معركة دمشق الكبرى..

معركة دمشق الكبرى..
في الوقت الذي تخوض فيه مدينة حلب العريقة، معارك مدمرة وطاحنة، وتخضع لقصف لم يسجل له مثيل منذ الحرب الثانية الكونية، وفي الزمن الذي خضعت درعا ودير الزور والرقة وحمص وحماة والحسكة فيه إلى معارك دامية ضمن حرب الحرية السورية .. تخوض مدينة دمشق الشقيقة الكبرى للمدن السورية، معركة من نوع آخر، معركة صامتة، أوبالأحرى مكتومة الصوت، قد تكون نتائجها أشد ضراوة وخطراً من نتائج معركة حلب أوحمص، فمدينة دمشق التي لا يزال النظام معتصماً بها، ولا تنفك أسهم الانتقادات الساذجة تطالها، حول عدم انخراطها في الحرب السورية وعدم تحرك شوارعها بالمظاهرات تضامناً مع شقيقاتها الأخرى، تخوض معركة الحفاظ على هويتها التي من الواضح أن المحتل الايراني يريد وبشراسة إيجاد تغيير ديمغرافي واضح يطالها، ويقسم شوارعها وأحيائها بعدد لا متناه من الحواجز ورجال الأمن، دونما هوادة.

تلك المعركة ببساطة مشابهة بالأسلوب لمعارك المدن الأخرى، ولكن الاختلاف يكمن في التفاصيل، فالحصار والتجويع الذي يخضع له سكان أحياء بعينها، لا يختلف عن حصار الوعر وخان الشيح ومضايا وداريا، ولكن هدفه الأعلى ليس تهجير السكان، وانما إجبارهم على بيع ممتلكاهم لسماسرة معتمدين من قبل ما أصبح معروفاً بـ ( المجلس الأعلى السوري الإيراني ) هذا المجلس الذي يرأسه السوري سامر الأسعد، والذي هوالواجهة القانونية في سوريا لرجل الأعمال الايراني رستم قاسمي، الذي يعتبره الكثيرون نظيراً لـ قاسم سليماني ولكن بعالم المال ورجال الأعمال والعقارات وعمليات الاستيراد والتصدير الكبرى التي تقوم بها ايران في العراق وسوريا ولبنان وحتى تركيا، وقاسمي الذي انتقل من عمله كجنرال في الحرس الثوري إلى تأسيس المؤسسة الدولية الكبرى (خاتم الأنبياء) والتي قامت قبل الاتفاق النووي بين ايران والغرب، بعمليات تسهيل تصدير النفط والغاز وعمليات تشبيك شبكات تبييض الأموال بين دول محور المقاومة وبين شركات متناثرة في عدد كبير من دول العالم من بينها بنما وبيلاروسيا والتشيك ونيجيريا وليبيريا وفنزويلا ودول أخرى.

تلك العمليات الكبرى استطاعت انقاذ الاقتصاد الإيراني وبالتالي اقتصاد محور المقاومة من عقوبات محكمة كانت مفروضة على إيران سابقاً ولاتزال مفروضة على النظام السوري وحزب الله،

المعركة الصامتة في مدينة دمشق،تخاض على أكثر من جبهة وعلى أكثر من محور، فبينما حسم المجلس السوري الايراني تقريباً جبهة الست زينب وحجيرة وضواحيها،معلناً تشكيل ضاحية جنوبية في الريف الدمشقي المجاور لضريح السيدة زينب، محدثاً تغييراً ديمغرافياً حقيقياً في المنطقة، لاتزال مناطق مثل جوبر والقابون تخضع لشروط المعركة الحربية منتظرة جلاء غبار القصف،لكن عمليات شراء العقارات والأراضي قائمة على قدم وساق هناك،عن طريق سماسرة سوريين يعملون علانية ويشترون أي متر من أراضي جوبر من أي يائس بائس من  السكان، ممن بحاجة ماسة للمال السريع لاطلاق معتقل أولتأمين سفر أولإطعام عائلة، في حين أعلنت الشركة البدء بما سمته إعادة إعمار مناطق خلف الرازي، التي أطلقوا عليها ( حلم دمشق ) تيمناً بحلم حمص الذي نهبه المحافظ السابق لحمص، فمشروع ( حلم دمشق ) الذي يمتد من حدود داريا وحتى مبنى السفارة الإيرانية الجديد قرب نفق الجامعة،وعلى امتداد أوتوستراد المزة، يعد تجمعاً سكنياً حديثاً يضاف إلى التجمعات المزمع تشكيلها لفصل الأحياء في دمشق مشكلاً امتداد جغرافي للمزة 86 والسومرية، بينما شكل المبنى الجديد لمجمع (المحسنية ) في دمشق القديمة قلعة إيرانية صرفة قسمت المدينة القديم بتدفق هائل للطلاب والمريدين الذين سبغوا المنطقة بالمجمل بطابع غير مألوف بالنسبة للأهالي والجيران، فيما يبقى مصير داريا وقدسيا والمعضمية غامضاً في ظل تهجير الأهالي بالكامل وعدم السماح بعودة أحد إلى تلك الأحياء .

اتخذ المجلس السوري الإيراني لنفسه مقراً في بناء سكر في ساحة الميسات، بينما تتدفق أوراق الملكية المضاعف ثمنها على المجلس ومنه إلى الجنرال قاسمي، عبر قانون يسمح فقط للمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأجنبية التي تحوز على تصريح من الأمن السوري بشراء العقارات، فيما يحظر على جميع الأفراد والمؤسسات العربية والأجنبية تملك أي عقار في عموم سوريا، وما يريده هذا المجلس من شراء هذه العقارات هوتحقيق أمر واقع في رقعة دمشق ومحيطها، يتيح لإيران فعل ما تشاء وبحكم القانون الذي سيفرضه وتوافق عليه وتحميه أية عملية سلام، أوإتفاقية، أوعملية سياسية، ستتم في سوريا بعد الحرب وبرعاية أممية مما سيجعل لها أحقية قانونية في التواجد وحماية مصالح رعاياها ..وهوما يفتح باباً كبيراً للتدخل وإقصاء الأهالي الذين لن يجدوا بعد هدوء الوضع، منازلهم، بل سكاناً جدداً حلومكانهم .

بين الجنرال قاسم سليماني،والجنرال رستم قاسمي هنالك معارك تخاض في المدن السورية، منها ما يدار بالبراميل والصواريخ ومنها ما يدار عن طريق المكاتب العقارية والسماسرة والمستوطنين الجدد،معارك تخوضها المعارضة المسلحة في مدن الشمال، ويخوضها فقراء الشام الذين لم يتبق لهم سوى صكوك ملكية بيوت لطالما سترت عيوبهم وآوتهم في السنوات العجاف .منهم من وهنت عزيمته وباع، ومنهم من آثر الفاقة والمرار، وغادر البلاد تاركاً مصير بيته،الذي أمسى هويته، في مهب الريح .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات