اللجوء كما نراه في الاعلام!!

اللجوء كما نراه في الاعلام!!
في لبنان هناك بلديات تمنع تجول السوريين في أوقات محددة، ما السبب .. هل هي كراهية بالطبيعة أم أن هناك من غذا مشاعر الخوف الأمني!!

هل هناك حقائق تدفع لمثل هذه القرارات التمييزية ضد مجموعات بعينها أم فقط هواجس جرى تعميمها. ما قيمة هذه الاجراءات حين تقول وزارة الداخلية إن نسبة الجريمة وعدد السجناء في اوساط اللاجئين توازي النسبة عند اللبنانيين.

المعلومات مهمة لأننا نحن في لبنان لا نعرف الحقائق فعلاً. فأصعب ما يمكن أن يواجهنا كمجتمع خصوصاً مجتمعنا المأزوم هو نقص المعلومات الصحيحة، فمن دون معطيات دقيقة سنعجز عن التمييز بين ما هو حقيقي وما هو متخيل ووهمي فنقع في فخ الانفعال والموقف الحاد غير العقلاني. 

الأسبوع الماضي أطلقت النسخة الثانية من دراسة "التصوّرات حول الأمن بين اللاجئين والمجتمع المُضيف في لبنان" في معهد العلوم السياسية في جامعة القدّيس يوسف.

بحسب الدراسة وفي عام 2015، وقعَ 46% من اللاجئين السوريين ضحية الإساءة خلال وجودهم في لبنان. أمّا في 2016، فوقع 50% من اللاجئين ضحية الإساءة. هذه المزاج لها قطبان أساسيان هم السياسة والاعلام. اذ لا شك أن السياسيين  والصحافيين عالقون في دائرة من المواقف المشوشة حيال اللاجئين التي يغلب عليها السلبية والقلق. فهل المشكلة في اللجوء نفسه فقط أم على النقاش أن لا يهرب من البحث في أسباب حدوثه..

هناك سردية غالبة تلوم اللاجئين على نقص الوظائف والسكن وتراجع الوضع الاقتصادي وهناك خوف عبر عنه سياسيون بانتظام وبشكل نافر بشأن ولادات اللاجئين وبأنهم سبب نقص المياه والكهرباء ..هذا الخطاب جعل الرأي العام اللبناني في شرائح واسعة منه يدعم اجراءات قاسية لوقف اللجوء ولمحاولة وسمه بكل الشرور التي يعيشها البلد.. 

نعم لبنان يتحمل فوق طاقته وهو مثقل بأزمات سابقة على وجود اللاجئين. لكن المقاربة التي تهدف إلى شيطنة من هربوا من موت محقق ليس فقط مجحفة ولا انسانية إلا أنها أيضاً قاصرة عن تحقيق الهدف الذي تدعيه وهو حماية لبنان.. أي حماية حين لا تسجل ولادات اللاجئين ويتم تحويل جيل كامل إلى جيل غير شرعي توصد الأبواب في وجهه ما يجعله أمام خيارات قد يكون الجنوح أحدها.. 

ليس جديداً القول إنه عبر الاعلام نتلقى ونتعلم معظم ما نعرفه وما نعتقده بشأن العالم من حولنا وبشأن السياسة وليس عبر التجربة والاحتكاك الشخصي. وفي اعلام اليوم هناك جماعات عديدة تتعرض بشكل منتظم وممنهج للتنميط. المهاجرون والباحثون عن اللجوء السياسي واللاجئون.. هذا يساهم في التمييز ضد تلك المجموعات وهو ينشر شعور بعدم الأمان ضمن السكان المحليين. 

العالم يناقش النتيجة أي اللجوء والهجرة لكن قلة من أهل الاعلام والسياسة تلك التي تبحث في سبب اللجوء كما أن الحياة اليومية القاسية تبقى خارج النقاش فيما يكثر الربط بين اللاجئين والجريمة وهذا ما يعزز الميل نحو تصرف سلبي عدائي.. 

مجدداً فإن قضايا من نوع الاسباب الحقيقية وجذور اللجوء هي غالبا مغيبة. المدهش هو تقارب المعالجة الاعلامية حتى بين الوسائل الاعلامية المتناقضة في التوجه السياسي.

تقول الدارسات إن التعرض للميديا يصوغ طريقة تفكير مجموعة من الناس بشأن الجماعات الأخرى.. وإن لم يكن هناك منظومة قيم ومعايير تضبط المحتوى الاعلامي بشكل مهني من الغالب أن ينزلق الاعلام للعب ورقة الاعراق والوطنية والهوية الضيقة في سياق لعبة كسب الجمهور..

ومعضلة تغطية قضايا اللاجئين مرتبطة أيضاً بعرفين قانونين أولهما حرية الصحافة والتعبير والثاني ضبط خطاب العنصرية والكراهية. هناك نقاش وجدل مزمن بشان الدرجة التي يتوافق فيها هذين الامرين واين لا يتفقان وايهما يتقدم على الآخر..

للأسف فإن الرهاب من اللاجئين والتنميط بحقهم في الاعلام بات أمراً شائعاً وظاهرة تنتشر وتنمو في العالم كله وليس لبنان فقط. لكن هذا الأمر ليس قدرا بل نحن يمكننا رفضه ومواجهته لأن ببساطة هذه السلبية لن تحل المشكلة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات