اضواء على آخر مستجدات الصراع على الساحة السورية ... دراسة تحليلية سياسية وعسكرية

اضواء على آخر مستجدات الصراع على الساحة السورية ... دراسة تحليلية سياسية وعسكرية
اضواء على آخر مستجدات الصراع على الساحة السورية ...

دراسة تحليلية سياسية وعسكرية ...

في موازين الحرب نتائج اسمها الربح والخسارة ، والربح والخسارة لها معاني تبعاً لقوة الطرفين ، فعندما لا ينتصر القوي انتصاراً ساحقاً ماحقاً وبالتالي يبقى الطرف الضعف قادراً على المناورة وحتى الانسحاب المنظم ، فهذا يعني ان القوي قد هزم ، فلا بد للقوي ان يدفع الضعيف للاستسلام والخروج من خنادقه وقد وضع المقاتلون ايديهم خلف رؤوسهم ، لابل يفترض تسليم عتادهم العسكري ، ان لم نكن امام هذه الحالة العسكرية فالقوي مهزوم ، والضعيف منتصر ...

وفي موازين الصراعات الداخلية بين ابناء البلد الواحد، كذلك شيء اسمه ( القوة المشروعة ) و ( القوة الغاشمة ) القوة المشروعة هي ما تقوم به الأجهزة السيادية في اي بلد في العالم من جيش وقوات مسلحة وسواها من اجهزة امنية واحتياطية شعبية تتم تعبئتها عادة في حالات الخطر المحدق او الذي ابتدأ بالفعل ، فدساتير كل بلاد العالم وبلا استثناء ربما نصت على دور جيوشها بالدفاع عن الأرض والإنسان ، اما ( القوة الغاشمة ) فهي القوة المتمردة والخارجة عن القانون حتى وان كانت مطالبها مشروعة وفق وجهة نظرها وحتى ان كان بينها اشخاص طيبون وذووا نوايا حسنة وحتى  ان كانوا مقهورين او مظلومين ، فالقاعدة هنا ( ان من استعجل شيئاً قبل اوانه عوقب بحرمانه ) سيما ان كانت الغاية من التمرد او التحرك المسلح الاستيلاء على السلطة والانقضاض على الحكم بالقوة بمساعدة دول او قوة خارجية ، على اعتبار انه في كل زمان ومكان يمكن لبعض السكان ان يكونوا مناوئين لنظام حكمهم ، فكيف ستكون الحال ان تحركوا وبدعم خارجي لإثارة القلاقل والفوضى والوثوب الى سدة السلطة  ، فطبيعي وهذا هو الواقع ان يكون الفريق الآخر الذي على فرضية انه هزم ان يشعر بما كان يشعر به الطرف المنقض ، ويعاود الكّرة وبالمطلق سيجد من يساعده لإثارة القلاقل والفوضى ومن ثم الوثوب  اذا نظرية ( الاستيلاء على السلطة ) ورغم انها موجودة ومعاشة في العالم الثالث مرفوضة لأنها لا تضمن استقراراً لا لوطن ولا لمواطن ، هذه الحقيقة لم يعيها العرب خصوصاً ، ولا ابناء العالم الثالث عموماً، وهي ان آليات الارتقاء للسلطة وممارسة يجب ان تكون باسم الشعب ومنه واليه وبمساعدته وكله يجب ان يكون عبر اسس ديموقراطية تضمن التداول السلمي للسلطة وهو غير موجود في معظم دول العالم الثالث الا ما رحم ربي ، ولعل الآليات التي تمارس في هذا المكان من العالم ( العالم الثالث ) مقصودة ومدعومة غربياً والغاية دوماً هي بقاؤها غير مستقرة وبحاجة الى معونات غربية  فاسحة التدخل وتحت اي مبرر وبأي لحظة ...

دعونا هنا نسقط ما تناولته اعلاه على الأحداث السورية والتي تفاعلت بسرعة لتصبح حرباً ( شبه عالمية ) ادواتها يتحركون فيما يمكن تشبيهه ( بحرب اهلية ) فسنجد التالي :

- وجود جيوش وفصائل عديدة ظهرت واختفت على الساحة السورية طوال ما يزيد على خمس من السنوات الماضية من عمر الازمة، حتى وصلت وفق ان احدى الاحصاءات الى وجود اكثر من 1200 تنظيم مسلح في عام 2012، تتلقى دعما من جهات عديدة امريكية واوروبية وعربية...

- الا ان  الخريطة الميدانية تبدو مختلفة هذه الايام حيث انقرضت بعض الفصائل المسلحة، او اندمجت  اخرى في تنظيمات اكبر مثل ( الدولة الاسلامية ) ،  ( جيش الاسلام ) ،  ( جبهة النصرة )،  ( الجيش الحر ) ، ( احرار الشام ) والقائمة تطول ، ولكل من هذه الجماعات اجندته التي اقول انها اما بحكم النشأة او بحكم الظروف مرتهنة لإرادة خارجية هي من توجهها وتحركها وتتحكم بها بسبب الدعم بالمال او العتاد العسكرية او الرجال وسواه من اشكال دعم ( لوجيستي )، فلا يوجد مطلقاً أي فصيل يتحرك بذاته وبدواعي وطنية خالصة وذلك مرهون باستمرار تدفق الدعم او الإحجام عنه في أي لحظة مفصلية ...

- صحيح ان القيادة السورية وازاء هذه الهجمة البربرية وجدت نفسها مضطرة لأن تتعاطى مع الأحداث التي عصفت بسورية بذات طرائق من يقاتلها واقصد هنا مدّ اليد للدعم الخارجي ، مع ملاحظة ان ما يجوز للحكومات لا يجوز للأفراد فالحكومات يمكن لها ان تعقد اتفاقات ، او تحيي معاهدات ، او تستعين بقوات خارجية تنفيذاً لما كان معقوداً او ربما يعقد بين الدول من التحالفات سابقة او حالية مع الحالة الاستثنائية التي تضرب البلد ...

- الواضح لتاريخه ان كل الفرقاء السوريين وباستعانته بالآخرين بات مرتهناً له ( لهذا الآخر ) وقد اسقط مفهوم السيادة الوطنية من حساباته بدعوى المحافظة عليها ...

- والواضح كذلك ان كلا طرفي معادلة الصراع كان يعتمد او بات يعتمد على اطراف خارجية ، والبيّن لتاريخه ان هذه الأطراف وهذا موضوعي ومنطقي تحركها مصالحها واجنداتها في سورية ، او ربما تحركها صراعات اقليمية او دولية تدثرت عباءة الأزمة السورية لتتم تصفيتها بين اطرافها ، لكن على الأرض السوري وبدم سوري ...

- البيّن كذلك اننا بإرادتنا او ربما بانفعالاتنا بتنا ساحة صراع لإرادة الآخرين في بلادنا ، او لكثير من المتحاربين بالوكالة او النيابة لكن دافع الفاتورة دوماً هي سورية والسوريين ...

- وكذلك وما هو ثابت اقله حتى الآن ان ايقاع الحرب تضبطه قوى خارجية ليس بينها سورية ، بمعنى ان السلاح يتدفق لطرفي الصراع ، وكذلك شتى انواع الدعم ، لكن دون تمكين فريق من الحسم او النصر ، مع الإشارة انه لا منتصر في سورية من أي من السوريين ، وان كل ما نراه هو شكل من اشكال الأوهام واضغاث الأحلام ، فعندما يحسم صراع دولي ما وجد له متنفساً على الأرض السورية ، سينتهي جزء من الأعمال القتالية بغياب فريق كامل من ( القتلة ) او ( المقاتلين ) عن الميدان   اذا يكون قد انته دوره في ( الحرب العالمية السورية )...

آخر ما حرر في ساحات الاحدث وعلى الساحة الميدانية السورية هو  ( جيش سورية الجديد ) الذي بدأ يحتل العناوين الرئيسية هذه الايام، لخوضه معارك شرسة ضد قوات ( تنظيم الدولة )  في منطقة دير الزور شرق سورية، رغم الكارثة التي مني بها حيث أبيدت فرقة كاملة منه ، عندما قام 200 من رجاله مسنودين بدعم جوي حليف وخبرات امريكية وبريطانية واردنية ، والمعلومات تقول ان اربعين قتلوا  وعدد كبير اسروا وآخرون مجهولي المصير ، كان ذلك عل يد ( تنظيم الدولة ) في مدينة البوكمال السورية وهذا يعكس ان التنظيم اما كان قد ارعب الأهالي او بينهم هم بالفعل يشكلون له حاضنة شعبية ، فلا يمكن تفسير ابادة هذه القوة بهذه السرعة الا من خلال عدم قبولهم في مكان وجودهم او هبوطهم عبر مظلاتهم ...

ومن الواضح ان الولايات المتحدة الامريكية التي كثفت حربها ضد  ( تنظيم الدولة )  في الايام والاسابيع الاخيرة، في الجانبين السوري والعراقي، باتت تعتمد في حربها في الجانب السوري على جيشين رئيسيين:

الاول :

هو  ( الجيش الديمقراطي السوري )  الذي يضم في غالبيته عناصر كردية من وحدات الحماية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة السيد صالح مسلم، الى جانب اقلية من العناصر العربية ...

الثاني :

هو  ( جيش سورية الجديد )  الذي يتشكل من عناصر عربية تنتمي في معظمها الى  ( جبهة الاصالة والتنمية )  التابعة للجيش السوري الحر، وبعض العناصر السلفية المعارضة.

لا نعرف حتى الآن ما اذا كان هذا  ( الجيش السوري الجديد )  المدعوم امريكيا وغربيا سيكون افضل حظا من  ( الجيش السوري الحر ) ، ويعمر طويلا بالتالي على الساحة السورية ام لا، واذا عمرّ فعلا هل سيكون هو البديل الامريكي الموازي للجيش العربي السوري في حال التوصل الى تسوية سياسية؟... من الصعب اعطاء اجابة واضحة على هذه الاسئلة الافتراضية، لكن ما هو لافت انه لم يصدر اي موقف رسمي واضح تجاه هذا الجيش الجديد من القيادة السورية العسكرية في دمشق، فهل هذا السكوت هو علامة الرضا، ام انه محاولة لعدم فتح جبهات جديدة في هذا الوقت الحرج؟...

اعتقد بالفرضية الثانية، لان تقدم هذا الجيش السوري الجديد في شرق سورية، ونحو منطقة البوكمال على وجه التحديد في اطار الاستعدادات لاقتحام الرقة يأتي في اطار تنافسه مع الجيش العربي السوري لدخول مدينة الرقة عاصمة  ( الدولة الاسلامية )  بعد نجاحه في استعادة مدينة تدمر...

وسأختم بعدة اسئلة :

- هل ما كان قبل اندلاع من ظروف حياتية ومعاشية (  الثورة ) السورية يستحق ان يكون هذا مصير سورية والسوريين ...

- الا تشير الحال الذي عليه سورية والسوريين ان القصة كانت اكبر من كثير من مطالب اصلاحية او مطالبات بحريات او عدالة اجتماعية او حتى بإسقاط نظام ، او المطالبة برفع مظالم أي كانت سويتها ومستواها وحتى وان كان عنوانها العريض هو القهر ...

- هل كان بإمكان القيادة السورية ان تتعاطى مع الأحداث بغير الطريقة التي تعاطت بها ولو تم هذا بالفعل ، هل كانت ستختلف النتائج ، ام انه قدر سورية ومكتوب اسرائيل ومن خلفها معظم النظام العالمي القاضي بشرق او سط كبير وسيلته الفوضى الخلاقة ...

- هل لو فكر كل الفرقاء قبل البدء انه سيكون الحال كما هو الآن،  هل كان بدأ الباديء ، وهل كان هكذا رد من رد ، ام ان الموضوع سواء فإن لم يكن هناك من باديء كانت ستبدأ واياً كان الرد ، ستتصاعد الأمور للوصول الى هذا الحال ويكون هذا المآل ...

- اتوقف كثيراً ودائماً لأقول ان الجيش العربي السوري ، كان خطأه كبيراً وليس لذنبه اغتفار  والخطأ الذي ارتكبه هو انه بنى عقيدته القتالية على اساس ان اسرائيل هي العدوة وهذه ما ترجمه لأفعال عبر تاريخ الصراع الطويل مع الدولة العبرية واراهن هنا انه لم تطلق طلقة واحدة الى صدر الكيان الا وفيها ارادة ومشاركة سورية ...

- اتوقف ايضاً  لأقول ان ثلاث جيوش عربية حاربت اسرائيل في عام 1973 ، هي السوري والمصري والعراقي ، المصر اخرج من الميدان بموجب ( كامب ديفيد ) والعراقي دمر ما دمر منه في العام 2003 ، وحلّ الباقي ليصبح جزء منه في تنظيم الدولة وهذا بين وواضح من طبائع المعارك وادارة العمليات في ساحات القتال ، اما السوري فقد تمت شيطنته ، وحرفت بوصلته وقتل بعرف الكثيرين من السوريين ابناء بلده ، وهو مرشح لاستمرار استنزافه ليصبح اثر بعد عين ، وكل ما اخشاه هو ان يكون ( الجيش السوري الجديد ) امر يكي النشأة والتدريب هو بديل للجيش العربي السوري ، عندها فقط تطمئن الدولة العبرية .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات