الأسد ولوبان: معضلة مسيحي لبنان..

الأسد ولوبان: معضلة مسيحي لبنان..
من قلب بيروت أعلنت المرشحة اليمينية لرئاسة الجمهورية الفرنسية ماري لوبان أنها تدعم الرئيس بشار الأسد. هذا التصريح أفظع بما لا يقاس من الموقف المفتعل للوبان حين رفضت ارتداء غطاء الرأس لدى لقائها مفتي الجمهورية اللبنانية..

عادت السيدة الفرنسية الى بلادها وخلفت ورائها ضجة ونقاشا لم ينته بعد ما بين ساخط على زيارتها ومحتجٍ على استقبالها وما بين محتفل بها خصوصا في أوساط تعتقد أن لوبان في حال فازت بالرئاسة الفرنسية ستعيد شيئا من التوازن في القوى الذي افتقده في العقد الأخير مسيحيو لبنان والذين يعانون من ضعف في الحضور والدور جعلهم أسرى معادلات التوازن الاقليمي الاسلامي تحديدا في المنطقة..

صحيح أن بيروت سبق أن استقبلت مفتي النظام السوري واستقبلت موفدين من إيران ومن روسيا وشخصيات عديدة تتجاوز في ارتكاباتها ومواقفها السياسية والأخلاقية السيدة لوبان بكثير، بل إن لبنان نفسه محكوم في قسم كبير من طبقته السياسية بشخصيات واحزاب تحمل مواقفا وآراء تفوق لوبان كراهية وتعصباً. لكن هذا تماما ما يجعل الموقف من النجمة اليمينية الصاعدة في فرنسا معضلة خصوصا لدى شرائح مسيحية مثلت زيارة لوبان لها حنينا إلى ماض وحضور لم يعد متوافرا اليوم. 

مسيحيو لبنان هم عماده التاريخي وهم من أعطوا لهذا البلد معنا وحضورا رغم كل الانتقادات التي يمكن أن تساق. يحلو لنا في لبنان أن نقول إن شخصيات تاريخية وتحديداً مسيحية كان لها مساهمات في رسم هوية أكثر انفتاحا وحرية لبلد صغير لا يملك من القوة العسكرية او النفطية ما يحصنه من محيط أكبر وأقوى. من هنا لربما نتفهم الاحباط الذي يعم أوساطا مسيحية واسعة بعد أن اختزل دورها وحضورها. لكن هذا الدور لن يستعاد من خلال الاحتفاء بلوبان وما تمثله. فالانتعاشة التي حصلت الاسبوع الماضي بدت بمثابة مجاهرة أوساط مسيحية واسعة بأن لا حل لمأزقها السياسي والديمغرافي في لبنان والمنطقة سوى بالتحالف مع هذه السيدة العنصرية المقيتة هي ومن يشبهها في الغرب.

 لوبان تحمل أجندة كارهة للعرب والمسلمين وتدعو لوقف الهجرة والخروج من اليورو وفرض ضرائب على الشركات التي توظف أجانب كما أنها تسعى لسحب الجنسية من حاملي جنسية مزدوجة مع الفرنسية. 

هذه اللوبان خاطبت وجدان الجماعة المسيحية في لبنان بحيث باتت المعادلة أن حماية المسيحيين وضمانة وجودهم هو في شخصيات وقيادات تعادي الاسلام والمسلمين حتى ولوكان شخصا مجرما قاتلا مثل بشار الأسد وشخصية تافهة مثل ماري لوبان. فأي سياسة وأي مستقبل هذا الذي يراهن عليه مسيحيو لبنان اليوم.

أما بالنسبة إلى مرشحي اليمين، فإن زيارة لبنان تكتسب أهميتها لكونه مكاناً مناسباً للاستثمار السياسي المحلي في قضية مسيحيي الشرق، والدفاع عن مصالحهم في مواجهة الإسلاميين المتشددين. هذه مواضيع تلقى رواجاً في فرنسا بعد الأحداث الدامية التي أصابتها في العام 2016.هذا طبعا عدا عن الوضع السوري وقضية اللاجئين السوريين في العالم ولاسيما أن لوبان صاحبة وجهة نظر تتقاطع مع وجهة نظر الرئيس ميشال عون، لناحية عدم استقبال اللاجئين وإجبارهم على العودة إلى بلادهم.

الحقيقة التي لا يرغب اللبنانيون الفرحون بزيارة لوبان هي أن لا هذه السيدة ولا أي زعيم يميني غربي تمكن من تحديد سياسة فعلية لحماية مسيحي الشرق ولا حماية أحد في الحقيقة.  لذا تبدو المراهنة على ماري لوبان خارجة عن سياق التقدم الغربي وانحياز لشراكة مع قيادات كارهة للمهاجرين والعمال ومنحازة للاستبداد. لكن مراجعة تجارب اليمين الممتد في اوروبا واميركا تظهر كم أن الاخفاق حليف لصيق بتلك الافكار.

التعليقات (1)

    MHD Abdulaleem

    ·منذ 7 سنوات شهر
    نعالج النتيجة وننسى ان تطرف الجماعات الاسلامية وعنفها الاجرامي جعل العالم يقف ضد الاسلام وضد كل من ينتمي الى هذه الدول اتي تصدر الارهاب
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات