بالمطلق اقول ان كثيرين هم السوريون الذين دخلوا بمرض عضال لجهة الناحية الفكرية والانسانية في آن معاً نتيجة نظرتهم للقضية السورية ، فالتحجر هو العنوان الرئيس لهذه النظرة ، وعدم القدرة على النظر بعينين اثنتين في آن للمجازر المرتكبة من هذا او ذاك، مع غياب مطلق للموضوعية في التعاطي مع أي حدث او خبر ...
فالقتل قتل اي كان مرتكبه سيما ان كانت الضحية نفساً بريئة حرم الله قتلها الا بالحق ، القتل الذي لا يميز بين المرتكب المدان وبين مدنيين لاحول لهم ولا قوة ، وهو فعل مدان و جبان ، وجب استنكاره من كل الفرقاء السوريين ، والا سيستمر شلال الدم تدفقاُ ، طالما احتكمنا الى حمأة الجاهلية ونظرنا الى الأحداث بنفس مريضة ، وباستعداد اعمى لأن ننظر الى اننا كسوريين فريقين يجب ان يبقيا متصارعين حتى ينهي احدهما الآخر ...
هذا هو المطلوب حتماً من ( المؤامرة ) التي تحولت بسرعة قياسية الى ( فتنة ) وهذا يؤكد حتماً على وجود اخطاء قاتلة وقعت بها الحكومات المتوالية على السوريين لجهة التعاطي مع ما هو مشكّلاً لبنية عقائدية وفكرية وثقافية و تربوية للشخصية السورية ، وهذا يؤكد السقوط المروع والمريع في قاع الفتنة التي استشرت نتيجة تخلف لطالما تباهينا اننا تجاوزناه وبات اثراً بعد عين من آثار الماضي الذي اعتقدنا انها سحيقة ...
مع بث صورة الطفل الحلبي والتعاطي اللافت معها من كل وسائل الاعلام العالمي وتحرك الاتحاد الاوربي للدعوة الى هدنة وهو يذكرنا هنا اي ( الاتحاد الأوربي ) بتلك العاهرة التي لا تخشى الا بعينيها ، فهم يريدونا ان نعتقد انهم (الأوربيون ) انما صعقوا لرؤية هذه الصورة ، وان لا علم لهم بما يجري في سورية منذ ما يزيد على خمس من السنين ، وربما يريدونا ان نقول ( مساكين مش عارفين ) رغم يقيني ان الصورة ليست بالمأساوية مقارنة بغيرها من صور بالمطلق ، ويصح بالأوربيين هنا مثلنا الشعبي الذي يقول ( يقتلون القتيل ويمشون بجنازته ) ...
لكن من الواضح ان الصورة لم تصور بعفوية ولم تسوق وتروج وتنتشر ايضاً بعفوية فهناك في العالم من يريد الحصول على ما يدفعه للتحرك او الحركة ، لذا كان قد اذن بانتشار هذه الصورة بشكل اكثر من لافت ان لم يكن هو من اذن بتصويرها او صورها بالفعل ...
الكارثي فوق كل ما قلت هو ان بعض الصفحات التي لم يكتب لها الانتشار بذات مستوى الصورة انما عرضت لأطفال ارتقت ارواحهم في قرى ( الفوعة وكفريا ) في ريف ادلب وهي وفق مفردات الحرب السورية وثقافتها القذرة قرى ( شيعية ) وكأننا امام عرضها نجري مقارنة ، او بالأحرى مقامرة ، وان التشفي هو السيد وهو الفيصل والديدن لعلاقة السوريين بعضهم ببعض ....
والمخيف ان من يتبنون هكذا طروحات هم مثقفون سوريون ، واعتقد ان لهم من الوعي ما لا ندعي امتلاكه ، ومع ذلك وقعوا في فخ الفتنة ، او ما أجنح الى تسميته بالكمين التاريخي سورية ولكل السوريين ، وفي النهاية اقسم بالله ان لم نرتق بأنماط تفكيرنا لن يكون اي منا من الناجين.
التعليقات (11)