يا أطفال العالم

يا أطفال العالم
في أواخر التسعينات إن لم تخني الذاكرة، غنت الطفلة السورية هالة الصباغ أغنيتها الشهيرة يا أطفال العالم، غنتها في إيطاليا و باللغتين العربية و الإيطالية، الأغنية وقتها اشتهرت جدا، و صار التلفزيون السوري يضعها أكثر من النشيد الوطني، و نالت عليها هالة الصباغ جائزة ما، من مهرجان فني ما، لا أعرف لماذا بعد حوالي ثمانية عشر عاما قفزت لذاكرتي هذه الأغنية عند رؤيتي لصورة الطفل الحلبي عمران الذي شاء الله أن ينجيه من ضربة غادرة للطيران الروسي السوري التحالفي المجرم، لم أتذكر الأغنية فقط، بل تذكرت صور العديد من الأطفال.

تذكرت مثلا، الأطفال الفلسطينيين الذين قضوا إما جوعا بحصار مخيماتهم، أو ذبحا باجتياحها، على يد ميليشيات الكتائب الموارنة، - حلفاء حافظ الأسد الذي تذرع بحمايتهم ليدخل لبنان- و حركة أمل الشيعية ربيبة حافظ الأسد، تذكرت أيضا الأطفال السوريين الذين ذبحتهم سرايا الدفاع في حلب و حماة في الثمانينات، و أترابهم الذين خصص لهم حافظ الأسد مهجع كامل بمعتقل تدمر اسمه مهجع البراءة، و تذكرت أطفال العراق الذين تشوهوا من الإشعاعات النووية، و ماتوا بسوء التغذية أيام حصار العراق، ثم أطفال البوسنة و كوسوفا الذين قامت ميليشيات الصربي الصليبي سلوبودان ميلوزوفيتش صديق حافظ الأسد باغتصابهم و قتلهم، و أطفال الشيشان و داغستان و ما فعلته روسيا داعمة الأسد بهم، إلى أن وصل بي قطار الذاكرة للطفل محمد الدرة، و كيف كانت صورته و قصة استشهاده في حضن أبيه إبان الانتفاضة الفلسطينية، تغزو شاشات العالم، و تذكرت أيضا الطفل فارس عودة و كيف تصدى لدبابة إسرائيلية بالحجارة، و لن أحدثكم عن أطفال المسلمين في أفغانستان و بورما و كشمير أفريقيا الوسطى و الفلبين و تركستان الشرقية.

و بدأت الثورة السورية، و رأيت صورا أفظع لما تلقاه الطفولة على يد المجرمين العتاة، رأيت صور أطفال درعا و ما فعله النظام بهم في معتقلاته، و رأيت صورة حمزة الخطيب و هاجر و ما فعله زبانية المخابرات السورية من تعذيب بأجسادهم الطاهرة، و صور أطفال الحولة و بانياس و حمص ،و كيف ذبحتهم عصابات الشبيحة بالسكاكين، رأيت صورة أطفال الغوطة و هم ينتفضون كالعصافير المذبوحة من الكيماوي الذي ضربهم به النظام، رأيت صورة أشلاء أطفال حلب و إدلب الذين مزقتهم طائرات الحقد الروسي السوري التحالفي، ثالوث الإجرام و الشر، ثم جاءت صورة الطفل عمران لتتوج مآسي أطفال الأمة التي سبقتها.

كل تلك المشاهد، ولدت عندي سؤالا كاد أن يخنقني، أين الشعوب المسلمة من أطفالها، طبعا لن أقول أين الحكومات لأسباب لا تخفى على أحد، لكن أين الشعوب!؟ أين أمة المليار؟ أين الجيوش من أبناء هذه الشعوب التي تنفق عليها الحكومات أموال قارون؟

أين المنظمات الدولية، و القانون الدولي، و الأمم المتحدة، و مجلس الأمن، و اليونسكو، و الفيفا، و كل تلك المنظمات التي يغرقوننا بتفاصيلها السمجة؟

أين أين أين.....؟

و بينما السؤال يخنقني تبقى هالة الصباغ تغنينا:

لننادي من أكبر منا مستقبلنا في أيديكم

ألاّ يغفل أحد عنا و لتحمونا بمآقيكم

حتى ننمو غصنا أخضر

حبة قمح تصبح بيدر

يااااااااااااا يا أطفال العالم!!!!!!!!!

التعليقات (2)

    حيران

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    يكفي استجداء عالم بلا ضمير لحمل تابوت طفل كان في حضن إنسانة فلا شرود الكلمات يؤلف جملة مفيدة .لنعيه .

    سمير الأشقر

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    المنظمات الدولية التي تدعي رعايتها لحقوق الإنسان والتي ذكرها الكاتب في مقاله كلها عبارة عن أدوات موظفة بأيدي اليهود في العالم وتعمل من أجل تحقيق مصالحهم وأهدافهم الاستيطانية ولايهمها أبدا لا المسلمين ولا أطفال المسلمين لذلك لافائدة من الاستجداء بهكذا منظمات وهي المعروفة بالعهر والنفاق السياسي ولانامل نحن المسلمين من الله إلا أن يهلك الظالمين ببعضهم ويجعل تدميرهم في تدبيرهم وان يهلك تلك المنظمات التي تدعي حقوق الإنسان وهي تتسم بالنفاق
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات