تركيا وحالة الطوارئ

تركيا وحالة الطوارئ
تركيا وحالة الطوارئ

بقلم الصحفي والخبير في الشؤون التركيه

أحمد عبدالباري

الجميع كان بأنتظار القرار الذي سيصدر من اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، الذي استمر لمدة اربعة ساعات واربعين دقيقه دون ان يعلن عنه شئ ،لينعقد بعده تماما الأجتماع الوزاري في ليلة البارحة،وبعد انتهاء الأجتماع خرج الرئيس التركي اردوغان مخاطبا للشعب ليعلن عن حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة اشهر على التوالي ،وبالطبع لم تتوانى الدول الغربيه ولو للحظة في انتقاد اردوغان والحكومه التركيه بعد إصدار هذا القرار مباشرة ،كيف لا ،وهي كانت قد انتقد الدولة التركيه بعد عملية الأعتقالات التي شملت العديد من رجال الجيش والشرطه والقضاء في الدوله،حيث ان الرئيس الفرنسي كان قد اعلن بشكل صريح ،إن الأنقلاب لا يعطي لأردوغان شيك على بياض ،لأعتقال من اراد ،وتلته انتقادات كثيره من امريكا والعديد من الدول الغربيه ،التي لم تبادر ابدا في انتقاد الأنقلاب في ساعته الأولى ،وانتظرت حتى فشله لتدلي انها واقفه مع حق الشعب في الديمقراطيه وانها ضد الأنقلاب .

عندما اعلن الرئيس التركي هذا الخبر ،اصبح الكثير من الناس يتخوفون من هذا الأمر ،لذا جاء الرئيس اردوغان ليكمل حديثه مطمئنا الشعب ،قائلا بأنه لا يجب على الشعب ان يخلط بين حالة الطوارئ والأحكام العرفيه ،حيث انه لن يكون هناك صلاحيات للجيش ،للنزول للشوارع ،والسيطره على الحكم ،او ايقاف محافظ ،بل سيكون كل هذه الأمور تحت الإداره السياسية للبلاد ،ولن يكون لهذا اي تأثير على الأقتصاد التركي ،بل سنستمر في انجاز اعمالنا التنمويه طوال فترة الثلاثة اشهر هذه،فهدف حالة الطوارئ هذه ،هو الوصول الى كل من ينتمي الى حركة فتح الله غولن الأرهابيه او اي شخص يعمل في الكيان الموازي داخل سلك الدولة وتوغل فيها ،ولأجل عدم تمكن هذا الشخص من اخفاء نفسه ،كان يجب علينا القيام باتخاذ بعض القرارات الأحترازيه .

عرف اردوغان بانه سيتعرض لأنتقاد حاد ،بعد الإعلان عن هذا القرار ،ليعود ويذكر ما حدث في العديد من الدول الأوربيه ،حيث ان بلجيكا ،عندما تعرضت لعدة تفجيرات ارهابيه في كل من المطار ،ومترو الأنفاق ،قامت بتطبيق حالة الطوارئ لعدة اشهر ،ولم تتعرض لأي انتقادات من قبل دول اخرى ،مع العلم ان ما تعرضت له بلجيكا من مخاطر ،لا يوازي نصف ما تعرضت له تركيا من مخاطر في ليلة الأنقلاب العسكري المشؤوم.

بالأضافة الى هذا ،فرنسا اعلنت قبل يوم من الإنقلاب العسكري الفاشل في تركيا ،تمديد حالة الطوارئ في البلاد الى ستة اشهر اخرى ،بعد عملية الدهس الإرهابيه التي تعرضت لها مدينة نيس الساحليه جنوب فرنسا ،ولم تقم اي دولة في انتقاد فرنسا مع العلم انها اتخذت مدة تطول على المده التي اتخذتها تركيا في حالة الطوارئ هذه،ليعود اردوغان ويقول في اشارة الى هذا ،لا يحق لأي دولة ،ان تنتقد قرار الحكومه التركيه في اتخاذ حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر ،وهي التي صمتت جراء القرارات التي اتخذتها دول اخرى بهذا الخصوص.

إن اي دولة تتعرض لمثل هذه المحاولة الأنقلابيه يتوجب عليها ان تتخذ بعض التدابير الأمنيه ،التي تحميها من وقوع مثل هذه الأحداث مستقبلا ،وخصوصا إذا كنت تتعامل مع حركة ،مثل حركة فتح الله غولن التي تستطيع ان تذهب في الخفاء ،والذين يعتبرون ناجحون في اخفاء انفسهم دون ان يشعر بهم احد من خلال سياسة اخذ الحيطة والحذر التي كان يتبناها هذا التنظيم في اوقات الأزمات والمخاطر ،والدليل انهم توغلوا في السلك الدبلوماسي والعسكري لمدة طويله من الزمن ،وكان اقرب المقربين من الرئيس التركي اردوغان شخصيا ينتسب الى هذا التنظيم دون ان يشعر بهم احد ،لذا كان ملزما على الدولة ان تملك الصلاحية في ملاحقة ممن يشتبه بهم وتحقق معه ،وتحاسب اي مواطن او مسؤول في حال التراخي في انجاز مهماته واعماله ،لكي لا يقوم هذا التنظيم بالتماسك من جديد وبالتالي إعادة تشكيل نفسه من جديد.

لقد فهمت الحكومة التركيه تماما مخاطر هذا التنظيم ،وتعرف تماما انها لا تستطيع ان تقوم بتنظيف الدوله من اعضاء التنظيم هذا في فترة وجيزه من الزمن ،وحسب اعتقادي الشخصي  ان حتى الثلاثة اشهر التي اعلنت فيها الحكومه  حالة الطوارئ لن تكون كافيه تماما للقضاء بشكل كلي على هذا التنظيم ،قديؤدي هذا الى  تقليل فعاليته بشكل كبير جدا ،ولكن لن يقضي عليه  بشكل كلي ،حيث يوجد له ارتباطات خارجيه كثيره ،وداعمين ورجال اعمال، وبرقراطيين ،وسياسيين مازالوا يخفون انفسهم وهم بارعون في اخفاء انفسهم تماما ،كما كانت تفعل الجمعيه الماسونيه في اوربا ،ولكن الشئ الذي سيقوض ظهر هذا التنظيم ،نجاح تركيا بإقناع امريكا في إعادة قائد التنظيم فتح الله غولن الى تركيا واجراء التحقيقات معه ،عنئذ سيتم افتضاح امر الشركاء الدوليين المتورطين مع هذا التنظيم،وهذا ما استبعد ان تفعله امريكا تماما،حيث انه حسب رآيي الشخصي ،ان الولايات المتحده الأمريكيه تود  تهريبه الى كندا ،التي لم توقع اي اتفاقيه  بخصوص إعادة الفاريين من العداله مع تركيا وبهذا تكون قد وضعت الكره في الملعب الكندي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات