عفرين.. "الطعم" الأمريكي الذي لم يبتلعه الرئيس التركي!

عفرين.. "الطعم" الأمريكي الذي لم يبتلعه الرئيس التركي!
على الرغم من الحشود العسكرية الكبيرة التي دفعت بها أنقرة إلى محافظتي حلب وإدلب، ضمن اتفاق خفض التصعيد، وتصريحات المسؤولين الأتراك عن ضرورة محاصرة "الخطر الكردي" شمال سوريا، و"تسليم عفرين ومنبج إلى أصحابهما"، بحسب كلام الرئيس التركي، إلا أن "التردد" التركي إزاء الشروع في عملية مواجهة ميليشيات PYD المهيمنة على عفرين وما حولها، يثير المزيد من التساؤلات والتكهنات.

بين أردوغان وترمب

بعد أقل من 48 ساعة على انفضاض قمة سوتشي الثلاثية (روسيا وإيران وتركيا) نهاية الشهر الماضي، والتي أعلن إثرها الرئيس التركي "استحواذ" الدول الثلاث على صياغة مستقبل الحل السياسي في سوريا، سارع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، للاتصال بالرئيس التركي، وإجراء مشاورات وصفها الأتراك بـ"البناءة" ولمسوا فيها تغييراً في الموقف الأمريكي من حليفتها التقليدية "أنقرة" واعدين بإيقاف تسليح الميليشيات الكردية، بل وسحب سلاحها الثقيل منها.

الموقف التركي: ترقب وتوجس!

تعامل الأتراك مع "تغير" الموقف الأمريكي "المفاجئ" بعد شهور من "الفتور السياسي" بكثير من "التوجس" و"الترقب" ففي الوقت الذي كانت تصريحات ترمب وجنرالاته تشير إلى تفعيل قرار إيقاف تسليح ميليشيات وحدات الحماية الكردية وقسد، كانت طائرات هيراكليس الأمريكية تحط في القواعد الأمريكية شمال سوريا مزودة تلك الميليشيات بالمزيد من الأسلحة.

خلفيات الموقف الأمريكي

يحاول البيت الأبيض بعد اكتمال عقد تحالف "سوتشي" وإخراج واشنطن من دائرة صنع القرار في الملف السوري، اللعب على "فرط عقد" هذا التحالف من خلال توجيه الضربات السياسية والعسكرية لأضلاع التحالف.

على المستوى التركي، حاول البيت الأبيض "إيهام" الأتراك أن ضوءاً أمريكياً أخضر منح لهم للهجوم على عفرين وميليشيات PYD وأن الأمريكيين لن يتحركوا لدعمهم، وفي الوقت نفسه، توجيه رسالة للأكراد مفادها أنهم تركوا وحيدين في مواجهة الأتراك لحثهم على التمسك أكثر بالغطاء الأمريكي.

"طعم عفرين" لم يهضمه الأتراك، نظراً لامتلاك ميليشيات PYD "ترسانة" من الأسلحة التي تم تزويدهم بها أمريكياً خلال السنوات الماضية، فيما تقتضي السياسة التركية الجديدة السيطرة على الأرض من دون بذل أي قطرة دم، كما هو الحال في نشر قواتهم بمحافظة إدلب، التي كان من المتوقع أن تشهد تصادماً مع "هيئة تحرير الشام"، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث!

"تنبه" تركيا للفخ الأمريكي، استدعى تحركاً أمريكياً عاجلاً لزيادة الضغوط على أنقرة، فتم فتح ملف العقوبات الأمريكية على إيران، وترويج تهمة خرقها من قبل الأتراك عبر رجل الأعمال "رضا زراب".

تضمن الادّعاء الذي قُدّم من قبل القضاء الأمريكي اتهامات موجهة ضد كلٍ من "رضا زرّاب" الحامل لثلاث جنسيات "الإيرانية والتركية والمقدونية"، و"هاكان أتيلا" المدير العام لمصرف "هالك بنك"، ووزير الاقتصاد السابق في حكومة حزب العدالة والتنمية "ظافر تشاغليان" إضافة إلى 6 أسماء أخرى.

وألقى القضاء الأمريكي القبض على "رضا زرّاب" الذي أشارت بعض الادّعاءات إلى أنّه سلّم نفسه إلى القضاء بذهابه إلى أمريكا، على الرغم من أنّ اسمه كان مثاراً للجدل حتى قبل توقيفه، وكذلك على المدير العام لمصرف "هالك بنك" بتهم تتعلق بخرقهما العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران على خلفية مشروعها النووي، من خلال استمرار التبادل التجاري بالعملة الأجنبية الدولار.

الكاتبة التركية" "ناكيهان آلتشي" رأت في مقال لها تحت عنوان "القضاء الأمريكي يتربص بتركيا من خلال قضية زرّاب" أنّ الهدف الأساس من قضية زرّاب هو تضييق الخناق على تركيا وعلى رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان. أما رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ىفقال الشهر المنصرم إن قضية "زرّاب" وصلت إلى حدّ بدأت تؤثر فيه وتضر بالعلاقات الاقتصادية لتركيا مع الدول الخارجية، مشيراً إلى أنّ قضية زراب خرجت من كونها قضية قانونية، لتتحول إلى قضية سياسية بحتة، لافتاً إلى أنّ الهدف منها محاصرة تركيا اقتصاديا.

ورغم أن تقارير المؤسسات الدولية تؤكد نمو الاقتصاد التركي هذا العام بشكل قوي (يتراوح بين 5-7%) إلا أن الهزات السياسية- القضائية التي يفتعلها الحليف الأمريكي "هوت" بالليرة التركية بشكل مخيف خلال الأيام الماضية لتلامس مستويات تاريخية.

في السياق ذاته، يمكن قراءة السجال السياسي الذي اندلع بين زعيم المعارضة التركية كمال قليجيدار أوغلو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول اتهام الأخير بملفات فساد وفتح حسابات مصرفية في الخارج، وتقديم زعيم المعارضة لما زعم أنه وثائق "حصل عليه" فجأة، ضمن سياق الضغوط الأمريكية على حكومة العدالة والتنمية لفض تحالفها مع موسكو، وهو ما أشار إليه الكاتب التركي "كورتولوش تاييز" في صحيفة "أكشام" بالقول إن "الولايات المتحدة تسعى إلى تنفيذ عملية مشابهة لتلك التي جرت في 17 و25 ديسمبر 2013 ضد تركيا باستخدام تنظيم غولن وحزب الشعب الجمهوري" في تذكير بالأحداث التي سبقت الانقلاب الفاشل عام 2016.

ويرى مراقبون أن "طعم عفرين" يشبه إلى حد كبير "فخ الكويت" بالنسبة للنظام العراقي البائد، عندما أغرت واشنطن نظام صدام حسين باجتياح الكويت عام 1990 لتكون عاقبة ذلك تشكيل تحالف دولي تقوده واشنطن "نفسها" لهزيمة النظام العراقي وطرده من الكويت، وبينما تتجه تركيا إلى انتخابات رئاسية عام 2019، تزداد الضغوط الأمريكية على الرئيس التركي وحكومته لفرض "الطاعة" على أنقرة أو مواجهة مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية ونصب مزيد من "الأفخاخ" العسكرية، فهل تحافظ أنقرة على استقلال قرارها السياسي رغم الضغوط الأمريكية، وتعقد (ربما) "مصالحات استراتيجية" جديدة، على غرار العلاقة مع موسكو؟

التعليقات (1)

    حسن

    ·منذ 6 سنوات 5 أشهر
    والله ان حكومة العدالة والتنمية غير صادقة حتى مع نفسها ومن المعروف انه لم يكن هناك اتفاق نووي ايراني مع امريكا والدول الاخرى دون مساعدتهم من قبل هذه الحكومة...يقف المرء حيرانا...عن حقيقة مبدء الاخوان المسلمين..هل هم فقط يفهمون الدين كعاطفة صرفة فقط..بدون تطبيق واقعي...ام هم فقط اتجاه قومي سياسي فقط والدين فقط غطاء..اذا هم مرتزقة فقط
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات