تصدير ثورة (قنبلة ديموغرافية)

ما هي استراتيجية الصمود؟ وعقلية النصر؟

صمد الشعبُ الفلسطيني أكثرَ من نصف قرنٍ ضدَ الاحتلال الصهيوني الغاشم، وأثبتَ أنَّ الشعوبَ إنْ أرادت الحياةَ فلا بدّ أن يستميت البشر، ولابدّ لليل أن ينجلي ولا بد للظلم أن يزدجر.

إنّ أهمَّ عوامل صمود الشعب الفلسطيني هو قنبلته الديموغرافية، قنبلة تصدير الثورة إلى الأجيال اللاحقة، قنبلة زرع كره الظلم والاستعمار الممارس من قبل الكيان الصهيوني المحتل على أرض فلسطين في عقول الأطفال.

أخرجَ جيلاً صامداً محافظاً على مبادئه وأخلاقه، جيلاً تعلّمَ من أهله الأبطال أنَّ الثورةَ لا تصنعُ أصناماً بل تكسرها، وأنّ الثورةَ لا تصنعُ رموزاً بل تحرقُها.

والمحروقون فقط هم من يبقَونَ خالدين في أذهان الجميع  وجنات النعيم، وأمّا الأصنامُ فتُساق إلى مصيرها المشؤوم، إن لم يكن قبل وبعد الحياة فبعدها حتماً.

   ثورة لم تصنع من أوائل منتفضيها رموزاً، ولم يحتكر فرسانُها الأوائل الانتصارات لهم ولا البطولات، ولا الثورة هم أصحابها  فقط، بل شجّعوا وحثّوا شعوبَ العالم أن تقفَ وقفةَ حقٍ ووقفة صدق وإنسانيّة للتعاطف معهم والوقوف معهم، ووجهت الثورة نداءاتٍ قومية ودينية للحق الظاهر المنير.

لم تيأس فلسطين بل قاومت بسلاحي العلم والمعدات الحربية.

فماذا لو انتصر جيلٌ جديد معدوم الأخلاق والمبادئ، نصرٌ أولَى بالهزيمة!، فأثبتوا أنّ أملَ الانتصار يخالج قلوبَ أصحاب القضية الحقة ويرشدهم إلى الصراط المستقيم.

وإن أهم عوامل النصر:

1- استمرار المدارس والجامعات والتدريس والتعليم والتدريب في فلسطين

2- طبيعة النفس البشرية تواقة للحرية، كما أنها تحتاج إلى المدح والثناء والتميّز والشكر. والشعب الفلسطيني قدّم المصلحةَ العامة على الخاصة والشخصية، و لم يحتكر الثورةَ لأشخاص، ولم يصنع تماثيل أو أصنام بل صنع رموزاً شهداء.

3- لم يحتكر الانتفاضة على عدّة أشخاص وإن كانوا الشعلةَ الأولى فيها.

أمّا السبب الأهم في نجاح الانتفاضة الفلسطينية هو تصديرُ الثورة جيلاً بعد جيل، وعدم احتكار الثورة لأشخاص أو تيارات وأحزاب

كانت ثورةً شعبية، ثورةَ تقديمٍ وتضحية بعيداً عن المصالح الخاصة، ولبطولاتها وأبطالها سُطّر النصرُ.

عبد العزيز مسلاتي

مؤسسة البراق الإعلامية