ولكن هذا حصل ، والعالم كان يتجه لأول مرة منذ 100 عام لأن يحقق مبدأ أساسي من حقوق الإنسان وهو المساواة ،بعد موجات الفاشية والنازية والشيوعية في بدايات القرن .
حينما أدى الرئيس أوباما القسم أمام عدة مليارات من البشر عبر التلفزيون ، أدمعت عيناي ، مثلي مثل ملايين البشر من شعوب العالم الثالث والشعوب التي تعتقد بأن الغرب ذاته الذي إنتخب أوباما هو الذي يعيق أي تطور وتقدم حضاري لتلك الشعوب ،كما كانت الماكينات الإعلامية تقول .
في ذلك الوقت ومن باب المصادفة قرأت في احدى المواقع الالكترونية نعتاً يمينياً قاسياً لأوباما
مذيلاً بأحد أبيات المتنبي وهو يقول في كافور الاخشيدي أبشع الكلام :
لا تشتري العبد إلا والعصا معه ان العبيد لأنجاس مناكيد
حينها غضبت، و أثارت تلك الكلمات سخطاً كبيراً في داخلي ، تجاه تلك العقلية العربية العنصرية التي تحكم على الناس من أشكالهم وليس بأفعالهم ، طبعاً كان الكاتب المتطرف يستشرف سوءاً من أوباما بعد حصوله السريع وغير المبرر على جائزة نوبل للسلام ، دون أي إنجاز حقيقي له في تحقيق السلام ، وكان من ضمن توقعات الكاتب عدم إيمانه بقدرة أي رئيس أميركي بالمطلق في تحقيق السلام .
والآن وبعد ثمان سنوات عجاف من رئاسة الرئيس باراك أوباما للولايات المتحدة الأميركية ، ذلك المنصب الأشد أهمية في العالم وما يعنيه من تحكم بالعالم وسلامه .وصلت معه أمور وشؤون سوريا والشرق الأوسط والعالم العربي إلى الدرك الأسفل فعلياً ، أكثر من عشرة بلدان في هذه المنطقة تعيش حروباً وجودية طاحنة .أكثر من 12 مليون لاجئ ، مئات ألاف المفقودين وملايين القتلى ، مدن بأكملها أزيلت عن الأرض ، التطرف وصل إلى مستويات قياسية ،وسط صمت أميركي خفي .
كل هذا حصل والعالم ينتظر ذلك الرجل الذي ينحدر من إرث معرفي كبير بالعالم الثالث ، ينتظره لتحقيق سلام ما ، لدرجة مل الإنتظار منه ، و انقلب ذلك الإنتظار إلى مرحلة إنتظار خليفته ، الذي بدأ باللعب على أخطاء إدارته ، إن كان ترامب أو كلينتون ، أخطاء نشرت الارهاب في عموم الأرض ، إضافة الى رفضه لفكرة أن أميركا هي شرطي العالم ، ودفع الدول المتضررة إلى حل أمورها بنفسها ،وخوض حروبها بنفسها ،كل هذا مترافقاً مع اصراره على توقيعه الاتفاق النووي مع ايران دون ردعها، وتركه روسيا بوتين تعربد في اوكرانيا وأوروبا الشرقية ، والفلتان المرعب الحاصل في دول الربيع العربي الدامي .
لم تنتهي القصة هنا ، بل استمر التمادي في الاستخفاف بأوباما ، إلى درجة عدم إرسال الإدارة في الصين الدرج المخصص لطائرته الرئاسية لإستقبال أي طائرة ، واضطرار الطيار الرئاسي إلى استخدام درج الطوارئ لإنزال الرئيس في مطار جوانزو حيث عقدت منذ أيام قمة العشرين ،مع إجبار إدارة أوباما إلى التوضيح بعدما طلب أحد حراسات الرئيس السيسي من جون كيري نائب الرئيس الأميركي وسؤاله عن حمله لهاتف يحتوي على كاميرا وذلك بسبب اجراءات أمنية .وفي اليوم التالي أتت فضيحة جديدة حيث عاجل مساعدو الرئيس أوباما إلى إلغاء لقاء له كان مزمعاً مع الرئيس الفليبيني ، بعد نعت الأخير له بإبن العاهرة .
إن الإنقضاض غير المبرر على الهيبة الأميركية ، لا سبب له إلا الإحساس الجماعي العام في عموم العالم بأن الرئيس أوباما رجل منتهي الصلاحية ،بالإضافة إلى كونه رئيس مهادن ، و غير صدامي ، مكبل بإرث كبير من العنف الذي حاول تفاديه لدرجة أن ذلك العنف نفسه انفجر في كافة أنحاء الأرض ،مخلفاً أضعافاً مضاعفة من الضحايا الذين سجلوا في إدارة الحرب التي كان يديرها الرئيس الذي سبق أوباما ،وعليه فاليمين الأميركي الذي يتربص بعيني ذئب أخطاء أوباما ، ينتظر دونما هوادة أي فرصة لإعادة تلك الهيبة الأميركية ، التي لن تعود ، إلا بعودة الولايات المتحدة إلى مهمة الشرطي العالمي لإطفاء حرائق هذا العالم المضطرب .
كل هذا الاستخفاف لم يكن ليحدث مع الرئيس بوش الإبن الذي وصفه المراقبون بالمجرم، فهل الهيبة الأميركية تعني شن الحروب ، أم أن الأمل الذي بثه وصول أوباما ،كان مجرد اجراء شكلي للحالمين بالعدالة والمساواة و تكافؤ الفرص .
التعليقات (6)