فرانكشتاين لم يمت

فرانكشتاين لم يمت
فرغت لتوي من قراءة رواية فرانكشتاين رائعة الكاتبة البريطانية ماري شيلي , وتأثرت للغاية بنهايتها المأساوية, وإن كانت هذة هي النهاية الطبيعية في وجهة نظري لمن لا يدرك حدود إمكانياته كإنسان, ويحاول أن يخرق قوانين الطبيعة، ويعتدي على سنن الكون دون أي مراعاة لمعايير الأخلاق و الجمال الذي يفقد الكون كل شئ جميل بفقدهما .

وفرانكشتاين لمن لا يعلم, هي رواية تحكي عن شاب طموح اجتهد في دراسة العلوم و الكيمياء, لكي يحارب الموت، وتفاني في تجاربه و انغمس في معمله حتي استطاع أن يقوم بخلق ما تصور أنه انسان، عن طريق قيامه بتقطيع جثث الموتي، وتكوين جسد من اعضائهم لم ينتبه لبشاعته الا عندما نجح في بعث الحياة فيه، وكان من الواضح أن فرانكشتاين و الي وقت قيامة بكارثته المتمثلة في اختراعه، كان يتصور الانسان ماكينة الا أنها من لحم ودم،  و تناسى أن هذا الانسان يجب أن يكون له أهل ووطن وأحباء وحتى أعداء، حتى يشعر بإنسانيته، وتتطور أحداث الرواية، ليصبح المسخ الذي جني عليه فرانكشتاين بجلبه الي الحياة وهو بهذة البشاعة، وبالا على فرانكشتاين وعائلته واصدقائه لأن هذا المسخ لم يجد من يقبل به فحقد على الجميع، وبالذات على صانعه الأمر الذي دفعه الى الانتقام .

ولكني وبمجرد انتهائي من قراءة هذة الرواية العميقة، أدركت أن فرانكشتاين لم يموت بمجرد نهاية هذة الرواية، وكذلك المسخ الذي أجرم فرانكشتاين، بجلبه الي هذة الحياة، بل أنني أزعم أن فرانكشتاين لم يصبح شخصا واحدا، لكننا نعيش في هذا العالم بين اكثر من فرانكشتاين، ولكن الفارق بينهم وبين فرانكشتاين الرواية، انهم يتفوقوا عليه في البشاعة و الفارق الثاني و الأبرز، أن فرانكشتاين الرواية خلق مسخ من لحم ودم، أما هولاء فمسوخهم من أفكار، ومسوخ الفكر التي تتجلي في الأفكار المشوهة دائما ما تكون اشد خطرا من أقسي الوحوش الضارية .

مسخ فرانكشتاين ولد مشوها ضائعا لأنه تكون من مجموعة من الاجساد الميته التي طال بعضها التعفن، ولم يكن له كيان واحد وهذا هو شأن الأفكار الممسوخة غير الاصيلة .

فرانكشتاين ظن أنه يصنع شيئا عظيما، انه يخلق انسانا، و هو في حقيقة الأمر يصنع كارثة إلا أن ضميره أكثر يقظة من امثاله  صانعي المسوخ الفكرية لأنه اعترف في نهاية الأمر ولو بعد فوات الأوان أنه أجرم، بعكس بعض صانعي المسوخ الفكرية الذين يصممون علي جرائمهم حتي فراش الموت أو مشنقته .

مسخ فرانكشتاين قضي في نهاية الرواية علي صانعه و أنتهي الأمر، أما المسوخ الفكرية فانها قد تقضي في طريقها علي الملايين، انها لا تحتاج الي الانثي  -التي طلبها المسخ في الرواية من صانعه لكي يكف عن ملاحقته -حتي تتكاثر، مسوخ الافكار كأكثر التخيلات رعبا ذاتية التوالد، لا تحتاج إلا أن تدخل الي عقول ناشئة أو جاهلة فتصبح عندها هي الحقائق .

مسخ فرانكشتاين كان واضح القبح لا تخطئه العين، وهذا ما سهل على المجتمع معرفة مدي غرابته عنه، أما مسوخ الافكار ففي الغالب ما تكون جميلة المنظر براقة الصياغة مليئة بالوعود، وهنا تكمن الخطورة فمعظم الافكار التي دمرت العالم وقضت على حياة الملايين، كانت تتم صياغتها في أبهي الصور فنازية هتلر و فاشية موسوليني أبهرت اتباعهما، ومات في فداءا لمسوخهم الفكرية الملايين من زهرة شباب العالم في القرن المنصرم و شيوعية ماو تسي تونج قتلت في طريقها مليون شخص في أقل تقدير ، و بعث سوريا و العراق الذي دمر الدول التي تحكم فيها والمناطق المحيطه به.

كم من فرانكشتاين يعيش في منطقتنا العربية، بل كم فرانكشتاين يجلس على كرسي حكم فيها .

التعليقات (2)

    حكام العالم الإسلامي اختاروا وزراء الأوقاف

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    ودفعوا معاشات المشايخ و اشتروا الكاسيتات للأذان وآلات التسجيل التي تدوّرها ومكبرات الصوت ولكي يتم إذاء المسلمين قينبغي تمييزهم من حيث الملبس ونظراً لأن الشاب المسلم يلبس كغيره من شباب العالم فالحل كان بالإصرار على زي موحّد للحيطة الوا\\ية أمهاتنا وأخواتنا و بناتنا فليسن الحجاب وانبسط إلهنا

    ad

    ·منذ 7 سنوات 7 أشهر
    you got it
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات