المناطق الآمنة مرّة أخرى

المناطق الآمنة مرّة أخرى

عاد موضوع إنشاء المناطق الآمنة في سوريا للواجهة منذ بداية حملة ترامب الانتخابية.. ترامب قال أثناء حملته بأنه سيقيم مناطق آمنة بتمويل من دول الخليج.. ويبدو أن سيد البيت الأبيض الجديد عازم على تنفيذ كل وعوده الانتخابية، كما هو واضح من عدد القرارات التي وقعها في أول يوم لجلوسه على كرسي الرئاسة.

موضوع المناطق الآمنة طرح منذ عام ٢٠١٢ كحاجة لأماكن تجمع المدنيين الهاربين من آلة القتل الأسدية، ولوقف تدفقهم لدول الجوار ومنها إلى أوروبا الخائفة من كثرة القادمين إليها.. تركيا تصدرت الدول التي طالبت بإنشاء هذه التجمعات وقدمت عدة مشاريع ومقترحات جوبهت كلها برفض إدارة أوباما.. أوباما الذي يتحمل جزء كبير مماحصل في سوريا جراء انكفائه عن التدخل وأيضا منعه حلفاء المعارضة من تقديم الأسلحة، في مقابل سماحه للأسد بمواصلة قتل المدنيين بمختلف الأسلحة ماعدا الكيماوي بعد صفقة سلم بموجبها الأسد الكيماوي مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية.أي أن أوباما قال للأسد صراحة: بإمكانك مواصلة المذبحة.

فرنسا أيضا دعمت المطلب التركي في مرحلة ما، ورأت فيه حلاً ناجعاً لوقف تدفق آلاف اللاجئين إلى القارة العجوز التي بدأت تعاني من مشاكل عدة مؤخراً، أهمها صعود اليمين المتطرف ونبرة العداء للمهاجرين، إصرار الإدارة الأمريكية على موقفها أبعد فكرة إنشاء مناطق آمنة لسنوات من التداول، وكانت أبلغ رسالة لتركيا حين قرر الناتو سحب بطاريات الباتريوت من الحدود التركية السورية، لتترك تركيا وحيدة في مواجة إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية، وإرهاب حزب العمال الكردستاني بفروعه المختلفة، ولاحقاً بمواجهة الدب الروسي الجريح بعد إسقاط طائرة له اخترقت الأجواء التركية.

مساء الأمس اتصل ترامب بالملك سلمان، كانت مكالمة مطولة وجرى التطرق خلالها إلى ضرورة إنشاء مناطق آمنة في سوريا.. تركيا رحبت مسبقاً بعزم ترامب إنشاء تلك المناطق، وهي مؤهلة للعب دور رئيسي في هذا الملف، لوجود حدود طويلة مع سوريا وأيضا لوجود ملايين اللاجئين على أراضيها وبالقرب من حدودها، وبعد أن اصبح لها وجود عسكري مباشر من خلال عملية درع الفرات.

حتى الآن لايوجد آلية واضحة لإنشاء مناطق عازلة-آمنة،هناك عدة مقترحات تتحدث عن مناطق في شمال وجنوب سوريا، الأردن أيضاً سيكون حاضراً في هذا الملف المعقد، عندما نقول مناطق آمنة يعني تدخل عسكري مباشر،لأجل حماية هذه المناطق من اعتداءات محتملة من قبل ماتبقى من قوات الأسد وحلفائه من الميلشيات الإيرانية، وأيضا من التنظيمات الإرهابية. 

تدخل عسكري يبدو معقداً بعد العدوان الروسي واستفراد روسيا بمصير الصراع في وعلى سوريا، روسيا التي ابدت استياء من عزم ترامب إنشاء مناطق آمنة، وفي أول تصريح رسمي قالت إنها لم تستشر في هذا الموضوع، هذا الملف سيكون بمثابة أول اختبار حقيقي للعلاقات بين أمريكا ترامب مع روسيا بوتين.

الصدام سيقع حتماً بسبب اختلاف كبير بين الرؤيتين، فروسيا بعد كل الذي قدمته دعماً للأسد تريد كل شيء في سوريا لها، وأي تعاطي جديد يجب أن يكون من خلالها، في مقابل عدم وضوح رؤية ترامب لكيفية التعاطي مع الملف السوري حتى اللحظة، لكن عزم ترامب انشاء مناطق آمنة يعطي مؤشر مهم على مقاربة مختلفة كلياً للأمريكان عن مقاربة سلفه أوباما.

قوى المعارضة والثورة المختلفة، من مجالس محلية وائتلاف وحكومة مؤقتة مدعوة اليوم لتدارك تقصير كبير سابق في التعاطي مع إدارة المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، اليوم تبدو المناطق الآمنة قريبة جداً، من المحتمل أن تشهد الأشهر الثلاث القادمة انشاء أول منطقة، ترامب مستعجل والخليجيون جاهزون للتمويل، وتركيا بطبيعة الحال أول المرحبين والداعمين للفكرة.. بقي أن نكون نحن جاهزين هذه المرّة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات