هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ومزرعة لآل الأسد!

هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ومزرعة لآل الأسد!
لم يستغرق احتلال الجولان المحصنة سوى سويعات قليلة، فكل الذين عاصروا ذلك الحدث المأساوي من جنود وضباط وسياسيين، تحدثوا عن الشبهات، وباحوا بأوامر وصلتهم بعدم القتال، كانت جبهة باردة رغم التضاريس القاسية والصعبة للجولان المحصن طبيعيا، بعضهم ذكر كيف كانت الطائرات الإسرائيلية تعربد في سماء المنطقة جيئة وذهابا، يقول أحد الضباط من الذين خدموا على جبهة الجولان: كان بإمكان الطيران السوري والعراقي مواجهة الطيران الإٍسرائيلي وهو عائد من ضربته لمصر، فارغاً من الوقود تقريباً، وليس بإمكانه القتال، لكن القيادة السورية لم تصدر أوامر بالقتال لجنودها.

لم تكن القنيطرة قد سقطت بعد عندما أمر الخائن حافظ الأسد بإذاعة البيان "رقم 66" في اليوم السادس والأخير من الحرب. يقول البيان الموجه للشعب: "إن القنيطرة سقطت في يد العدو بعد قتال عنيف".

يقول الصهيوني "إيال زيسر" المتخصص في الشأن السوري: "نحن تعودنا دائماً أن تذيع بعض الإذاعات العربية بلاغات عن إنتصارات لم تحصل، البيان هذه المرة كان عن هزيمة لم تحصل بعد".

لقد كانت الجولان ثمناً لجلوس حافظ الأسد على كرسي الحكم، هذا الكرسي الذي كلف سورية غاليا، فمسيرة نصف قرن من حكم "آل وحش" كانت كفيلة بضرب العقيدة وتدمير القيم الاجتماعية وإفساد كل ما هو جميل في الشام، ليتبعوه بدمار فاق كل تصور أو خيال، تهجير للملايين، قتل لمئات الألوف، إنتهاك للحرمات والمحرمات، إعتقال تعذيب إغتصاب، جرائم تذكرنا بهمجية معارك القرون الوسطى، وكأننا أمام محتل مغولي صفوي أو صليبي أوروبي حاقد، إستباح وطننا بعد معارك دامية فأعمل السيف في رقاب الناس. إنه يذكرنا بـ "نيرون" روما!

كل ما فعله آل وحش "الأسد" في سورية يثبت أنه لا إنتماء عندهم لهذا الوطن، ويشي بأنهم غرباء بل أعداء، ويخبر بحقدهم الدفين، ويُنبِئُنا بأن مجرد حكمهم سورية كان بهدف إستعباد مسلمي الشام ومنعهم من النهوض، بل ولجمهم وإذلالهم وإفساد قيمهم، وضرب عقيدتهم وإلباس الدين عليهم، فنشروا الرذيلة ولم يوفروا نوعا من أنواع الفساد إلا وروجوا له وتففننوا في نشره وتعميمه، تماما كما تفننوا في إرتكاب الموبقات من الجرائم. 

وصل حافظ الأسد إلى الحكم، فانسل قومه من معاقلهم كأنهم يأجوج ومأجوج فتح سدها، فإذا هم من كل حدب وصوب ينسلون، تركوا الفلاحة والزراعة والرعي وهاجروا إلى دمشق، درة الشام وجوهرة الشرق وعاصمة من حكم المنطقة من أمم، أقدم عاصمة مأهولة بالسكان منذ آلاف السنين، مدينة بردى والياسمين، كان واضحاً أنه إحتلال، فقد استوطنوا كل منزل وبيت واستولوا عليه، سرقوا مواد البناء من المصانع والمعامل ومعسكرات الجيش، وبنوا المساكن في كل إتجاه، حاصروا دمشق الأسيرة, وكبلوها بعشوائيات جعلوا منها سورا يحمي رأس النظام في قلب المدينة، إنخرطوا في الجيش والشرطة وكل ما أسس من إدارات جيش وأمن وإقتصاد وخدمات، تسلموا مقاليد المؤسسات والوزارات وقطعات الجيش، ووضعوا أيديهم على كل ما حوته سورية من ثروات وكنوز وأينما وجدت، فوق الأرض أو تحتها!

أسسوا جيوشا داخل الجيش سرايا دفاع وصراع وحرس جمهوري وقوات خاصة، وأجهزة أمن عسكري وجوي وسياسي وأمن دولة، كان الرجل يقتل أمام داره فيضيع دمه، وتختطف المرأة أو الفتاة فلا يعرف خاطفها، دمرت حماة، نهب النفط، احتكروا التجارة، نشروا الواسطة والمحسوبية والرشوة،  تسلطوا على فصائل المقاومة الفلسطينية فشرذموها وإستقطبوها وألبوها على بعضها البعض، دخلوا لبنان فعاثوا فيه الخراب وجلبوا منه الفساد، تهريب وزراعة حشيش وتجارة دعاره، حتى إن الأمر وصل حداً أن الخدمة العسكرية او الأمنية في لبنان أصبحت مقابل عشرات ومئات الألوف من الليرات أو شراكة في تجارة التهريب.

مرحلة ثمانينيات القرن الماضي، كانت خير شاهد فقد طالب حافظ الاسد الشعب السوري وعلى لسان رئيس وزرائه السني "عبد الرؤف الكسم" بالتقشف وشد الأحزمة، فتم منع إستيراد الكثير من حوائج الناس تحت عنوان كماليات، فحتى الزيت وبعض أنواع الفاكهة، والعطور والألبسة وحليب الأطفال، منع أو قنن إستيرادها على الشعب، ليتم توفيرها من خلال سوق سوداء يديرها أتباع النظام.

ثم جاءت مرحلة التسعينات وصدر قانون الإستثمار (رقم 10) الذي صدر ليستثمر الاسد وأتباعه أموال الشعب في بناء شركات خاصة تعود مليكتها لآل الأسد ومخلوف وشاليش، فكبرت الشركات وزادت الاستثمارات، وسيطروا على كافة الشركات الخاصة وإحتكروها، فلم يكن المستثمر أو حتى بائع الفلافل يستطيع العمل مالم يشاركه واحد من آل أسد أو أتباعهم.

 

إنفجرت ثورة الشعب السوري وشعر الاسد بالخطر وبات يتعين عليه أن يقدم قرابين ولاء ويبيع أجزاءً من المزرعة "سورية" التي ورثها عن أبيه، فأرسل رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل مفادها "أمن إسرائيل من أمن النظام"، لكن الأمور خرجت عن السيطرة بتحرير الثوار لمساحات شاسعة ومناطق كثيرة وعدد لا يستهان به من المدن والقرى السورية، فما كان منه إلا أن وضع سوريا في مزاد علني، لتشري إيران هذه المرة، فتم الاستيلاء على مناطق بأكملها في دمشق من سوق الحميدية إلى الحمراء وكذلك المنطقة الواقعة خلف مشفى الرازي التي قامت إيران بتجريفها تمهيدا لإقامة مشاريع عليها، وإستمرت بعملية شراء العقارات داخل دمشق القديمة ترغيبا وترهيبا، ومن يمتنع عن البيع من أهالي المنطقة والتجار تحرق ممتلكاتهم، والفاعل "ماس كهربائي". 

مدنٌ وقرى عديدة بيعت لحزب الله ذراع إيران في المنطقة، مثل القصير ومضايا والزبداني ومنطقة القلمون، واليوم يحاول جيش نصر اللات وضع يده على ما اشتراه من أملاك في وادي بردى، لكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد، فعرض المزيد من البضاعة على روسيا، التي إشترت، وتدخل طيرانها يقتل ويدمر.

كان من المفترض أن يكون باسل هو الخليفة والوريث الغير شرعي لسورية، لكنه وبعد موته أو "قتله" قُدِّرَ لأخيه الأصغر بشار أن يكون هو الوريث، قلة هم الذين يعلمون أن هذا المجرم نصف معاق، وأن له أخ معاق، إعاقة خلقية كاملة تم إخفاؤها وكتمُ سِرِّها، إلى أن مات ودفن دونما إعلان أو حداد ومراسم. 

بشّارٌ المعاق هذا نفذ جميع تعليمات أبيه حافظ، وتلقى النصائح من مادلين أولبرايت، ومن كل من وُكِلَ بأمره بعد موت أبيه، وبمرور الوقت إستطاع الاعتماد على نفسه وما ورثه من أجهزة قمع أمنية، فتفوق على عمه وأبيه وأخته وأخيه، وقبيلته التي تؤويه، فبات أحد صناع المجازر العظام، لقد أبهر إجرامه الصهاينة اليهود، فقرروا تنصيبه ملكاً عليهم غير متوج.

فهل عرفتم سبب تمسك إسرائيل ببشار، في الحقيقة إسرائيل ليست متمسكة به لجماله ولا لطوله الفارع أو وإنسانيته وطيب تعامله معهم، "لا" فهذه صفات قد تتوفر في أي رئيس قد يخلفه، هي متمسكة به لأنها وجدت فيه ضالتها الذي ينفذ أهدافها بتدمير الشام الحضارة والتاريخ، وتهجير أهله على يد مجرم "معاق" ودونما إطلاق رصاصة واحدة، وبالتالي فهي غير مسؤولة أمام العالم عن التدمير والقتل الحاصل في سورية، لأنه داخلي يتم بيد سوري وليس يهودي.

الأب باع الجولان لإسرائيل، وسلم بتبعية لواء إسكندرون لتركيا، ثم جاء الإبن المعاق، فباع الساحل للروس من خلال تأجيرهم قاعدة طرطوس البحرية لنصف قرن، ومنحهم حقوق التنقيب عن النفط والغاز براً وبحراً، وسمح لهم بإنشاء القواعد العسكرية كمطار حميميم، ثم باع ما تبقى من البلد بحلها وحلالها لإيران وكل من يقدم له الحماية، فأمريكا وفرنسا وألمانيا، جميعها دول بات لها مطارات وقواعد عسكرية في سورية، حتى وحدات صالح مسلم إستولت على عدة حقول نفطية وأراضٍ تحتوي على مخزونات هائلة من النفط والغاز.

بشار اليوم كما كل رجالات نظام حكمه في سورية من المشمولين بالعقوبات الدولية ومنع السفر، وغير المشمولين، جميعهم محميون من قبل الأوروبيين والاميركيين والإسرائيليين قبل الإيرانيين والروس، وكل ما يدور من أحاديث ومواقف دولية وعنتريات للمعارضة، عن إسقاط النظام، ومحادثات جنيف وأستانا، والتسوية السياسية إنما هي زوبعة في فنجان وذر للرماد في العيون، وهاقد جاءكم ترامب كي يكمل صول المسرحية!

فهل تأكدتم اليوم لماذا لم تسمح الماسونية العالمية المتمثلة بدولة إسرائيل، حتى بإسقاط رأس هرم الحكم في سورية كما فعلت في غيرها من الدول، وهل علمتم سر المقولة الشهيرة التي قالها المعاق ذات يوم "سورية الله حاميها" والمقصود بها: نظام الحكم يحميه "مهندس الكون الأعظم"، فبشار ومن قبله أبوه فارسان من فرسان المعبد وعضوان بارزان في المحفل الماسوني.

مثلما أن آل أسد باعوا الأرض والحجر والماء وحتى السماء في سورية، فإن أصدقاء الشعب السوري باعوا البشر وتاجروا بهم كما بيع العراق وفلسطين من قبل، فهل آل أسد هم من نطمع أن نضع أيدينا بأيديهم؟ وبعد كل ما فعلوه بنا؟ لا والله ما يضع يده بيدهم إلا خائن أو عميل أو صاحب مصلحة.

رحم الله شاعرنا الكبر نزار قباني فقد تنبأ بما سيحدث لسورية والسوريين، فكتب قصيدة "عنترة العبسي" التي أقتبسُ منها بعض الأبيات حيث يقول: 

هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ 

يسـكَرُ طوالَ الليل عنـدَ بابهـا، ويجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا 

ويَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا، ويُطلقُ النـارَ على الأشجـار 

والأطفـال، والعيـون، والأثـداء والضفـائر المُعَطّـرَهْ 

هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ!

التعليقات (4)

    Falak

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    لاول مرة بستمتع و بنفس الوقت بخاف وانا اقرأ مقال طويل.. كيف لنا ان نرد بلادنا ان كان المعاق قد باعها و قبض ثمنها؟

    أبو المجد ناصر

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    أن تقبلوا بالرأي الاخر فهذا قمة التحضر والمدنية. لكن أن تكرروا تجربة الجزيرة باحتضان المثقفين الدواعش والقاعديين من أمثال خليل مقداد واسامة الملوحي فهذا عار على اورينت. ادرك ان تعليقاتنا لا تنشر لكنني آمل أن تحملكم على الصواب الذي يخفف معاناة السوريين ويدفع مركب الثورة للامام.

    أحمد ياسين

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    تزعجك كلمة الحق أم أنك تدافع عن الأسد بثياب ثائر

    saeed

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    ولك يا أبو بطيخ ما لقيت غير أورينت تشبح عليها
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات