الانقلاب التركي الفاشل والحفاظ على التحول الديمقراطي

  الانقلاب التركي الفاشل والحفاظ على التحول الديمقراطي
عاشت تركيا وأغلب دول العالم لحظات عصيبة وصعبة جداً جراء محاولة أطراف من الجيش التركي السيطرة على مقاليد الحكم، والإطاحة بالشرعية الانتخابية والبرلمانية.  الانقلابات العسكرية تولد لدى معظم الشعوب شعوراً بالقلق والخوف، نظراً لما لتاريخ  الانقلابات من سير دموية وسمعة سيئة جداً، خاصة وأن تركيا عاشت مراراً مرارة  الانقلابات والبحث عن حلل للبدء من جديد.

وكانت تركيا قد دخلت مرحلة التحول الديمقراطي بركائز راسخة عبر موجة التحول الديمقراطي الثالثة، ولم يكن من السهل القبول بسيطرة العسكر على مقاليد الحكم في تركيا بعد عقود من الرفاه والتطور الاقتصادي والأمني والسياسي.

 الانقلاب الفاشل أعاد إلى واجهة المسرح التركي والإقليمي مجدداً وتيرة الصراع بين إردوغان وفتح الله غولن المتهم بإدارة محاولاته  الانقلابية من خارج تركيا. الصراع لم يكن وليد اليوم فأردوغان أغلق العديد من المدارس والمراكز الإعلامية التابعة لغولن كجمهورييت والزمان التي وضعت تحت تصرف إردوغان ومنعت من العمل، كما تم إلقاء القبض على عدد من رجال الأعمال في شركة فونياك القابضة، وتم عزل مئات مؤيدي غولن من الوظائف وكانت المواجهات تزداد وترتفع دوماً في قطاعات التعليم والإعلام  والاستثمارات، وكانت تهمة إنشاء قواعد وخلايا للدولة العميقة ضد حزب العدالة والتنمية توجه على الدوام إلى غولن. وهو ما كان على الدوام تتعارض مع رغبات غالبية الشعب التركي الناشد للإبقاء على الحالة السياسية الديمقراطية، ويفضل حكم نتائج صناديق الاقتراع على الحكم العسكري.

الأمر الملفت في محاولة لانقلاب الفاشلة هو مدى التكاتف التركي حكومة وشعباُ ومعارضة على الرفض القاطع للسيطرة العسكرية على مقاليد الحكم، ونجاح السيد أردوغان بالحفاظ على حكمه عبر اللجوء إلى الشعب التركي في مواجهة المؤسسة العسكرية، وعلى الرغم من أن تركيا كانت تُعرف بثنائية الحكم بين السياسي والمؤسسة العسكرية، إلا أن النتائج المترتبة على هذه المحاولة الفاشلة ستكون زيادة سطوة ونفوذ السيد أردوغان ضمن الجيش وسيطيح بجنرالات وقادة عسكريين كبار لم يكن يثق بهم، وسيجد الشعب التركي ضباط صغار في مواقع عسكرية كبيرة، خاصة وأن الجيش التركي مهم جداً بالنسبة لإردوغان بسبب ظروف تركيا الداخلية وصراعاتها الاقليمية وموقفها من الثورة السورية وتوتراتها مع قبرص وغيرها، خاصة وأن تركيا تعتبر حجر الأساس في حلف الناتو وهي تقوم بدور تاريخي في مواجهة روسيا وستسعى أمريكا للحفاظ على تركيا بغية الحفاظ على قوة الحلف الأطلسي.

أثبت حزب العدالة والتنمية قدرته على التعبئة الشعبية والنزول للشوارع والتصدي بصدورهم العارية للدبابات والقصف المروحي الذي خلف حوالي90 قتيل و1200 جريح، وأدى هذا الانقلاب  الفاشل إلى انقسام الجيش التركي على نفسه بين مؤيد مشارك في  الانقلاب ومعارض أو معتكف المشارك، علماً أن من بين أبرز الأسباب التي أدت إلى فشل  الانقلاب  كان عدم تمكن اعتقال أردوغان، وكراهية الشعب التركي للانقلابات، وتغيير مزاج العالم والشعوب وكراهيتهم للانقلابات العسكرية، وقيام المؤسسات الأمنية والاستخباراتية بالمهمة المنوط بها على أكمل وجه، وتماسك الشعب التركي والتفافه حول حزب العدالة والتنمية.

حتى الأحزاب المعارضة لسياسة أردوغان كحزب الشعوب الديمقراطية رفض وانتقد هذه المحاولة الانقلابية، وربما هي المرة الأولى منذ عقود التي يتفق البرلمان التركي فيها بالكامل على فكرة وموقف مبدئي واحد.

كردياً فإن الصراع التركي الكردي سيجد نفسه في موقع وموقف جديد بعد إحكام قبضة السيد أردوغان على الحكم والمؤسسة العسكرية التي من شأنها زيادة نفوذ وقوة حزب العدالة والتنمية وهو الأمر الذي يقوي من نفوذه في مواجهة حزب العمال الكردستاني، ومن المتوقع أن يقدم السيد اردوغان للدفع بعملية السلام والحوار مع الطرف الكردي والتفرغ لخصومه السياسيين في الداخل التركي.

 الانقلاب  فشل ولعل أكثر المستفيدين من هذا الفشل بعد الشعب التركي هوالشعب السوري في ظل تواجد مئات الآلاف من السوريين على الأراضي التركية وربما يجد مزيد من المزايا في قادمات الأيام.

التعليقات (1)

    الاتحاد الكردي العام

    ·منذ 7 سنوات 9 أشهر
    لنا الحق في الاستقلال عنكم أيها الفرس والأتراك والعرب
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات