نموذج الباب مقابل نموذج عين العرب كوباني

نموذج الباب مقابل نموذج عين العرب كوباني
كما توقعنا سابقاً فقد تم تحرير مدينة الباب وطرد تنظيم داعش بشكل تام ونهائي منها، التحرير الذي كان مسألة وقت فقط ليس فى الفترة الأخيرة، وإنما منذ انطلاق عملية درع الفرات كان الأمر أولاً مسألة شهور ثم أسابيع وأضحى أيام بينما كان المبدأ محسوم ولا جدال فيه منذ 24 آب الماضي.

مدينة الباب تم تحريرها بعد معركة استمرت شهرين تقريباً، ولم يتم تدمير المدينة بشكل نهائي ولم يتم إجبار أهلها على مغادرتها ومن غادر سيعود حتماً ومباشرة خلال أيام ليس بعد شهور أو سنين، حيث كان لافتاً إعلان رئيس الأركان التركي الجنرال خلوصي أكار، وبعد ساعات فقط من تحرير المدينة وانتهاء عمليات التمشيط العسكرية والأمنية عن بدء اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين عودة سكّان "الباب" إلى مدينتهم بشكل آمن، وإشارته إلى أنّ القوات المسلحة التركية مع إحكام السيطرة على مركز مدينة الباب، حقّقت أهدافها التي وضعتها منذ بداية عملية درع الفرات، لافتاً إلى أن بلاده تسعى الآن إلى إعادة الحياة في المدينة إلى طبيعتها.

نفس الكلام تقريباً وبشرح أوفى سمعناه من وزير الخارجية مولود شاويش أوغلو الذي تحدث عن عودة 45 ألف مواطن سوري إلى بلادهم منذ تحرير مدينة جرابلس مع انطلاق عملية درع الفرات، ومؤكداً على أن هذا ما سيحدث أيضاً مع الباب وأهلها.

لا يمكن  فهم تحليل معركة الباب دون تذكر أو المقارنة مع معركة عين العرب كوباني التى استمرت 120 يوماً أي أربع إضعاف معركة الباب وتم فيها استخدام قوة نارية جوية هائلة وتقريباً دمرت المدينة بشكل تام، بينما تم تهجير سكانها البالغ عددهم 200000 ألف إلى تركيا ومن عاد منهم وجد مدينته أطلال أو شبه أطلال شيء مماثل يمكن قوله عن معركة منبج التي استمرت 70 يوم، وأيضاً تم فيها استخدام قوة نارية هائلة وتدمير جانب كبير منها.

المقارنة مهمة ليس فقط للتاريخ  وتبيان حقيقة ما جرى في نموذج الباب، ونموذج عين العرب كوباني، وإنما لاستخلاص العبر في المعارك القادمة، وتحديداً معركة الرقة، كما لاستشراف مستقبل الأوضاع في هذه المنطقة غرب وشرق الفرات كما في سوريا بشكل عام.

فى عام 2014 تم استنفار العالم كله من أجل معركة عين العرب وباتت المدينة عنوان لمواجهة داعش وتم من ذاك تضخيم وتهيئة بى كا كا السوري الإرهابي للعب دور مهم فى القضية السورية على قاعدة التغاضي تسليم سورية لإيران والتغاضي عن بقاء النظام بل والتعاون ولو بشكل غير مباشر معه كما مع شبيهته حكومة المنطقة الخضراء في بغداد وإرهابي الحشد الشعبى المتماثل معها، كان الهدف أو المسعى واضح  وتمثل بتجاهل الثورة أهدافها ومعاناة وتضحيات الشعب السوري والتركيز على محاربة داعش والتعاون مع كل من هو مستعد لذلك حصراً وبناء عليه سعت واشنطن جدياً لتهميش الجيش الحر وتركيا المصرين على مواجهة أصل المرض ورفض تسليم المنطقة للغرباء والإرهايين.

 

رغم أن مدينة عين العرب كوبانى صغيرة ورغم استخدام واشنطن لقوة نارية ومدفعية جوية هائلة، ومع رفض بى كا كا السوري إشراك الجيش الحر والبشمركة بشكل جدى-تمت الموافقة بناء على ضغط تركي على مشاركة رمزية فقط لتسويغ دعم بى كا كا وتبرير قيادتها الحصرية - إلا أن المعركة استمرت أربعة اشهر،  وانتهت بتدمير شبه كلى للمدينة مع تهجير أهلها الذى لم يجدوا مكاناً يلجأون إليه سوى تركيا لإيوائهم وتقديم المساعدة العاجلة لهم وتضميد جراحهم، وهى تركيا نفسها الذى يرى بى كا كا في وجودها احتلالاً بينما يتغاضى عن الاحتلالات الفعلية والجدية الروسية والإيرانية وطبعاً يبلع لسانه الطويل تجاه الاحتلال الاسرائيلي للجولان.

 المدينة باتت منسية طبعا ًبعد التحرير ولا أحد يتحدث عن إعادة الاعمار وضخ الحياة والحيوية فى شرايينها والاسوأ من كل ذلك كان تاسيس نظام شمولى استبدادي أحادى شبيه بالدولة المتوحشة أو دولة المسلخ البشرى الأسدية.

أمر مماثل رأيناه فى معركة منبج لجهة الاعتماد على من هو مستعد لقتال داعش فقط دون النظام، ولذلك تم تفويض بى كا كا السوري بقيادة المعركة مع قوة نارية أمريكية هائلة، وحتى وجود لخبراء ومستشارين   أمريكان وأوروبيين على الارض،  ومع ذلك استغرقت المعركة سبعين يوماً مخلفة دمار كبير ضرب المدينة وبعد التحرير شهدنا نفس ما شهدناه فى عين العرب، سيطرة الغرباء والاعتقالات والاستدعاءات الأمنية والتجنيد القسري وفرض العطل على الناس وحتى الاضرابات بالقوة الجبرية، وطبعاً مع تجاهل خطاب التنمية و إعادة النازحين  وإعمار ما دمرته داعش والقوى الإرهابية التى استغلت وجوده لتحقيق أهدافها.

 

غير ان أبشع ما أنتجه نموذج عين العرب كوبانى عوضاً عن استغلال قتال داعش لاستنساخ نظام الاسد تمثل بالسعى لتقسيم سوريا وفرض مناطق أقاليم أو حكم ذاتى ونظم محلية وادارية، دون التوافق مع قوى الثورة والممثليين الحقيقيين للشعب السوري، وجرى التواطؤ مع  بقايا النظام من أجل هزيمة الثورة وبأى ثمن أكان ذلك التقسيم أو حتى حتى بيع البلد كلها كما جرى مع روسيا أمنياً وعسكرياً وجرى ويجرى مع إيران اقتصادياً وأمنياً ايضاً.

نموذج الباب مختلف ومناقض لكل ما سبق، فلم يتم استخدام قوة نارية هائلة حتى لو طال زمن المعركة نسبيا، ولم يكن الهدف هزيمة داعش وبأى ثمن حتى لو كان تدمير المدينة وتهجير ما تبقى من أهلها، ومن قاتل داعش ليس الغرباء بل أهل الباب والمنطقة وأبناء سورية الحقيقيين، وتحرير المدينة لم يتم لخدمة النظام أو لتقسيم البلد وانما من أجل وحدتها وكسر المعادلة  الثلاثية النظام داعش بى كا كا،  ومع التأكيد وبالدم والتضحيات أن ثمة ثوار جديين وجيش سوري حر يقاتل داعش بتصميم وعناد.

 ولكن على قاعدة فكرية سياسية وطنية واضجة لجهة عدم استفادة النظام او تبييض صفحته والإصرار على أنه جذر المشكلة وخالق البيئة الحاضنة لداعش ورفض أى تقسيم أو حكم فيدرالي و نظام إداري يأتى بعيداً عن الإرادة الوطنية الجامعة، والأهم أن تحرير المدينة  يمهد لعودة  النازحين من أبنائها، ومن يريد من  السوريين للإقامة فيها وإحيائها وإعادة عجلة الحياة للدوران فى الجوانب المختلفة الصحية التعليمية الاقتصادية الاجتماعية والمعيشية.

الآن الصراع هو فى الحقيقة بين نموذج الباب ونموذج عين العرب كوبانى، ومع إثبات الجيش الحر جدارته وقدرته على هزيمة داعش، والعناد التركى والدخول العربى القوى على خط القضية السورية، فإن نموذج الباب بات أكثر واقعية وجاذبية، وهو مهيأ للانتصار والتعميم على الرقة والمنطقة بشكل عام، وعلى قاعدة سياسية فكرية واضحة وراسخة، لا تبييض للإرهابيين لا تعويم للنظام لا لتقسيم لسورية، لا لحلول سياسية جزئية أو منقوصة تنال من حق الشعب السوري في السيادة الحرية الكرامة وتقرير المصير.

التعليقات (4)

    كوردي زردشتي

    ·منذ 7 سنوات شهر
    هناك فرق شاسع ما بين تحرير كوباني واحتلال الباب والدليل عدم وجود اي تغطية إعلامية دولية لخبر سقوط الباب واحتلالها من قبل تركيا ومسلحيها السوريين عكس ما جرى في كوباني فكان الانتصار أسطوريا.

    محمد

    ·منذ 7 سنوات شهر
    اخ يتكلم وكأنه في قلب الحدث. ولكن مع الأسف الشديد مافي شي اسمه ثورة ما دام بدكم كل شيء بلون واحد. انا واثق ما ع بتشوف حتى وجهك الحقيقي الي اعطك ربك فكيف بدك تشوف مآسي شعب تعرض للابشع أنواع ظلم من نظام وانت واحد منهم

    مختل عقلي يتكلم

    ·منذ 7 سنوات شهر
    استاذي العزيز اود ان اقول لك هل استخدم داعش ربع الجنود والاسلحة التي استخدمها في كوباني الا تاخذ ذلك بعين الاعتبار تصور ان في كوباني استخدمو اسلحة متطورة جدا لم تكن حتى في حوزة بعض الدول فكفاك خداع نفسك فالطفل اصبح يدرك ما يحدث على الارض

    أبو نضال

    ·منذ 7 سنوات شهر
    عين العرب او الباب او منبج لم تحرر بل هدمت بيتا بيتا و استعملت فيها سياسة الأرض المحروقة و كما يحصل الآن في الموصل . ان القوى المهاجمة على هذه المدن قوى جبانة و لم تحارب كقوى مقاتلة إنما كانت تنتظر القصف الجوي و المدفعي حتى يقوم بالمهمة و من بعدها يقومون بالتقدم . أيا كانت القوى المهاجمة لم تأبه بحبات المدنيين او البنى التحتية للمدن التى يتم الاستيلاء عليها . و لم يسألوا أهل هذه المدن اذا كانوا يريدون الخلاص من يحكمهم و الذي هو الدولة الإسلامية.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات