نهر "كارون".. شريان العرب المهدد بالموت على يد سلطة الملالي

نهر "كارون".. شريان العرب المهدد بالموت على يد سلطة الملالي
أسبوع كامل عاشه سكان الأهواز العربية منقطعين عن العالم الخارجي، بعد أن قطعت سلطات نظام الملالي الإيراني الكهرباء والماء والهاتف والانترنت، وحتى ساعة اعداد هذا التقرير لم تنته هذه الأزمة في الأهواز، حيث ما يزال السكان العرب هناك يعيشون حالة من الغضب والغليان، بالإضافة إلى المظاهرات المستمرة والتي تطالب نظام الملالي بكف يده عن نهر "كارون" الذي تسبب تجفيفه بتصحر الإقليم العربي، بالإضافة إلى انعدام ماء الشرب لملايين السكان هناك، ولعل أبرز الشعارات التي أطلقها المتظاهرون (بالروح بالدم نفديك يا كارون)، وذلك في تحدٍ واضح لسياسات نظام الملالي في جر مياه النهر من الإقليم العربي إلى الأقاليم الفارسية في الوسط.

تجفيف نهر كارون سياسة ممنهجة لملالي إيران

قضية نهر" كارون" لم تكن وليدة اللحظة ولا ظرف راهن وانما تعود إلى سنوات سابقة شكل فيها النهر محور الحملات الانتخابية التي أطلقها رؤساء الجمهورية المتعاقبين على حكم إيران؛ غير أن أحداً لم يلتزم بعهوده لحل مشكلة نهر "كارون" والتي كان آخرها ما أطلقه رئيس المخابرات السابق والرئيس الحالي بإحياء نهر كارون واستخدام مياه النهر من أجل مياه الشرب وليس إلا، في حين أن الأعمال ما تزال جارية على قدم وساق لقطع الشريان الرئيسي الذي يغذي الأحواز العربية جنوب إيران، من بناء للسدود وجر المياه إلى محافظات أخرى والعديد من المشاريع عديمة النفع والتي تهدف إلى بشكل رئيسي إلى تهجير السكان العرب، وإبدالهم بسكان من بقية الأعراق الإيرانية كالفرس واللور والترك. 

وكثيراً ما تشهد محافظة الأحواز العديد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضد عمليات تغيير مجرى النهر وتجفيفه، ليتخلل تلك الاحتجاجات مصادمات عنيفة بين السكان العرب وعناصر الشرطة الإيرانية بمساعدة ما يعرف بالـ"الباسيج" وهي قوة مدنية مسلحة، وكثيراً ما يرتقي فيها شهداء ويعتقل فيها الشباب العرب لمجرد مطالبتهم بالمحافظة على الشريان الرئيسي الذي يعتاش منه مئات الآلاف من عرب إيران. 

الهدف تهجير السكان العرب

(عزيز.م) وهو باحث عربي في الأحواز يقول لـ"أورينت نت"، إن مظاهرات العرب في الأحواز خرجت لمطالبة النظام الإيراني بكف يده عن هذا النهر وإيقاف بناء السدود أو جر مياهه إلى محافظات أخرى، أو حتى تجفيفه، كونه يشكل المصدر الرئيسي لمياه الشرب لملايين الأحوازيين، الأمر الذي أدى إلى جفاف النهر وما نتج عن هذا التجفيف من كوارث بيئية وإنسانية، مؤكداً على أن المواطنين الأحوازيين "ومن خلال دعوات ومنظمات تعمل في مجال البيئة وحقوق الانسان" باتوا يخرجون للتظاهر على ضفاف النهر مع تشكيل حزام، في محاولة منهم للفت انتباه العالم للمأساة التي يعيشها العرب بسبب تصرفات النظام العنصري الإيراني.

ويؤكد عزيز أن عملية جر نهر كارون إلى محافظات أخرى وتغيير مساره إليها يعتبر سياسة منهجية وعنصرية من قبل حكومات الملالي المتعاقبة، حيث أن عملية جر المياه لا تقتصر على نهر كارون وحسب "وهو أطول نهر في إيران"، وإنما تمتد لتشمل كافة الأنهار الموجودة في الإقليم العربي الذي تحتله إيران منذ أكثر من 90 عاماً، الأمر الذي سيتسبب في تجفيف الأهوار وتهجير السكان العرب من الإقليم، منوهاً بأن أغلب عمليات الإعدام التي تتم بحق الناشطين العرب ناتجة عن محاولتهم إيقاف سحب المياه من الأحواز، بالإضافة لفضحهم مشاريع تغيير البينة الديموغرافية للإقليم العربي ومطالبتهم بالتحدث والتعلم بلغتهم الأم في إقليمهم، مشيراً إلى أن الأحوازيين العرب لن يتنازلوا عن مطالبهم وسيواصلون حركاتهم الاحتجاجية حتى نيل كافة مطالبهم. 

ويروي عزيزي أبرز الممارسات الحكومية فيما يخص جر مياه النهر إلى محافظات الوسط، حيث يؤكد إقدام حكومة الملالي على الإكثار من بناء السدود على نهر كارون أكبر الأنهر في إيران وأغزرها، بالإضافة لحرف مجاري الأنهار في الإقليم العربي وتحويلها إلى مدنٍ أخرى، بالإضافة لحرمان السكان الأصليين من المياه الكافية لري مزروعاتهم، ناهيك عن مصادرة الأراضي العربية لإقامة مشاريع قصب السكر والتي لا تحمل أي جدوى اقتصادية، وأخيراً تهجير العديد من العائلات العربية لبناء مستوطنات وتوطين العاملين في مشاريع قصب السكر ومشاريع النفط والبتروكيماويات من الذين استقدمتهم الحكومة، مع حرمان العرب من العمل في تلك المنشآت المبنية على أراضيهم.

كارون يشعل شرارة المظاهرات

ويرى (حسين.ج) وهو ناشط مدني أن خروج العرب في تلك المظاهرات بات يهدد وجود نظام الملالي في الأحواز، حيث أن المتظاهرين والذين تقدر أعدادهم بالآلاف يطلقون شعارات من شأنها أولاً الحفاظ على النهر، ومن جهة أخرى حث العرب على المطالبة بحقوقهم، منوهاً بأن قوات الأمن وبعد أن شاهدت الأعداد الغفيرة من المتظاهرين أجبرت على العودة إلى مراكزها تحاشياً لتأجيج الرأي العام العربي في الأحواز أو الرأي العام العالمي، خصوصاً وأن تكنولوجيا اليوم سهلت تصوير وإرسال المظاهرات وما يصاحبها من انتهاكات لحقوق الإنسان في الجنوب العربي.

ويؤكد حسين أن مطالب العرب - فيما يخص نهر كارون تحديداً- تتلخص بضرورة إيقاف جر مياه النهر إلى أصفهان والمدن المركزية في ايران، وإيقاف المشروع الذي تتحدث به الحكومة حول نيتها نقل مياه النهر إلى مدينة قم (وسط - شمال)، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد الحلول اللازمة للعواصف الرملية التي نتجت عن تجفيف النهر، إلى جانب إيقاف والحد من بناء السدود على مجرى النهر، وما نتج عنه من جفاف للأهوار وأهمها هوري الفلاحية وهور العظيم، وضرورة إيقاف فتح مجارير شركات البتروكيماويات على مجرى النهر الذي يعد من أهم أسباب تلوث مياه النهر، الأمر الذي نتج عنه أكثر من 20 ألف حالة تسمم بين أبناء المنطقة. 

يشار أخيراً إلى أن أكثر من خمسة ملايين عربي يعيشون في محافظة الأحواز، وجميعهم محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية كالتعلم بلغتهم الأم أو حتى التحدث بها في الدوائر الحكومية، وذلك في خطة ممنهجة للقضاء على المكون العربي في الأحواز، خصوصاً بعد تهجير مئات الآلاف من العائلات العربية وإسكانها في محافظات أصفهان وطهران وشيراز.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات