هذا النزيف كما أصاب الجسد السوريّ بضرر سلبيّ بالغ لأنّ دماءً غريبة استغلتْ هذا النزيف و دخلتْ في النسيج السوريّ و غيّرتْ كثيراً منِ هذا الجسد لخطورته على التركيبة الديموغرافية السورية الذي تميّزت طوال العقود الماضية بحياة فسيفسائية مُتناسقة، و أيضاً كانَ هذا النزيف يحمل سلبيات على أوروبا التي لم تستشعر به إلا بعد أن تدفقت أعدادٌ هائلة من اللاجئين إليها و أصبح استقبالهم واقعاً مفروضاً عليها في البداية، لكنْ التصرّف الإنساني أتى بثمار سلبية على حد تعبير بعض السياسيين الأوروبيين، فمنهم من كان متخوّفاً من أسلمةٍ لأوروبا و منهم من تخوّف من أعباء اقتصادية قد لاتخدم أوروبا على المدى البعيد.
هنا كان لا بدَّ من إعادة حسابات من قبل الدول الأوروبية لعملية استقبال اللاجئين بما يخدم أهداف الإنسانية على زعمهم و بما يتوافق مع مصالحهم المستقبلية.
ففي تصريح للمستشارة الألمانية " أنجيلا ميركل " عن سياسة اللجوء الجديدة قالت :
" لكي نتمكّن من مساعدة الذين بحاجة إلى حماية، يتوجب أن نقول للقادمين إلى بلادنا لأسباب اقتصادية بحتة عليهم المُغادرة "
يعلمُ السوريون أنَّ التفريق بين هذه الأصناف من اللاجئين عمليةٌ صعبة بل قد تكونُ مستحيلة إلى حدٍّ ما، فالسوريون أنفسهم لايعرفون هذه التفاصيل.
لذا يبدو واضحاً أنَّ هذه السياسة الجديدة في موضوع اللجوء ما هي إلا كعملية عصر برتقالة للحصول على عصير مفيدٍ للجسم و رمي القشور خارجاً.
فأوروبا بحاجة إلى الخبرات و الكفاءات العلمية التي قد هاجرت فعلاً إليها بسبب الحرب، و أوروبا أيضاً بحاجة إلى الأيد العاملة التي تتقن الأعمال الحرفية و الأعمال الصعبة التي لايقوم بها مواطنوها.
فالغربال السياسي للجوء سيكون ثوباً إنسانياً بامتياز يغطّي ذلك الثوب القبيح الذي يُظهر الوجه الحقيقيّ لأوروبا ألا و هو " نوعيّة لا كميّة ".
التعليقات (2)