"مولود" قاتل السفير الروسي ... أي إرهابي هذا

"مولود" قاتل السفير الروسي ... أي إرهابي هذا
قتل "مولود مرت ألتنطاش" الشرطي التركي البسيط الشاب ذي الاثنين وعشرين ربيعاً، الروسي سفير نظام بوتين، تركيا علقتها على الكيان الموازي واعتبرت الأمر مؤامرة عليها لتضرب أكثر من عصفور بحجر، وروسيا وجدتها فرصة لإذلال الأمريكي وإثبات تفوق بوتين الملاكم المصارع الصياد السياسي المقاتل الفنان الفيلسوف ... والقائمة طويلة، كما وجدتها روسيا فرصة لاتهام الأمريكي بتغذية الإرهاب وفرصة للتغطية على إرهابها في سوريا وزيادة منسوبه بعد "النشوة" التي حصلوا عليها من مجزرة حلب التي ذكرت بوتين بأمجاده الإرهابيةفي غروزني، كما أن الأتراك والروس قرروا نكاية بأمريكا "تعزيز علاقتهم" بعد أن اعتبروها مؤامرة لضرب العلاقة بينهم. 

الغرب صاحب معايير حقوق الإنسان "الانتقائية" سارع للتعاطف مع نظام إرهابي روسي نازعاً الأمر من كل سياقه السياسي المثير للاشمئزاز من قتل وتهجير غير مسبوق في سوريا على يد حكومة القتيل "الإرهابية"، والمكلف بتمثيلها وتنفيذ سياساتها "الإرهابية" والدفاع عنها وترويجها لكن بشكل دبلوماسي باعتبار الإرهاب الدبلوماسي مبرراً.

وزراء الداخلية العرب وجدوها فرصة ليتفقوا هم وأنظمتهم على شيء فسارعوا للتباكي على سفير نظام الإرهاب البوتيني الذي لم يدينوه لما يفعل في سوريا، وكل منهم فسرها بطريقته انسجاما مع أسلوبه في قمع شعبه.

أيضاً ولتعزيز الأساطير السابقة توالت البيانات المشبوهة المصدر لتبني العملية لتصدر ثلاث بيانات انتحلت اسم داعش وجبهة فتح الشام وجماعة غولان والقائمة مستمرة. 

بعض المعارضة السورية "المصنعة" وجدوها مؤامرة على تركيا لاعتبارهم مصالح تركيا دائماً مقدمة على الثورة السورية، وبعض السوريين الرافضين لشرعيي الفصائل الإسلامية تحولوا جميعاً إلى "شرعيين" فيسبوكيين يفتون بالقرآن والحديث بحرمة قتل السفراء المساكين المدنيين في أرض الإسلام (وكان قتلهم خارجها حلال)، وبعض أخر من السوريين وجدوها مؤامرة على صورة الثورة الناصعة بتشويهها بهذا العمل "الإرهابي" وسارعوا للإدانة بأشد العبارات وكأنهم معنيين ومن فعلها سوري، وأخيراً كان هناك سوريين يكرهون كونهم مسلمين أدانوها باعتبارهم مضطرون لتبرئة أنفسهم من تهمة الإرهاب التي وضعهم فيها حظهم العاثر باعتبارهم مسلمين بالولادة فقط انسجاما مع الصورة النمطية التي يرسمها الغرب عن المسلمين.

طبعاً نسي كل هؤلاء أن "مولود" تركي وليس سوريا ولا داعي لوضع السوريين والثورة السورية في دائرة الاتهام وبالتالي الانتقام كما تخطط بعض الأطراف، وستكشف التحقيقات على الأغلب وكما نرجو وكما ثبت حتى لحظة كتابة هذا المقال أنه فعلها منفرداً ولم يجنده تنظيم إرهابي كداعش مستغلاً عاطفته، فقد عبر عن دوافعه بشكل واضح (والتي لا تبرر ما فعل برأيي الشخصي) بأنها رد على الإرهاب الروسي ومجازره في حلب والتي تستحق أن يساق فيها بوتين وكل إدارته العسكرية والسياسية والدبلوماسية إلى محاكم دولية كمجرمي حرب ومنهم سفيره القتيل هذا، فلا داعي لكل هذه الاستخدامات الرخيصة من قبل كل هذه الأطراف للموضوع ولا حاجة للشعور بالذنب من قبل السوريين، فالجريمة ستستمر بحقهم وتبريرها بحجة قتل هذا الروسي عمل إرهابي.

نسي الجميع فجأة أن القتيل الروسي كان جزءاً من نظام إرهابي كان يقول يومياً بتبرير إرهاب رؤساءه ودولته في سوريا وان بلاده حاولت أو مارست الاغتيال السياسي في أراضي الغير لقادة مسلمين وأوروبيين دون أي حساب او إدانة، أما من قتله فكان شاباً بسيطاً لم يبرر إرهاباً بل تصرف رداً على إرهابٍ أكبر بكثير وبما لا يقاس بما فعله "مولود" وفق كل المقاييس، لكن المعايير "الدولية" الانتقائية التي تولد الإرهاب قررت التباكي على الإرهابي الكبير وصب غضبها على "مولود" البسيط الذي تصرف برد فعل على جريمة كبيرة فقرر العالم أنه لا يستحق أن يعامل برأفة كمختل عقلي أو نفسي كما يصف العالم الانتقائي عادة الإرهابيين غير المسلمين، فالإرهاب صفة تطلق على المسلمين "السنة" حصرا الذين لا يستحقون أي تبرير أو رأفة بعد وضعهم في سلة واحدة تخلط المقاومة بإرهاب داعش وأضرابها.

إن كان من قتل هذا الدبلوماسي إرهابياً، فماذا نسمي القتيل  الذي يقاتل من موقعه في دولة إرهابية ارتكبت أفظع الجرائم الإرهابية وآخرها الدماء التي لا تزال "طرية حارة طازجة" لآلاف الحلبيين الشهداء، وماذا عن مئات الآلاف الذين تم تهجيرهم بأبشع الطرق والظروف من حلب والعملية لا زالت تجري بينما كان سفير الإرهاب الروسي يفتتح المعارض الفنية بحس قاتل مرهف يقدر الفن.

مع أن هناك من يرى أن "مولود" أخطأ بفعله لكن لا يميل كثيرون لتسميته إرهابياً، فمع أن ما ذكره من دوافع حقيقية ومحقة لكنها لا تبرر فعله، لكن بالمقابل فإن القتيل ليس طفلاً بريئاً وأفعاله الإرهابية بحكم موقعه ودوافعه الإرهابية لا يمكن تبريرها.

"مولود" شاب لا يفهم لغة السياسة التي تمارسها حكومته ويمارسها العالم ولا يقيم وزناً للأعراف الدولية التي تتباكى على سفير يمثل ويدافع عن سياسة إرهابية روسية بينما يرى نفس هذا العالم أن الحوار والتفاوض والحل السياسي والاعتراف بشرعية من قتلوا مليون سوري وفرارهم بجريمتهم وتثبيت سلطتهم "عملاً سياسياً" مشروعاً بينما ما فعله "مولود" إرهاب يثير اشمئزاز إنسانيتهم "الانتقائية".

"مولود" لم يفهم لماذا يصمت العالم عن قتل وتهجير السوريين "العرب السنة" على يد الروس الذين تباركهم كنيستهم أفعالهم وقتلتهم وصواريخهم علناً ليقتلوا السوريين دون أن يرى العالم في ذلك "إرهاباً مسيحياً" الغير غريب عبر المليء بالدماء والاضطهاد لكل فكر مخالف حتى لو كان مسيحياً والراعي الرسمي لكل غزوات القتل والاحتلال والنهب والتهجير والاضطهاد الصليبية للشرق، كما أنها (الكنيسة) صاحبة العلامة المسجلة في قعر التاريخ لـ "محاكم التفتيش" واستئصال الآخرين من أرضهم وآخر غزواتها في البوسنة بدعم روسي عسكري، وبما يناقض جوهر وتعاليم المسيحية كدين سماوي مثله مثل الإسلام الذي أساء بعض رجال الدين وبعض أتباعه عبر التاريخ له بأفعال لا تمت لجوهره وتعاليمه بصلة، ومثلها أمثلة كثيرة لعقائد كثيرة استخدمت بنفس الطريقة السابقة لكن لم يتم تعميم صفة الإرهاب عليها بهذه الطريقة الخبيثة.

"مولود" لم يفهم لماذا صمت العالم بل شجع وشرعن احتلال العراق ثم سوريا من قبل قوى ظلامية طائفية شيعية تقودها إيران مستخدمة ومستقدمةً كل زبالتها الطائفية "الشيعية" في العالم مرتكبةً أقذر جرائم التهجير والقتل الطائفي دون أن يخطر ببال هذا العالم تصنيف الفكر الذي تروج له علنا بالفكر "الإرهابي"، بل كافئها بإعادة تأهيلها كدولة بكل نظامها ومنظومتها الفكرية الإرهابية الظلامية المتخلفة الغارقة والقائمة على أحقاد  تاريخية تستحضرها بعد أن تحيطها بكم هائل من الأكاذيب ساحبةً خلفها معظم جمهور الشيعة ليصبح الإرهاب والطائفية ديناً بما تعنيه الكلمة من معنى، في الوقت الذي بالكاد تجد داعش وأمثالها أرضاً بين السنة وتبقى منبوذة منهم.

"مولود" نموذج عن شاب تركي بسيط نبيل يحب بلاده ويخلص لها ومستعد للموت من أجلها لكنه لا يفهم البراغماتية السياسية لحكومته ورئيسه، حكومته التي يؤيدها بشكل كبير لكنه قرر الخروج عنها هذه المرة، "مولود" شاب نبيل جداً وفعله صغير جداً كما سيكتشف العالم لاحقاً مقارنة بكل الغاضبين القادمين الذين يخلقهم العالم اليوم وبإنسانيته الانتقائية وسياساته الداعمة للإرهاب "المقبول" المتمثل بالإرهاب الطائفي الروسي والإيراني والأسدي في أكبر عملية قتل وتهجير طائفي عرقي تجري بحق شعب منذ قرون.

"مولود" بطل بنظر معظم الأتراك السنة، ومعظم السوريين العرب السنة، ومعظم المسلمين السنة في العالم، مراد ليس إرهابياً بل بطلاً بنظر مليار شخص في العالم قد لا يبررون ما فعله لكنهم يتفهمون دوافعه دون حاجة لنص شرعي إسلامي استُخدم هذه المرة وللمفارقة السوداوية الكوميدية من قبل معظم "الشرعيين" لإدانة "مولود" لأنه قتل سفيراً معاهداً ذمياً ... والقائمة تطول، فقرر المليار مسلم أن يخرجوا عن رأي حكوماتهم وشرعييهم ونصوصهم الشرعية ومشايخهم ورجال دينهم و"يستفتوا قلبهم" ويحكموا بأن "مولود" ليس إرهابيا بل بطل عند معظمهم، وهنا لا يمكن للعالم أن يعتبر أن آخر الرسالات السماوية وملياراً من أتباعها ممن ينبذون بمعظمهم إرهاب داعش وإضرابها، بأن هؤلاء جميعاً إرهابيين لأنهم لا يرون "مولود" إرهابياً ولا يرون في القتيل الروسي طفلاً بريئاً مع أنهم بمعظمهم لا يؤيدون ما فعله "مولود".

يعرف العالم المنافق أو على الأقل عرف حكوماته التي تعلم وتتواطأ مع الإرهاب الحقيقي الدولي الروسي الإيراني الأسدي، يعلمون حجم الجريمة في سوريا والعراق ولماذا يرى مليار مسلم في "مولود" بطلاً وليس إرهابياً، والكل يعرف دوافعه، بما فيهم من استخدمها بشكل رخيص لمصالحه كما أشرنا في بداية المقال، فـ "مولود" كان واضحاً جداً ويعرف مصيره لذلك قرر أن يقول ما عنده بشكل واضح لا يقبل التأويل بعد رحيله، فبعد أن قتل سفير بوتين طلب من الحضور مغادرة القاعة ولم يحتجزهم كرهائن، كما لم يحاول الهرب وهو يعرف أن الموت ينتظره إن بقي وكما صرح، بل استغل الدقائق الباقية من حياته ليوصل رسالته الواضحة المباشرة التي تسخر بكل ما عداها من تحليلات واستثمار وأكاذيب ودموع تماسيح، وبقي في مكانه ينتظر مصيره ورحيله إلى السماء دون مقاومة تذكر لمن قتلوه.

ولو تركنا فعله الذي لا نؤيده جانباً، فقد قال قبل رحيله كلمات لا يمكن أن يرى فيها عاقلٌ "إرهابا" بل تعبيرٌ إنساني لشخص فيه من النبل ما يكفي العالم حتى لو أخطا السبيل كما رأى البعض، والكل يعرف أن كل كلمة قالها مراد قبل رحيله كانت حقاً، وربما ليس بما فعل بل بما قال اختصر "مولود" القصة وعرف الإرهاب المرحب به دولياً وحدد كيف ينشأ منه الإرهاب المحارب دوليا وكيف سيؤدي ذلك لتفجير للغضب والتطرف رداً على تطرف وإرهابٍ أكبر حين قال بعد إطلاق النار مباشرة وبلغة عربية ثقيلة:

"الله وأكبر، الله وأكبر، نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا"

ثم أضاف بلغته التركية: "لا تنسوا حلب لا تنسوا سوريا ... والله لن تذوقوا الأمن قبل أن تعيشه سوريا ... لن أخرج من القاعة إلا ميتاً"

ثم طلب من الحضور مغادرة القاعة حتى لا يتعرضوا للأذى، فأي إرهابي هذا.

التعليقات (7)

    أبو نضال

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    انك انتقاءي أيضا في تحليلك . انك رأيت إرهاب النظام الروسي و الذي يمثله المقتول لا يشرعن قتله . انك تخجل او تخشى أن تنطقها بأنه يستحق القتل بل أكثر من ذلك . و ما إرهاب داعش الا نقطة في بحر هؤلاء السفلة . طبعا اذا اعتبرنا زورا داعش بما تقوم به إرهابيا

    محمد ابو علي

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    بسم الله الرحمن الرحيم برأيي تصرف مولود نابع من قرار شخصي وهو وان كان شرطيا او ضابط في الشرطة فهو انسان ..... يرى على وسائل الاعلام ما يحدث في العالم من حوله بغص النظر عن التعصب للديني لكن شئنا أم ابينا فان .... المسلمين اليوم هم الذين يذبحون ويهجرون ويسحقون وتدمر بلادهم وبيوتهم هم فقط من شردت اطفالهم هم فقط الذين اركبوا ابناءهم الذين لم يتجاوزوا سن البلوغ في الزوارق .... وارسلوهم الى ماوراء البحار ولو قارنا فعل مولود بعمل شاب صيني أحرق نفسه لرؤيته جرائم اسرائيل

    mohamed chahid from Morocco

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    i am really sorry for writing in english but you have made a big mistake

    ابو محي الدين

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    ان افضل ما نقوله اليوم ان العالم كله يعرف حقيقة الارهاب ومن صنعه اما احفادمحمد صلى الله عليه وسلم فهم هؤلاء الشباب الذين سيحملون راية تحريرالامة الاسلامية من اجراء الغرب والصليبية رحم الله الشهيد مولود واسكنه فسيح جنانه

    نزيه البال

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد هذا اقل ردة فعليقوم بها مؤمن باذن الله سنكون اول الغيث قطر والايام بيننا

    robunhouda1998

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    لكن قيل أ رجل اعمال قام بتقديم منحة دراسية لمولود فاذا كان انه سوف يموت في هذه العملية لما قبل بها من الأصل لقد كان الورقة الرابحة بالنسبة لهم لكي يوجهوا الأنظار اليه وينسوا العالم بأن السفير حي

    robinhouda1998

    ·منذ 7 سنوات 4 أشهر
    أنا اسفة من اجله رحمه الله لن انساه أبدا
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات