سرايا التوحيد تنقض على الجبل

سرايا التوحيد تنقض على الجبل
لم يكن الاستعراض العسكري الذي قامت به مجموعات شبابية تتبع للوزير السابق اللبناني وئام وهاب،إلا محاولة متأخرة للعمل بمذهب حزب الله ،عن طريق فرض أمر واقع على المكون الشعبي الذي يتبع له الطرفان ،فالحزب الذي غير عبر سراياه العسكرية واقع طائفة كاملة ونقلها من العمل المدني إلى العسكرة ،بل ويقول البعض بأنه اختطفها من المدنيين والسياسيين التقليديين وحتى المفكرين ،واتخذها أسيرة لديه و لدى طموحاته العسكرية.

ذلك الحزب أعطى وهاب الذي يصارع طويلاً وبنهم كبير فكرة عدم قدرته على الوصول إلى زعامة الطائفة الدرزية في لبنان ،حيث هنالك زعيمين تاريخيين سليلين لأسرتين عريقتين في السياسة اللبناني في جبل لبنان والمختارة وخلدة ،لكن وهاب القادم من الشعبوية، والخطابات البعثية وقوة فرض السلاح عبر السابع من أيار و قمع الثورة الخضراء في طهران حتى استعراض القصير العسكري.

 التمعت عيناه حينما شعر بقدرته على فرض أمر واقع ،على الجبل وما أبعد من جبل لبنان، عبر ادعاءات شعبوية  ترامبية بامتياز، تقول بحتمية إعادة الطائفة إلى موقعها المميز بين طوائف لبنان عبر الخوض في الصراع، الذي طالما تجنبه الزعيم وليد جنبلاط ،بداعي حرصه على أبناء حزبه ،ولكن وهاب المقامر والذي يرغب بسلب عقول الشباب المتأجج عنفاً و بروباغاندا بفعل الشحن المخيف الذي يحيط بالمنطقة ،يرغب بفرض نفسه زعيماً بالقوة ليس فقط على موحدي جبل لبنان و إنما على موحدي سوريا الذين ابتعدوا  عن المشاركة في المواجهة الدامية في سوريا ،خطاب وهاب هو نسخة بوتينية تتشدق بنفس المفردات التي يقولها حول ضرورة حماية الروس والعرق السلافي أينما وجدوا ،أو خطاب إيران حول حماية الشيعة أينما ما وجدوا ،متجاوزاً الحدود ومفهوم الدول القطرية ،مؤمناً بوحدة الطائفة وقوتها العابرة للحدود.

فهو بذلك تجاوز الزعامات المحلية اللبنانية في هذه المزايدة و دخل عنوة إلى الجوهر الطائفي للصراع ،مدعياً وجود قاعدة شعبية له في سوريا و لبنان و حتى فلسطين ،وهنا تكمن خطورة خطابه الذي يريد إدماج الطائفة في المعمعة التي يعيشها الشرق الأوسط ،حيث صراع الهويات يتخذ شكلاً مختلفاً تماماً عن الهويات المتعارف عليها طوال القرن الماضي ،وهاهنا وئام وهاب يطالب بحصته من التوزيع الطائفي، مدعياً تمثيله الطائفة بشكلها العسكري وليس بشكلها الفلسفي الذي حاول وليد جنبلاط فرضه عبر محاولته تحييد الطائفة وعدم زجها في مواجهات ليست من حجمها كما ادعى الأخير بنفسه ،وهنا بالتحديد التقط وهاب شرارته في المزايدة ورفع السقف في اللعب على الوتر القبلي الفاشي الذي يخاطب عقول الشباب الصغار ،من قبيل ،(نحن فرسان ومقاتلين و طوال عمرنا كنا نحمل السلاح )الخ من خطاب تحريضي تحفيزي بعيد عن الحكمة وعن السياسة ،متناسياً أن الحاضنة الشعبية الكبرى لجميع الطوائف هم من كان يحيمها طوال قرون ،عبرعقود من التفاهم و التجارة و التعايش وليس عبر خلق ميليشيات عسكرية لمواجهة عدو خلقه هو وحلفاءه بنفسه وأسموه الإرهاب.

إن محاولة عسكرة المجتمع عبر عسكرة طوائفه، لا يفيد إلا بإطالة غير معلومة لحرب نتائجها محسومة، وسباحة عكس تيار التاريخ والجغرافيا و الديمغرافيا ،ولكن ما الهم ما دام القائد هو وهاب و مادام التنظير في طهران ،وللأسف المعركة في سوريا ،حيث الحرب تقاد بالوكالة و حيث الشعب البسيط هو من سيكون وقوداً .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات