الثّورة السّوريّة في !!

الثّورة السّوريّة في !!

في مدينة "بودو" التي تقع وسط مملكة "النرويج" في مخيمٍ مؤقّتٍ للاجئين في بلدةِ "تفر لاند" بالتّحديد  في صورةٍ بانوراميّةٍ نحو ثلاثِ مبانٍ مختلطة ذو ألوانٍ مخمليّةٍ متآكلةٍ ،في داخلها كائنات حيّة تعاني من المراهقة ،وتبلور التأقلم والوعي للحسّساسيات التي خنقت بين موالاة ،ومعارضة ،وكرد ذو توجّهاتٍ منقسمة ،داخل هذه الأبنية الثلاث تجد مَنْ نَفَدَ بقدرةِ قادرٍ،من البراميل الطيّارة وهناكَ مَنْ نجا بجلدهِ إلى الخارج هارباً  - لسببٍ من الاسباب- و هناك من الشّباب من يدعون القوى الظلاميّة ،أو من يتّهم أنّه أجرم في حق الوطن ،هم ليسوا بقوى ظلاميّة ،بدليل أنّهم خرجوا من تمظهرات جماعات إرهابية كانت تسيطر على مدنهم ،وبالتالي إخراجهم من الدائرة الوطنيّة ،هذه الكائنات أيضاً تتفاعل بالجدل السياسيّ باعتبار أنّ لها تجاربها ،ورؤيتها للجريمة الحقيقيّة ،والإبادة الطائفيّة ،في التخوين والتكفير،فليس بالضرورة أن تكون جميع الكائنات المتولدة عن المخاض الدّينيّ ،شرعيتهم مزيفة ،وأخيراً هناك فئة أخرى تتصنّع دورين مختلفين ،دور المعارض لبعض القوى ،والمليشيات ،ويختبئ خلف باب الموالات ،فتجده يهتف لصورة - القائد - الذي تركها تهتف لنفسها ،وسرعان ما ينقلب إلى شتمهم وما أكثرهم ،بدليل أنّهم يحملون أطروحتين بوجهينِ ولسانين في بلاد اللجوء التي لم تعلّمنا بعد كلّ هذه الحرب الطورانيّة ،التعبير عن سوريّتنا كفعلٍ نبيل ،بعد أن أصبحنا في أعداد الضائعين ،واليتامى  .                                                                                                                

                                                                                                                                     

تحت نافذة غرفتي - التي أوشكتُ على مغادرتها تحدث سجالات بحجم اعتقال الزهور ،تجعل منك كائناً تبحث عن وطنٍ  ،كلّ هذه الحروب الدّائرة لن تحمل سلاماً ولو بعد حين ،لم تجدِ الهروب من الحرب كخلاصٍ مؤقّتٍ، بمقدارِ ما هو مؤجّل لتأتي بأشكالٍ ،وظواهر ،وأطماع وأحقاد مختلفة، أمّا تراب الوطن ،ومفاتيح الأحياء ،وضحكات النكات ،والاندماج الطائفي ،وظاهرة الأقليات ،التي أيقظها وحش الثورة ،لا يمكن تقديرها بمجرد توقعات ،الأمر ليس موقفاً وطنيّاً ،وحدث شخصي ،أو فردي  ،في سبيل لفت الانتباه ،إلى الضبع الذي احتل أرض المدينة ،وعاث فيها فساداً ،ولا مؤامرات التهلكة التي احتل الشّعب كوجبة دسمة تنتهي بمعاقبة الضباع ،ولن تنته بمعاقبة أشخاص أو ملّة أو طائفة ،مهما كانت مسبّبة لهذا الترف من الدمار والموت ،تحت نافذة  غرفتي أسباب كثيرة تشرح تجاه صخب وطنين ما يحدث، بعضها مرتبط بالحس الوطني وهي معقّدة وخاصّة بالسوريّ ،والبعض الآخر  يحتاج إلى أمان اجتماعيّ وشجاعة مفرطة - برأيي أنا المندهش – من سؤالٍ يدور في رأسي المليء بالمتناقضات ،اين تقع سوريا ؟ أمّا الصورة مشهد عفوي لمشاركة اللاجئيين السورييّن في عيد استقلال >.                                                                                                              

                                                                                                                 

                                                                                                                 

تحت نافذة غرفتي احتجاجات مناوئة بعنفٍ مفرط ،تتخلّلها سقوط قتلى ،وجرحى ،وأخرى سلميّة ،بأصوات عالية نخشى على الحكومة النروجيّة اتّساع نطاقها وامتدادها ،فنجبرها على تغيير طريقتها في التعامل بالعنف ،حيث لم تبدِ قراراً  تسهم في فهمِ تناقضات الحلول في الثورة السوريّة التي وصلت إلى مشارف المملكة النرويجيّة .التي تخشى أن نكون سلفيين كما أراد العالم ،وجوه مصدومة ،وأخرى لا تفسر ،ووجوه عليها غبرة ،كلّ طرف يجد من انتمائه الحل المطلق ،هناك من يرى أن الدّفاع عن النظام هو شعور وطني أصيل بالفطرة ،وهناك من ينظر إلى هؤلاء نظرة استحقار بمساحات إعلانيّة مجّانيّة متفاوتة، وهناك فئة تجعل  من الموقف أصعب، لا تعرف من انتماءاتها سوى تأجّج الاصتدامات ،متقلّب بين التزام الحياد، وتجنب الصّمت بشكلٍ مؤذٍ يصل إلى تجاهل إراقة الدّماء يتحدّثون بصغٍ  عامّة، بينما الفئة الرومنسيّة التي لا أنام على أصواتها العذبة ،لا تتوقّف حناجرهم ،ترى أحدهم غنّى للحب ،وللغربة ،ويلوج بقصدٍ أو بدون قصد كهفوة أن الوطن بحاجة إلى صوته ،فيحتار  لمن يغنّي للثورة ،أم لمن رفضوا الثورة ،يقول لي صديقي الذي جاء لتوّه من المناظرة في استراحة بين جولتي مفاوضات : هؤلاء لا يهمّهم سوى خزّانات ملابسهم ،وعدد معجبيهم ،وماركات عطورهم ،ينظر إليهم بصورةٍ مخزية أمام مآسي ومجازر الشّعب .،أسراف في توصيف الحلول ،فيها سذاجة العبث موجودة بكلّ بهاء .                                                                                                                                              

                 

أمام كلّ هذهِ الأحداث المتسارعة والمتضاربة بنسخةٍ مصغّرةٍ عن الوطنِ الذي يقع تحت نافذة غرفتي ،تسمع أصوات حرب أهليّة ،وقباحات وبذاءات - ممّن فاتهم القطار - يريدون القيام بالمهام الدستوريّة والتحركات السياسيّة واللقاءات والتعديلات في ثناياها ،،بوسائلٍ دبلوماسيّة حكيمة بنفس اللغو الذي أباد الشّعب ،حروب ،ومأسي ،وأحداث طارئة ،وحكومة برلمانية ،ونظام فدرالي ،ومجلس قضائي مختص وعادل ،للمرحلة المقبلة ،وتطوير التجربة الديمقراطيّة ودعم سريع يلوح في الأفق يعاني من انخفاض الحلول والمساعدات ،والصّوت العالي ومساوئه.

كاتب وإعلامي سوريّ

مقيم في النرويج

التعليقات (5)

    نسرين المانيا

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    المجتمع السوري هكذا منذ الثورة وقبل والنظام بيعرف شو عندو

    عبير العيد

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    انقسامات المجتمع السوري كان السبب الرئيس لفشل الثورة

    غزوة

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    والله لو كان فيهم خير لوطن يتالم ويذبح لا تركو ولا انهزمو قعدو هنيك هربو يبحثو عن امانهم وتركو اهلن وبدن يختلفو عل الاسباب الله لا يباك في كل انسان فاقد للحس بالمسولية

    ميسون نجار

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    الغربة علمتنا الكثير استاذ صدقت نحن هكذا نموذج متقلب حسب رغباتنا

    حسان المانيا

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    والله نحن لسى ليطلع منا بلاوي مو بس هيك يا سيدي الكريم خرج بنستاهل مافينا خير لبعضنا
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات