كيماوي الغوطة..مجزرة بلا دم!

كيماوي الغوطة..مجزرة بلا دم!
تفنن النظام السوري بمساعدة المرتزقة الأجانب من الحرس الثوري وميليشيا"حزب الله"وغيرها في قتل السوريين منذ فجر الثورة المباركة بدءً بالإعدامات الميدانية والتعذيب حتی الموت مروراً باستخدام السكاكين وحرق المواطنين أحياء،

وهذه المجازر لم تعرض معظم مشاهدها علی وسائل الإعلام نظراً لبشاعتها التي لم يكن أحد يتوقعها،

لكن سوريا الأسد تتسع لجميع صور القتل والتعذيب والتنكيل في سبيل الحفاظ علی سلطة انتهت مشروعيتها الزائفة عند أول قطرة دم سفكت عقب اندلاع الثورة،

مجازر القتل الجماعي والحرق والذبح كانت كافية لتحرك جدي من المجتمع الدولي لإنهاء حكم الطاغية المستبد إن كان صادقاً في التعامل بجدية مع مايحدث لكن الواقع أثبت أن المجتمع الدولي لايعدو عن كونه راعياً رئيسياً للمجازر التي ينفذها نظام الأسد وشبيحته في ربوع الوطن السوري،

محزرة الكيماوي الوحشية التي شهدتها غوطة دمشق في21 أغسطس2013 كانت مجزرة نوعية تختلف عما سبقها من حيث الطريقة وأعداد الضحايا,فمن حيث الطريقة أراد بشار أن يثبت أن المجتمع الدولي يقف إلی جانبه خلال المجازر السابقة وأصبح بإمكانه توفير الوقت والجهد المستهلك أثناء جرائمه الماضية بحق السوريين،فاستخدم غاز السارين الكيميائي في قصف المدنيين بغوطة دمشق وكانت التهمة جاهزة لمن يسميهم النظام بالإرهابيين الذي يستحيل عليهم الحصول علی هذه الأسلحة كونها محصورة تحت سيطرة عائلة الأسد،

وكانت هذه التجربة الإجرامية إشارة صريحة للسوريين أن استمرارهم في الثورة سيجعلهم عرضة لمجازر أكثر وحشية،

أما من حيث عدد الضحايا فقد أصبح الرقم 1500 شهيد في يوم واحد ومجزرة واحدة هو الأعلی في سوريا منذ انطلاق الثورة وحتی الآن،

توقع البعض_من معارضة الخارج_ أن الإدارة الإمريكية التي استثنت السلاح الكيميائي من الضوء الأخضر الذي منحته للنظام السوري لاستخدام كل وسائل القتل سيكون موقفها قوياً لكنهم سرعان مااكتشفوا الخديعة التي ظلوا مراهنين عليها طوال الوقت،

ومثلما هو الحال في كل مجزرة ينفذها نيرون دمشق صدرت بيانات الإدانة التي لاجدوی منها ولم تحرك الحكومات العربية ساكناً خاصة وأن حجم الكارثة أكبر من بيان إدانة يذاع عبر وسائل الإعلام،

وبينما كانت أروقة السياسة وأوراق الدبلوماسية تستنجد المجتمع الدولي للتدخل لوضع حد للمذبحة،

كان السوريون منشغلون بتجميع مزيدا من جثث الضحايا من أحياء دوما وزملكا وعربين وعين ترما والمعظمية وغيرها بعد أن استفاقوا فجراً علی مجزرة مروعة لم يشهدوها من قبل،

مجزرة السارين الغاز السام الذي لم يتسبب بنزول قطرة دم واحدة،لكنه انتزع أرواح 1500من المدنيين الأمنين معظمهم من الأطفال والنساء،وتسبب بإصابة الالاف،

استمر السوريون بكل تفانِ وإخلاص في مداوة جرحهم الذي ينزف دون دم،وغامروا بحياتهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بوسائل بسيطة،وكانت الصور القادمة من باحات المشافي الميدانية كافية لإظهار الصدمة التي حلت بالحاضرين وأيضاً المشاهدين،

غاب الدم لكن الدموع كانت حاضرة بغزارة في مشهد اختزل الثورة ومعاناتها والتآمر الواسع عليها،

ويمكن القول أن المجزرة كشفت الحجم الحقيقي لأصدقاء الثورة وأعدائها،

وكان لافتاً اهتمام الغرب بمسألة نزع السلاح الكيميائي السوري ليس لإنه يشكل خطراً علی الشعب بل لإنه يشكل خطراً علی اسرائيل في حال سقط النظام البعثي ،

ونجح الغرب في نزع السلاح الكيميائي من نظام الأسد الذي مافتئ يوماً يتشدق بالشعارات القومية في مسرحية هزلية وضعت النظام في موقف الحاكم الذي يقدم التنازلات لحماية الأرض من أي عدوان خارجي ولو كان ثمن التنازل باهضاً،

وهو موقف يختفي تماماً عند تواجد المحتل الإيراني والروسي علی الأرض لدعم النظام نفسه في حملة الإرهاب ضد الشعب السوري كما يختفي في الجولان أيضاً،

حسابات دولية خطيرة تكشفت حقيقتها عقب مجزرة الكيميائي في غوطة دمشق قبل ثلاثة أعوام،وبينما تحيي سوريا الثورة هذه الذكری المأساوية يكون النظام قد قتل الألاف مابين حدوث المجزرة وبين ذكراها ولايزال كذلك في عالم يشيّع الإنسانية كل يوم إلی مثواها الأخير.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات