وطنية القضية الكردية بين جدل الفدرالية وتكرار الإساءات

وطنية القضية الكردية بين جدل الفدرالية وتكرار الإساءات
تتصدر الإساءات الصادرة عن بعض شخصيات وأطراف المعارضة السورية سواء اللفظية تارة، والممارساتية تارة أخرى المشهد الكردي عبر تفرعاته السياسة والاجتماعية وحتى المجالس الخاصة، خاصة وأنه ليست المرة الأولى التي تُسيء شخصيات بارزة من المعارضة للوجود الكردي، إساءات تُعيد الإشكالية إلى المربع الأول مجدداً بعد تصريحات مسيئة ومُجحفة عن الكرد.

هذه التصريحات بمثابة الخنجر المسموم في خاصرة الحوار الكردي العربي، فلم يصدف حتى في تاريخ أعتى الأنظمة التي حاربت الكرد على مر العقود أن تصف قواتهم العسكرية بالإرهاب، التوصيف جاء بأبشع التهم لأنبل الجهات على الأقل كردياً ما يتسبب في شرخ وطني، والسوريون بغنى عنه.

عاش الكرد عقوداً من الظلم المزدوج، طرفه الأول مشترك مع عموم السوريين، وطرفه الخاص الإجهاد المستمر في إبعاد تهمة الانفصال والتآمر على العروبة والأمة العربية والقضية العربية والعرب عموماً عن نفسه فكره ومطالبه. لم تلتفت الغالبية الساحقة من المثقفين العرب إلى القضية الكردية كقضية وطنية، وأي مثقف ذاك المتعاطي عن مأساة من جاوره لعقود وقرون؟

في العموم ازدادت قناعة الكرد بحصولهم على حقوقهم القومية دستورياً خاصة إبان دخول الكرد في إقليم كوردستان العراق إلى مفهوم الدولة الكردية ومفهوم الأمة الدولة، خاصة وأن اللبنة الأولى كانت بعد حرب الخليج1991، والثانية تأمين أمريكا لمنطقة حكم ذاتي تطور إلى الفدرالية بعد حرب العراق, وها هم يتوجهون صوب الاستفتاء على الاستقلال.

لعل إنجاز الحقوق الكردية في إقليم كردستان، والمستند على أحقية تاريخية في الحصول على مبتغاهم هو عينه الهاجس والتوجس المتبلور عند شخصيات وتيارات من المعارضة السورية وتوجسها عن الفدرالية.

ولعل مصدر الجدل الحاصل ضمن أروقة المعارضة السورية هو الطرح الفدرالي الكردي ما تسبب في اختلاف الرؤية لمستقبل سوريا، علماً أن الإشكالية لا تكمن في الطرح فقط إنما في التفسير والشرح والفهم بشأنها كنظام حكم، وكحدود، وكمفهوم، وكطبيعة العلاقة القادمة بين المركز والأقاليم أو الإقليم الكردي على الأقل. الإشكالية الثانية لطرح الفدرالية والذي من المرجح أن يكون السبب في تأجيج مشاعر الكراهية وإطلاق التصريحات النارية من منصة الائتلاف أو الهيئة العليا للتفاوض يكمن في النظر إلى الفدرالية ليس كمشروع وطني يحمي البلد من التقسيم، بل كمشروع غربي غريب.

 والأسوأ أنه يُعد مشروعا أمريكيا استيطانيا لتفتيت سوريا, وكأن لسان حال هؤلاء يقول: إن سوريا موحدة وقوية وبحدودها الطبيعية ولا انهيار لمفهوم السيادة الوطنية ولا تقسيمات غير مُعلنة عنها بشكل مباشر،الكرد أنفسهم شركاء في هذا الفهم القاصر للفدرالية، فهم لم يشرحوا بما فيه الكفاية عن الفدرالية التي يرغبون بها ولا عن السبب المباشر وبشكل يُقنع هؤلاء عل الرغم من معرفتهم باستحالة عودة سوريا إلى مركزية مقيتة يتحكم بها فئة معينة وتهيئة الأرضية لخلق حزب حاكم وحيد من جديد. لكن هل يعقل أن يكون مُشتغلو الحقل السياسي والسوسيوثقافي على جهل بمضمون الفدرالية كحل أمثل للمشكلات القومية في الدول المختلطة والمتعددة القوميات. أم أن ثمة خوفا من الطرح أو مجرد قبوله أو حتى سماعه بشكل يزرع الطمأنينة في القلب الكردي.

التفنن والإبداع في تشويه  الكرد ووضاعة تفكيرهم وانحسار همهم في الاشتغال على مصالحهم الخاصة بحجة الاستغلال الكردي للحدث السوري, تصريحات باتت تشكل عبء ثقيل على المجلس الكردي المنضوي في الائتلاف، وأصبحت الأصوات تتعالى وتدفع باتجاه المزيد من الضغط على المجلس للانسحاب من الائتلاف, وهو سؤال الهم السوري ككل: من المستفيد من إبعاد فصيل أساسي – المجلس الكردي- عن المعارضة السورية, خاصة وأن الطرف الأخر من المعادلة الكردية قد حصل على بطاقة عدم عبور نهائي للمعارضة السورية, ومع تكرار المواقف المعادية للكرد سواء بالتصريحات أو التمثيل الكردي ضمن اللجان والهيئات التفاوضية أو الحقوق الكردية ضمن الأوراق السياسية والمشاريع المقدمة لمجتمع الدولي, يشعر الكردي بإعادة صياغة الذهنية القديمة في التعاطي العربي مع القضية الكردية في سوريا.

ووسط التراكمات وتكرار الإساءات للكرد وللقضية الكردية من جهة, والتكرار اللفظي السيء للوصف الوطني لمضمون القضية الكردية في سوريا، يبقى السؤال الأهم عن أية وطنية أو بُعد وطني يتحدث الأخر عن القضية الكردية وسط الركام والحطام المُلحق بالكرد وقضيتهم على يد شركائهم؟

التعليقات (5)

    سوري عربي

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    يبدو ان الاخ يعيش على كوكب اخر واليس الكرد هم من حاربوا الثورة منذ بدايتها واختاروا الوقوف في صف بشار ولم يتركوا فرصة الا وطعنوا الثورة في الظهر واسال صاحبك صالح مسلم زعيم الب كي كي السوري لماذا هجم على تل رفعت والشيخ مقصود ولماذا يسميهم اعلام النظام القوات الرديفة اذا ليس العرب في سوريا من اختاروا عداء الاكراد بل العكس صحيح وما زالت تل ابيض تشهد على جرف ستين قرية عربية واسكن مكانهم اكراد عين العرب

    عواد

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    الاكراد يقاتلون الى جانب النظام

    سوري حر

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    المشكلة الرئيسية بالنسبة لجميع المكونات السورية هي غياب صوت العقل و صوت المعتدلين بالمقارنة مع صوت المتشددين و المتطرفين على جميع الأطراف. بالإضافة لذلك الإعلام بطبيعته يعطي وزن و تغطية أكبر للآراء المتطرفة و الاشكالية من جميع الأطراف لجذب المزيد من المتابعة بغض النظر عن الاضرار.

    عماد مسالخي

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    السيد شفان ابراهيم يخلط الامور عن سابق تصميم و يخطط "للحرد" قبل طلب طلاق الاقلية الكردية في سوريا من سوريتها و وطنيتها السورية !

    غضبان

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    ما يقال في حقكم هو اقل بكثير من امركم
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات