ترامب رئيساً .. لم لا؟

ترامب رئيساً .. لم لا؟
شكل المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات الأمريكية المتحدة دونالد ترامب في الشهور الماضية مادة دسمة للإعلام، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فاضحة من خطبه وتصريحاته، ولإن ساد التهكم والسخرية منه في معظم وسائل الإعلام، إلا أن الرجل بقي بالرغم من ذلك متقدماً بشكل كاسح ففاز بترشيح الحزب الجمهوري، في حين تدل استطلاعات الرأي على تقارب مدهش بينه وبين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بالرغم من الزخم الإعلامي المرافق للأخيرة، والتحذيرات المتكررة من السياسيين والإعلاميين الأمريكيين من خطورة وانعكاسات وصول ترامب للرئاسة.

وبالرغم من غرابة ترامب وخطابه المفاجئ حمل مؤيدوه سواء من الأمريكيين أو من غير الأمريكيين أسباباً مختلفة لتأييده وبعضها يتفوق حتى على آراء ترامب في التطرف والغرابة.

"صليبيون"

ظهر شعار حملة ترامب الانتخابية " اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً" على صدر الصفحة الأولى لصحيفة "صليبيون" التابعة لجماعة "كو كلكس كلان" العنصرية الأمريكية مع مقال يحض مناصري الحركة، ذات التاريخ الأسود، على التصويت لترامب، وبطبيعة الحال سارعت حملة ترامب إلى رفض دعم الجماعة بعبارات قاسية " السيد ترامب وحملته يدينان جميع دعوات الكراهية بكل أشكالها. هذه الصحيفة مقرفة ومواقفها لا تتفق مع مواقف عشرات الملايين من الأمريكيين الموحّدين خلف حملتنا".

وبعيداً عن مدى صدق ترامب في محاولته الابتعاد عن جماعات اليمين المتطرف فخطابه العنصري ووعوده بطرد المهاجرين وإغلاق الحدود الأمريكية بوجههم لا شك يعتمد على تصويت هذه الجماعات له.

لهذه الأسباب

من جهتها حاولت صحيفة "جارديان" تقديم الأسباب التي تدفع ملايين الأمريكيين إلى تأييد ترامب حيث تقول الصحيفة بأن أغلبية مؤيديه هم من الطبقة العاملة البيضاء حيث يرون في ترامب استقلالية كبيرة لأنه يمول حملته بنفسه، وبالتالي فهو غير خاضع لإملاءات أو تعهدات أطلقها لممولين كما يحدث عادة بالانتخابات الأمريكية، كما يستبعد هؤلاء أن تستمر شخصية ترامب وآراؤه بنفس الحدة بعد فوزه حيث أن خطابه الحالي المستفز والأناني هو لأهداف انتخابية ليس إلا، كما يرون في طروحاته الاقتصادية حلولا ناجعة لا سيما اتجاه الضرائب والصفقات التجارية الخارجية ناهيك عن سياسته بما خص المهاجرين وقوانين الهجرة.

ندم على الندم!

من جهة أخرى يرى بعض المحللين أن الأمريكيين ربما يشعرون بالندم على انتخاب أوباما الذي جاء فوزه بسبب الفشل الذريع لسلفه جورج بوش الابن، ويرى أصحاب هذا الرأي أن سياسات بوش الحمقاء أدت لزيادة التوجس والخوف عند الأمريكيين من مغامرات عسكرية فاشلة أخرى، ولكن إدارة أوباما ومبالغتها في الابتعاد عن الفعل الحقيقي والتصدي للتمدد الإيراني والروسي أدى إلى شعور عام في أمريكا بأن التوجس والخوف الذي دفعهم لانتخاب أوباما حمل اليهم الذل ونمواً متسارعاً لعدو يفوق أعداءهم السابقين خطورة، والكلام هنا عن ثلاثي داعش وروسيا وإيران.

فكر شيطاني

ويعتبر الرئيس الروسي "فيلاديمير بوتين" من أبرز مؤيدي ترامب وذهبت الآراء والتحليلات مذاهب عدة ف يتبرير هذا التأييد حيث رأى البعض أن بوتين يؤيد ترامب خوفاً من وصول هيلاري كلينتون التي أظهرت عدوانية واضحة اتجاهه ونية لإيقاف التمدد الروسي الذي استثمر في نقاط ضعف إدارة أوباما ليحتل أجزاء من أوكرانيا وسوريا ويصبح وجود قواته أمراً واقعياً بحيث يتعذر تجاهل دور موسكو.

بينما يذهب بعض المراقبين مذهباً آخر فيرون في تأييد بوتين لترامب فكراً شيطانياً بمعنى من المعاني حيث يعتقد أن وصول ترامب للرئاسة سيكون بداية الأفول للهيمنة الأمريكية التي تفرعنت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي على حساب روسيا.

نتيجتين لا ثالث لهما

بالنسبة للسوريين فتعددت الآراء ما بين اللامبالاة إلى الانحياز لأحد المرشحين وبناء الآمال على وصوله وإن كانت كلينتون قدمت الكثير من الإشارات إلى أن سياستها ستكون متطورة اتجاه سوريا وستواجه التمدد الإيراني والروسي، إلا أن هناك أصواتا أخرى تتساءل عن مدى قدرتها على الانقلاب على تركة أوباما وعلى اتفاقه النووي مع إيران، الذي يعتبره إنجازه الأهم، ويرى البعض أنه قدم مقابله سوريا للإيرانيين. ولكن الآراء تزداد غرابة مع مؤيدي ترامب، فمعظمهم لا يؤيدوه لأنه قد يكون أفضل، بل على العكس من ذلك يرون في تطرف ترامب وشعاره عن إرجاع عظمة أمريكا سيؤدي إلى نتيجتين لا ثالث لهما فإما العودة لصراع واضح وقوي مع روسيا وإيران وإما إلى انحسار أكبر للهيمنة الأمريكية وشيوع الفوضى في العالم. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات