فك الارتباط وانعكاسه على الميدان السوري

فك الارتباط وانعكاسه على الميدان السوري
في ربيع2013 رفض أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة قرار البغدادي بحل الجبهة ودمجها في إطار دولة الإسلام في العراق والشام،وأعلن بيعته لتنظيم القاعدة،وهذا الأمر لايعدو عن كونه خطوة تكتيكية كما يری مراقبون جاءت للحفاظ علی تماسك الجبهة وكسب الدعم المعنوي من الشيخ الظواهري باعتبار ان النصرة كانت تتلقی الدعم المادي من البغدادي،باعتبار أن البغدادي كان لايزال تابعاً للظواهري تنظيمياً،

وارتباط النصرة بالقاعدة لم يكن نابعاً عن قناعة تامة بالارتباط بقدر ماكان اجراء مؤقت لمواجهة ظروف مرحلية في حينه،

استمرت النصرة بالتنسيق مع فصائل المعارضة وخاضت معها معارك مشتركة ضد النظام وتنظيم الدولة،وأعلنت تمسكها بالحفاظ علی الثورة السورية،

وكان لافت أيضاً أن النصرة تتمتع بحاضنة قوية في أوساط السوريين منذ تأسيسها،ولذلك كان علی الجبهة الحفاظ علی التأييد الشعبي الذي بدأ بالتناقص مؤخراً،والعمل إزالة العوائق التي تساهم في إيجاد أرضية مناسبة لنمو الخلافات والتجاذبات،ونظراً لتصاعد الضغط الشعبي علی الجبهة لدفعها للتخلي عن القاعدة وجدت الجبهة نفسها مضطرة للحفاظ علی الحاضنة الشعبية،وفي نفس الوقت كانت حريصة للحفاظ علی تماسكها، فارتباط الجبهة بالقاعدة جاء للحفاظ علی قواعدها من الانشقاق والانضمام لتنظيم الدولة،كما أن منحها الضوء الاخضر من الظواهري كان ضرورياً للحفاظ علی قواعدها من التمرد أيضاً،وهو ماجعل النصرة تتريث حتی يأذن الظواهري بذلك،

فكرة فك الارتباط لم تكن وليدة اللحظة وكثيراً ماتردد ذكرها والحديث عنها،وأثيرت الفكرة بشكل ملفت منتصف العام الفائت بعد تواتر انباء عن اتصالات قطرية مع قيادات الجبهة لإقناعهم بضرورة فك الارتباط والانضواء في المشروع الوطني السوري،كان رد الجبهة صريحاً في ذلك الوقت بأنها قادرة علی فك الارتباط في أي وقت بموجب الحرية الممنوحة لها من قبل قيادات القاعدة، لكنها أعلنت أن ذلك غير وارد في تلك المرحلة،

ويبدو أن التدخل العسكري الروسي والتنسيق مؤخراً مع الجانب الامريكي لاستهداف النصرة وتزايد الضغط الشعبي كانت عوامل رئيسية عجلت باتخاذ القرار بعد شد وجذب استمر لعدة أشهر،

اتخذ الجولاني قرار الانفصال بعد التشاور مع قيادات القاعدة وأيضاً قيادات النصرة معلناً تشكيل جبهة جديدة ولاقی الإعلان تأييد شريحة واسعة في صفوف سوريا الثورة،

وبالحديث عن الآثار المترتبة علی قرار فك الارتباط وتشكيل جبهة جديدة باسم فتح الشام،باعتقادي أن الموقف الدولي خصوصاً الغربي لن يتغير كثيراً وإن وجدت بعض الضغوط وقد عبر مسؤولون غربيون أن فك الارتباط لن يلغي تصنيف النصرة علی لائحة الارهاب، وجميعنا يعرف الموقف الامريكي الذي وضع النصرة علی لائحة الإرهاب قبل اعلان ارتباطها بالقاعدة بعامين تقريباً،لكن يمكن القول أن فك الارتباط يخدم بقية الفصائل التي تقاتل جنباً إلی جنب مع النصرة و ينهي المبررات التي يسوقها التحالف الدولي وروسيا في استهداف المواقع المشتركة لهذه الفصائل مع النصرة بدعوی تبعيتها لتنظيم القاعدة،وبالتوازي مع ذلك فإن فك الارتباط بالقاعدة ينهي مبررات استهداف المدنيين في أماكن تواجد النصرة،ويضع التحالف الدولي أمام مسؤولية أخلاقية طالما تنصل منها كثيراً بذريعة قصف مواقع”تابعة للإرهابيين”،وهو ماعبر عنه بيان الجولاني الأخير بالقول ان فك الارتباط جاء”استجابة لنداء أهل الشام لسد ذرائع المجتمع الدولي في قتله للمدنيين بحجة استهداف النصرة”،

وتبرز أهمية قرار فك الارتباط بالقاعدة في الجانب العسكري والميداني علی الأرض،خصوصاً أنها تزامنت مع مسألة حصار حلب،وتراجع الفصائل المقاتلة في أكثر من جبهة،وبالتالي يمكن القول أن الأيام المقبلة ستشهد تنسيقاً غير مسبوقاً في بلورة موقف موحد لفصائل المعارضة وهو ماسينعكس إيجاباً في إحراز تقدم علی الصعيد الميداني واستعادة الكثير ممافقدته علی الأرض، حيث وأن مسألة ارتباط النصرة بالقاعدة شكلت عائقاً كبيراً أمام تشكيل جبهة موحدة لمواجهة قوات النظام والميليشيات الموالية له بالإضافة لتنظيم الدولة وقوات سوريا الديموقراطية التي دخلت بشكل لافت في المشهد العسكري كقوة صاعدة تحظی بدعم روسي امريكي في مواجهة المعارضة ومساندة القوات النظامية،أضف لذلك أن قرار فك الارتباط وإن تأخر كثيراً في نظر البعض الا أنه كان ضرورة ملحة لمواجهة التغير الذي طرأ علی الجغرافيا السورية والواقع العسكري وإعادة الاعتبار لمبادئ الثورة السورية وقبلها الشعب السوري الذي لازال يطالب حتی اللحظة بتوحيد العمل العسكري وتوحيد فصائل المعارضة،

ويمكن القول أن جبهة النصرة سابقاً فتح الشام حالياً اتخذت قرار الارتباط لخدمة مصالحها لكنها اتخذت قررت فك الارتباط لمصلحة الشعب السوري والثورة السورية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات