الزعماء الأصلاحيون الأتراك والسير على الأشواك ج 1

الزعماء الأصلاحيون الأتراك والسير على الأشواك ج 1
الزعماء الأصلاحييون الأتراك

والسير على الأشواك .الجزء الأول

بقلم الصحفي والخبير في الشؤون التركيه

احمد عبدالباري

بعد سقوط الدولة العثمانيه ،وتولي مصطفى كمال اتاتورك الجيش التركي واعلانه الجمهوريه التركيه عام 1923 ،حدثت مجريات عديده في تاريخ تركيا ،حيث كانت هناك عملية الطمس على الهويه الأسلاميه على الرغم من ان نسبة 99% من الأتراك ينتمون الى هذا الدين ،فقد تم اصدار قرارات عدة باتباع سياسات تتخذ السياسات الغربيه انموذجا لها ،حتى في العادات والتقاليد والزي اليومي.

وبعد تغيير الأحرف التركيه من الأحرف العربيه الى الأحرف اللاتينيه ،اصبح عدد كبير من الشعب التركي لا يعرف القراءة والكتابة ،لذا كان يتوجب الأستعانه بالأتراك القادمون من الدول الغربيه لإدارة الدوله ،كما إن حرب جنق قلعه او كلي بولو ادت الى مقتل ما لايقل عن 250 الف تركي معظمهم من الشباب الجامعيين الأتراك الذين تركوا جامعاتهم لينطلقوا ويدافعوا عن الوطن ضد القوى الغربيه التي كانت مكونه من روسيا وبريطانيا وفرنسا ،وبالتالي افقدت هذه الحرب تركيا العديد من مثقفيها.

لتصبح تركيا بعد ذلك تماما في يد فئه من العلمانيين الذين تلقوا تعليمهم من الغرب ،حيث كان حزب الشعب الجمهوري الذي اسسه مصطفى كمال اتاتورك مؤسس الجمهوريه التركيه ويستلمه بعد ذلك عصمت اينونو ،الذي اصدر حزمة من القرارات جلها يستهدف المسلمين والمحاوله على تغيير مفهومه الديني ،حيث اصدر قرارا بمنع رفع الآذان باللغة العربيه ،وترجمته للغة التركيه ،مما جعل معظم الأتراك في شوق كبير لسماع الآذان بلغته الأصليه ،الى ان ظهر رجل بارز في حزب الشعب الجمهوري الا وهو عدنان مندرس الذي تم تنصيبه كنائب على ولاية ايدين عام 1931 ،والذين لم يبقى كثيرا في منصبه بسبب سياساته الأصلاحيه ،وعدم التزامه بقرارات عصمت اينونو.ليتم اقالته من الحزب هو وجميع رفاقه الذين يتبنون نفس الأراء في عام 1945 .وبعدما تم اصدار قانون الأحزاب في تركيا عام 1950 ،والسماح لأحزاب اخرى التنافس مع حزب الشعب الجمهوري الذي كان وحيدا حتى ذاك الوقت ،وهذا ما دعى كل من عدنان مندرس ورفقاه منهم جلال باير وفؤاد كوبرولو ورفيق التن الى تأسيس الحزب الديمقراطي والخوض في سباق الأنتخابات التركيه ،ليصعد مندرس ولأول مره ويتوعد بوعود غريبه كانت شبه مستحيله امام الشعب في حملته الأنتخابيه ،الا وهي عودة الأذان باللغة العربيه ،السماح للأتراك بالذهاب للحج بعدما كان ممنوعا تماما ،وإعادة إنشاء وتدريس الدين بالمدارس وإلغاء تدخل الدوله في لباس المرأة ،حيث تعرض للعديد من الأنتقادات من قبل العديد من الدول الغربيه وعلى رأسها الولايات المتحده الأمريكيه ،التي ذكرت حملته الأنتخابيه بالغريبه وتوقعت حسب دراساتها بفشل حزبه فشلا ذريعا .

الا ان نتائج الأنتخابات هذه كانت صدمة كبيره لأمريكه وكافة الدولة الغربيه ،حيث حصل حزب مندرس على نسبة 52.7% من الأصوات بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 39.4% من الأصوات ،وهذا ما جعل عدد نواب الحزب الديمقراطي في البرلمان يبلغ 420 نائبا مقابل 63 نائب من حزب الشعب الجمهوري وبالتالي ليصبح عدنان مندرس رئيسا للوزراء وجلال باير رئيسا للجمهوريه ،ولدى تسلمه الحكومه الجديده بدأ بوتيرة متسارعة بتنفيذ كافة الوعد التي قطعها على نفسه،والإستجابة لمطالب الشعب ،حيث انه عقد أول جلسة لمجلس الوزراء في شهر رمضان ليقدم للشعب التركي حزمة من الهدايا التي كانوا يتوقون اليها منها إعادة الأذان باللغة العربيه ،وإصدار قانون حرية اللباس وحرية تدريس الدين ،كما بدأ بإصدار قرار بتعمير المساجد.كما شهدت تركيا مابين اعوام 1950-1954 انتعاشا اقتصاديا كبيرا ،حيث ساهمت سياسة السوق الحره في الأقتصاد الى تنمية الأقتصاد بشكل متسارع ،ليقدم التصاريح للأجانب بخصوص عملية التنقيب عن النفط واستخراجه ،وتم إستخراج قانون التحفيز للمستثمرين الأجانب ،وتم تأسيس مؤسسات صناعيه جديده في تركيا ،وقدم دعم كبيرا للمشاريع الزراعيه من قبل الدوله ،ليتم بعد ذلك مصرف الأوقاف في تركيا عام 1954،ليتم نمو الدخل القومي الغير صافي بنسبة 9%.وهذا كله ما جعل حزب مندرس يدخل بقوة في إنتخابات عام 1954.

حيث حقق فوزا كاسحا على حزب الشعب الجمهوري ليحصل على النسبة 57% من الأصوات وبالتالي ليحصل على 502 من المقاعد في البرلمان وهذا ما جعله يكمل مسيرته الأصلاحيه بكل شجاعه ،ليتخذ قرارات اكثر شجاعه ،الا وهي السماح بتعليم اللغة العربيه وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى مدارس الثانويه العامه ،وأنشأ 10 الالاف مسجد وفتح 25 الف مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، كما أنشأ 22 معهدا لتخريج الوعاظ والخطباء وأساتذة الدين في كافة مناطق الأناضول كما سمح بإصدار العديد من المجلات والكتب التي تدعوا الى التمسك بالدين الأسلامي والأقتداء به ،كما قام بإخلاء العديد من المساجد التي كانت الحكومه السابقه تستخدمها كمخازن للحبوب واعاد ترميمها وفتح ابوابها امام المصلين ،كما اتبع سياسة التقارب مع الدول العربيه ضد اسرائيل ،وايضا  فرض رقابة شديدة جدا على الأدوية والبضائع التي كانت تصنع في اسرائيل ،وقام بطرد السفير الأسرائيلي سنه 1956 بعدما قامت العديد من القوى المعاديه للأسلام بالوقف ضده واكتشافه دعم اسرائيل ووقوفها مع هذه القوى .وهذا ما جعلت اسرائيل تتحالف مع العديد من القوى المعاديه للأسلام ولمسيرة الإصلاح في تركيا ليقوم بعد ذلك الجنرال جمال كورسل عام 1960 بالقيام بإنقلاب عسكري ضده ليتم القاء القبض عليه ومحاكمته بالإعدام شنقا،وبالتالي عودة تركيا الى حكم العسكر من جديد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات