ظلت الاحتفالات الشعوب بانتصارات دولها طويلاً مضرب مثل بالأخلاق و المصالحة ،حيث يبدو ،وهذا ما حصل باحتفالات الشعب الأميركي بعيد انتصار الحرب العالمية الثانية ،حيث وضع مباشرة قانون مارشال لإعادة بناء الدول التي تضررت من الحرب والتي كان أهمها ألمانيا الدولة العدوة ،و كذلك إحتفالات الأوستراليين و الكنديين بانتصارات الحرب الكونية الأولى ،الانتصار في هذه الحالة يأخذ منحى أخلاقي وشتان بين الاحتفال وبين الشماتة ،الإحتفال تقوم به الدول التي تزداد قوة بإنتصاراتها ،والشماتة يقوم بها شراذم الحاقدين ممن يمجدون القوة فقط ،والقوة التي تعقب الحرب لا تبني دولاً مطلقاً، الشماتة فعل من لم يدرك أنه هنالك قيم تنهار مع البيوت وأرواح تجف مع الحقول والأنهار .بينما يتبدى الانتصار الحلبي ان جازت تسميته بالانتصار ،مجرداً من الشعب ،انتصار فئة على أخرى ،انتصار يضعف +الدولة ولا يقويها ،من حيث أن المهزوم (افتراضياً ) هو الجزء الآخر من الشعب ،فعن أي بناء دولة ومستقبل تتحدثون ،عن دولة فقدت نصف أولادها بالخذلان ،أم عن شعب بات يشاهد أبناء شعبه من المعسكر الآخر يتراقصون على دماء من فقدهم .
في البدء كانت الثورة فكرة ضد فكرة ،ولكن من يحتفل بأشباه النصر هو اللامنطق على الحرية ،وارهاب الدولة على الأهالي، من انتصر للأبد هو إحباط حلم التغيير في الشرق الأوسط والعالم العربي لعقود على الأقل و تحت رعاية وضمانات روسية ايرانية كاملة ،فهنالك باب مفتوح من روسيا لأي دكتاتور قد يتعرض لمواجهة شعبه ،بأن تقف إلى جانبه حتى لو اضطرت إلى حرق البلد ذاته ،هنالك تمازج بين التحرر الإجتماعي والفاشية، أنتج وحشاً مشوهاً بثلاثة رؤوس ،ولد في حلب ،هذا المبرر للتحرر الاجتماعي الذي يرفعه أنصار النظام على رؤوسهم عالياً سيجعلهم يرتدون أغلى ماركات دور الأزياء العالمية ولكن برؤوس مطأطأة أمام أي حاجز لأي ميليشيا في دمشق ،يقول داريو فو ،المسرحي الايطالي الساخر ،(لقد وصل الخراء في عالمنا المعاصر إلى درجة أنه قد غمر البشر حتى الرقبة ،ومن أجل هذا بالضبط ترى الجميع يرفعون رؤوسهم وذقونهم عالياً حتى لا يصل الخراء إلى أفواههم ).
وعلى هذا المنوال سترى الجميع يحتفل في ساحات النظام وهم مرفوعي الرؤوس، يتقافزون بعيداً عن بحر القذارة الذين وضعوا أنفسهم فيه ،وجروا إليه بلادهم بعد أن ربطوها إلى جنزير دبابة .
سنة 1989 قال الأديب التشيكي فاتسلاف هافل وهو في ظل الاستبداد " يمكنك أن تدوس الأزهار لكنك لن تؤخر الربيع..
التعليقات (1)