم مغلوط عند عوام الأخوة الأكراد بأن جميع الشعوب المحيطة بهم تتربص بهم وتريد القضاء عليهم وذلك لتعزيز قاعدتهم الايديولوجية المعتمدة على تأليب العواطف القومية فقط. طبعاً في حادثة الشيخ مقصود والتي ندين فيها سقوط المدنيين، يتم تغييب أعمال حزب العمال الكردستاني المستمرة حتى الآن بمساعدة النظام وإيران لمحاولة حصار مليون سوري في حلب ومحاصرة طريق امدادهم (الكاستيلو)، واستهدافهم للمدنيين والثوار في المنطقة. 

خاتمة:

السوريون اليوم مسؤولون بشكل أساسي عن مستقبل وطنهم، ومواجهة التحديات التي لم تعد مقتصرة على التخلص من نظام الاستبداد، بل على محو آثاره أيضاً ومنها  ما استقدمه من ميليشيات متطرفة وارتزاقية  تحت شعارات متعددة " دينية، قومية، طائفية" والتي تهدف بشكل أساسي إلى شرذمة الشعب السوري ومحاولة تقسيم أرضه.

مطلوب من السوريين ايضاً عند تناول موضوع يخص ميليشيا حزب العمال الكردستاني بأن يفصلوا فصلاً تاماً بين أهلنا الأكراد في سورية الذين لهم طموحات لا تنفصل عن طموحات باقي مكونات الشعب السوري بوطن موحد حر كريم خالي من الاستبداد يلبي طموحات ابناءه ويساوي بينهم، وبين الأحزاب العنصرية المتاجرة بالمسألة الكردية، والتي تتبع مرجعيات و قيادات خارج حدود سورية ويطرحون أجندة غريبة عن تاريخ سورية ورغبة ابناءها.