لكن رغم كل هذا، هناك شيء ما هذه المرة قد يكون مختلفا. أقول "قد" لأن السنوات الماضية علمتنا أن لا نراهن كثيراً، فالعالم اتخذ قراره بشأن سوريا وأعلن أنه لا يملك الرغبة ولا الوسيلة لوقف الجحيم الذي يعيشه السوريون. مع هذا، بدت ردود الفعل حيال المقتلة الأخيرة في خان شيخون وكأنما خرجت عن سياق البلادة التي ميزت السنوات الماضية.
فهل من يقظة ما.
هل بات هناك من يعي أن عالما لا يعاقب فيه قاتل مثل بشار الأسد هو عالم يشرع لأن يصبح القتل روتيناً، وأن ينجو الأسد بأفعاله يعني أن أي نظام مشابه يمكنه أن يفعل الأمر نفسه وهذا تماما ما سبب الانتباهة المتأخرة لما يحصل في سوريا دون أن يعني أن هناك تغييرا كبيرا ونهائيا. إنها لحظة قد يحسن العالم التقاطها لوقف جريمة لا تتوقف على مدار الساعة.
وهنا لا معنى للحديث عن رعبنا ونحن نتابع صور شهقات أطفال ماتوا اختناقا ولا قيمة لدعوات تحث على عقد اجتماعات طارئة للتعبير عن الغضب من تسميم وقتل أطفال سوريا. فلنتوقف عن جمل من نوع "ندين بأقسى العبارات" ولنصمت عن ترداد نفس الكليشيهات عن جريمة لا يمكن تجاهلها لأن وببساطة ستكون إدانتنا جوفاء. جميعنا يعلم ما تفعله الأسلحة السامة بالبشر تماما كما بتنا نعرف ما تفعله البراميل المتفجرة .
من لديه قدرة لينظر إلى الصور ملياً..
ما نعرفه هو أن غاز السارين السام انتشر بعد أن قصفت الطائرات قنابل سامة ونعرف أيضا أن الطائرات عادت وقصفت عيادة كانت تعالج الضحايا. أما لماذا كان الجرحى والقتلى في عيادة وليس في مستشفى فهذا لأن المستشفى الذي يعالج ضحايا الإصابات كان قد قصف بغارة قبل يومين. نعرف كل هذا ونعرف ان ست سنوات طوال قاتلة استمرت في سوريا ولم يحدث شيئ. الحصانة من العقاب ليست مجرد نتيجة بل هي السبب الأساس. لقد أعطت ادارة دونالد ترامب قبل أيام يدا مطلقة للأسد حين قالت إن إطاحة الاسد ليست أولوية لديها لكن يبدو أن القصف الكيماوي قد أجبر ترامب على التراجع والتلويح بمسار آخر دون أن يعني ذلك أنه يمكن المراهنة على ما يمكن أن يفعله فالرئيس الأميركي الحالي شغوف بنفسه وبصورته ومن لم تحركه جرائم السنوات الست الماضية لا يعول عليه بغارة. فغارة التوماهوك على قواعد جوية للنظام وإن كانت ضرورية لكنها لا تزال موضع تساؤل. فهل إن عاد الأسد لقتله التقليدي بالبراميل وبالأسلحة البيضاء كما فعل مرارا فلا يكون حينها قد تجاوز الخطوط الحمراء.
من السهل الإشارة بأصبع اليد وتحميل الإدارة الأميركية السابقة والحالية مسؤولية ترك الأمور لما وصلت اليه لكن الحقيقة أيضا أن لا أحد في العالم معفي من الذنب نفسه.
هل استفاق العالم من كبوته!!
لا نجرؤ على التفاؤل كثيرا فالسنوات الماضية لا تحث على مثل هذا لكن من الواضح أن الجميع بات يدرك أن لا عالم آمن من دون سوريا خالية من نظام الأسد وحلفائه.
التعليقات (2)