التعليم في جنوب دمشق.. تعقيدات وتحديات وظروف صعبة

 التعليم في جنوب دمشق.. تعقيدات وتحديات وظروف صعبة
دخلت مناطق جنوب دمشق عاماً دراسياً جديداً في ظل ظروف عديدة متشابكة، من الحصار المستمر عليها والهدنة القائمة في القسم الأكبر منها، وتنوّع السيطرة العسكرية، الأمر الذي أدّى لتنوّع المرجعية التعليمية وظروف التعليم.  

جهات سياسية مختلفة للملف التعليمي في بلدات (ببيلا، يلدا، بيت سحم)

وعن التعليم في بلدات (ببّيلا، يلدا، بيت سحم) التي تسيطر عليها عدة فصائل ثورية، وتخضع لاتفاق هدنة مع نظام الأسد منذ مطلع عام 2014 يقول مدرس الرياضيات غيث محمد أن المؤسسات التعليمية فيها تنقسم إلى ثلاثة أقسام من ناحية التبعية، مدارس تتبع بشكل مباشر لوزارة التربية لنظام الأسد بحكم الهدنة القائمة في المنطقة والتي كان من ضمن شروطها عودة مؤسسات  "الدولة" بمافيها التعليمية لتمارس عملها في المنطقة، ومدارس ومعاهد تتبع أو تحصل على تمويل مادي من  مؤسسات ثورية، ومدارس مرتبطة بؤسسات أممية كالأونروا، وجميع هذه المؤسسات مجانية باستثناء بعض المعاهد الخاصة التي لا تتبع لأي جهة مما ذُكر، أما من ناحية المناهج الدراسية المُعتمدة فيذكر غيث محمد أن مؤسسات "النظام" والمؤسسات الثورية تشترك بذات المنهاج المُدرّس وهو منهاج "النظام" إلا أن المؤسسات الثورية تلغي تدريس مادة التربية القومية وتحذف الفقرات المتعلقة بالنظام في المواد الأُخرى.

ويُعتبر قلة الدعم المادي للمؤسسات التعليمية الثورية من أكبر العوائق التي تواجهها بحسب محمد ليضرب مثالاً على ذلك بأن معظم هذه المؤسسات لم تستطع توزيع الكتب والقرطاسية على الطلاب بشكل مجاني مما اضطر قسماً كبيراً من أهالي الطلاب لنقل أبنائهم إلى المدارس الأُخرى التي توزّع هذه المستلزمات مجاناً، ويضيف محمد أن من المشاكل الأُخرى التي تواجههم ككوادر تعليمية في المنطقة هو "انقطاع الطلاب عن الدراسة لفترة سنة أو سنتين سابقاً كُلٌ حسب ظروفه، مما أُثّر على مستوى الطالب في حال أكمل تعليمه بدون تعويض مافاته".

ظروف صعبة للقدم انعكست أيضاً على التعليم 

وفي الناحية الأُخرى من جنوب دمشق وتحديداً في حي القدم الذي تتشابه ظروفه مع البلدات الثلاث من ناحية سيطرة فصائل ثورية عليه وخضوعه لاتفاق هدنة مع نظام الأسد منذ أواخر 2014، إلا أن التضييق عليه مضاعف فهو محاصر من طرفي "النظام" وتنظيم "الدولة" مجتمعين في مساحة جغرافية صغيرة نسبياً مقارنة بالبلدات الثلاث، يسرد محمد أبو عمر مدير المكتب التعليمي في الحي الواقع التعليمي فيه قائلاً: "في الحي مدرستان عدد طلابهما يفوق الخمسمئة طالب، في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وتتبع المدرستان إدارياً من ناحية المنهاج الدراسي والشهادات المُقدّمة للطلاب للحكومة السورية المؤقتة، وهذه التبعية متعلقة فقط بمسألة الاعتراف بالشهادات أما فيما يخص التمويل المادي فهناك تقصير كبير جداً من قبل الحكومة في هذه الناحية، فمثلاً اقتصر دعمها للملف التعليمي في الحي في العام الماضي على مسألة التدفئة وبشكل رمزي بسيط، وفي وقت متأخر من العام الدارسي، وهذا العام حتى هذا الأمر لم يتبين لنا حتى الآن إن كنا سنحصله منها أم لا، أما فيما يخص بقية مسلتزمات الطلاب كالكتب والقرطاسية فإن الحصول على تمويل لها يكون عبر مساعدات من أشخاص من الحي أو خارجه وعادة لا تكفي لسد الحاجات".

العدد الإجمالي للكادر التعليمي والإداري والخدمي في الحي واحد وأربعين شخصاً بحسب أبو عمر منهم خريجون جامعيون، وطلبة جامعيون منقطعون عن الدراسة، وحملة شهادات ثانوية، "يعملون بأجور رمزية بسيطة يتم تأمينها عبر مساعدات شخصية في غالبها أيضاً، وأحياناً يعملون بدون مقابل".

تنظيم "الدولة" يفرض فكره، ويضيّق على الرافضين له

أما فيما يخص مناطق سيطرة تنظيم "الدولة" (حي التضامن، مخيم اليرموك، حي الحجر الأسود، حي العسالي) يقول الناشط الإعلامي عمار القدرسي من أبناء مخيم اليرموك أن المنهاج التعليمي الذي يفرضه التنظيم على مدرستيه في حي العسالي، ومخيم اليرموك، يقتصر على أربع مواد فقط هي اللغة العربية، واللغة الإنكليزية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، ويفصل التنظيم بين الذكور والإناث، فلكل منهم دوام مختلف.

أعداد كبيرة من أهالي هذه المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيم رفضت أن يلتحق أطفالها بمدارسه فلجأت إلى المناطق المجاورة، كطلاب ومدرسين، لتكون ردة فعل التنظيم أن أصدر قراراً في تاريخ 27-8-2017 بمنع المدرسين والطلاب القاطنين في مناطق سيطرته من الالتحاق بغير مدارسه، ليتراجع عن قراره بعد مفاوضات أجراها معه وفد مدني من أهالي مخيم اليرموك، إلا أن ممارسات التضييق من قبل التنظيم على الطلاب والمعلمين لم تتوقف حتى الآن بحسب القدسي، الذي أكّد بأن أعداد الطلاب في مدرستي التنظيم حوالي 150 طالب وطالبة فقط حيث يدعي بأن لديه نحو 1500 طالب.

ظروف مختلفة تحيط بآلاف الطلاب في مناطق جنوب دمشق سياسية وعسكرية واقتصادية وحتى أمنية، جعلتهم ينقسمون هم أيضاً كما الانقسام الحاصل فيها، ليكونوا الحلقة الأضعف في هذه المعادلة المعقدة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات