ماذا تريد زينب؟

ماذا تريد زينب؟
في مفهوم الولاء، والمقدس والدفاع عنه يكاد البشر يتفقون في عقلهم الجمعي على ذات الأمر مع اختلافات شاسعة وحادة في تعريف وتحديد المقدس وتتفاوت قيمة المقدسات ذاتها في الجماعة الواحدة تبعا لروايات وارتباطات مختلفة بذات الواقعة، وعليه فإن للشيعة مقدسات من بشر يقدسونهم "بتفاوت كبير" كل المسلمين تقريبا، لكن الشيعة اختصوا بالبعض، منهم زينب بنت علي بن أبي طالب (زينب الكبرى)، لهذا العرض سبب هو اللوج لسؤال كبير ماذا تريد زينب البريئة من أفعالهم والمزروعة الآن في عقلية من جاء إلى سوريا يرفع راية تلبية لندائها ليقاتل تحت شعار لبيك! وتحت لواء إيران وحزب الله ونظام الأسد الساعين جميعا إلى قتل السوريين الخارجين على حكم الأسد كطريقة لقمع ثورتهم تغني عن حوارهم أو الاستجابة لمطالبهم.

كل من جاء ليقاتل في سوريا كان تحت ذريعة الدفاع عن العتبات والمقدسات من قبل حزب الله وإيران وبعض العراقيين والأفغان والباكستانيين واليمنيين، يدرك أن البعد الطائفي المذهبي الجامع للجميع، والاتفاق على قمع الثورة كونها بالأغلب الأعم للسوريين السنة، وتعزيز المكانة الإقليمية وما إلى ذلك من أهداف، تفوق بمراحل مفهوم الاستجابة لنداء المقدس الذي يقنع الرعاع السذج من المستخدمين طائفيا لقتل كل من هو سني لدفع الظلم الذي وقع على (زينب الكبرى).

ليس نقاشاً عقائدياً ولا نكراناً لحق أي من البشر أن يقدس ما يريد ومن يريد لكن على أن لا يقتلني وأطفالي ويدمر بيتي وبلدي في طريقه بحثا عن غاياته، وأرى اليوم أن هذا الفعل القائم لا يمثل تلبية لنداء أحد، خاصة بعد أن أضاعت إيران عرابة هذا الدفع العقائدي بوصلتها في ظل التدخل الروسي في الملف بثقل واضح وأجندات مختلفة تماماً عن تلك التي تحملها إيران، فعلا صوتها ألما، وأصبح كل ما قدم في سبيل الوصول للسيطرة على سوريا مهدد بفعل تصرفات الحليف المفترض، وهذا ما أدخل إيران في دوامة كبرى وكشف كثيرا من ضعفها في نقطة القوة التي كانت تحسب لها وهي الأذرع القاتلة الضامنة المنتشرة في كل الإقليم وكشف عجزها عن التحكم والسيطرة المطلقة باستثناء حزب الله لأنها تتكفله تماما وهذا ما تعجز عنه في كثير من الحالات فهي أي طهران لن تستطيع أن تتكفل بكل المليشيات المنتشرة كما تكفلت حزب الله اللبناني خاصة مع الضيق الاقتصادي والغليان الداخلي، لكن يبقى أن روسيا كان لها الأثر الأكبر في خذلان المشروع ولذلك أصبحنا اليوم نسأل جديا ماذا تريد إيران ومن هم فعلا المنادون لبيك يا إيران؟

إيران لا تسعى لأي نوع من التوافقات في سوريا مهما كانت وهذا لا يعني أن روسيا هي الساعية الحقيقية، لكن موسكو فعلا ترى أن عليها أن تنهي الملف وتغلقه كما تريد هي بغض النظر عن الطريقة والتكاليف ما دامت من دم السوريين أو المليشيات الشيعية لا فرق، روسيا غير معنية بأي تغيير ديمغرافي أو نقل سكاني أو تأمين ممرات واصلة بين الشيعة في كل من سوريا والعراق لبنان، روسيا لا تزال تؤمن بالدولة العصاباتية التي تحكمها وتتحكم بمفاصلها الرئيسة عصابة مرتبطة بموسكو بينما لا ترى إيران أي مستقبل لوجودها في ظل وجود دولة من أي نوع ولذلك هي ضد أي طرح حتى ولو كان استسلام الثوار والعودة إلى مظلة بشار الأسد ببساطة لأن ذلك سيفقدها الكثير من فعالية التحكم الميداني وبالتالي التغيير الديمغرافي وربط الأرض جغرافيا، فضلا عن أن توقف القتال لساعة واحدة سيجعلها خارج دائرة الضوء (كما حصل في الاتفاق الروسي التركي) ولذلك حرصت على الدوام على إفشال وخرق وقف إطلاق النار الذي أبرم. باختصار فإن الأولويات مختلفة بين روسيا وإيران حول المستقبل موسكو تفضل حلا سياسيا "مفصلا" على مقاس من تشاء فيما ترى إيران وزمرتها الفعل العسكري هو الضامن الوحيد لتحقيق مشروعها بـ"الهلال الشيعي الإيراني" الذي تعمل عليها من عشرات السنين تحت راية لبيك يا زينب.

الخلاف بين موسكو وطهران حول سوريا اضطراري ومن طرف واحد، لأن إيران هي من تختلف مع روسيا، أما الأخيرة فتتعامل كطرف هو الأقوى فرض نفسه على الملف والأرض ولا يعنيه الخلاف من شركاء صغار لأنهم محكومون بالحاجة إلى موسكو خاصة مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض وهو الذي يرى في موسكو شريكا بينما يعادي إيران بشدة، وهي التي استطاعت الحصول على الاتفاق النووي في عصر باراك أوباما المنتهي، ولا تريد أن تخسر هذا المكسب بالمقابل لا تستطيع المراهنة على موسكو فلا رابط شيعياً معها وهو أساس علاقاتها ولا رابط اقتصادياً، فضلا عن قيمتها كشريك فيما لو أتيح فعلا لموسكو علاقة مميزة مع إدارة ترامب، فهي أي روسيا ستسعى لتمرير مشروعها في سوريا دوليا، وبالتالي إنقاذ الأسد بشكل غير مباشر الذي سيختار بدوره بلا شك الالتصاق بموسكو على حساب طهران ليس لوفائه بل لضعفه ولأن الرابط بإيران مصلحي مؤقت فما دام غريقا سيظل يبحث عن أطواق نجاة لكن إن لاح له في الأفق طوق روسي-أميركي سينقلب على إيران وزمرها وهذا ما تدركه تماما وتحاول اليوم العمل على أساس أن ذلك نافذ، وما الدفع لإفشال الهدنة إلا أحد السبل وما الاستماتة لاحتلال وادي بردى بيدها "حزب الله والمرتزقة" إلا لوصل محيط وريف دمشق بعمق حزب الله في لبنان ليكون لها يد على الأرض في العاصمة وفي الشريط المتخيل من سوريا ولمن لا يتذكر فإن علويي الساحل لفظوا نفوذ إيران بدعوى أنه عقائدي ديني متزمت لصالح نفوذ الروس في الساحل وهذا أيضا تدركه إيران فتوقعوا مزيدا من الخراب الإيراني لأي مسعىً حقيقيا كان أم خلبياً لحقن الدم أو إرساء قواعد جديدة للعبة فهي اليوم ذاتها لا تعرف ماذا تريد سوى أنها تريد أن تبقى.

التعليقات (1)

    ســــــــامي

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    لو قامت زينب من قبرها وكانت لديها القدرة لقطعت رأس الولي المجوسي وأرجل وأيدي حسن زميرة وقطعت رقبة بشار
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات